Tarikhak ila al-Ikhlas wa al-Fiqh fi al-Deen
طريقك الى الإخلاص والفقه في الدين
Yayıncı
دار الاندلس الخضراء
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢١هـ/ ٢٠٠١م
Türler
حقيقته، أيضًا، جمْع الهم نحو عبادة الله، ونحو الدار الآخرة مع الصدق في ذلك، فإن القلب لا يملك أن يكون مملوءًا بحب الدنيا وهمّها والتوجه إليها ومملوءًا بحب الله والإقبال عليه وعلى إرادة الدار الآخرة والهم بذلك في آنٍ واحد.
وليس معنى هذا تحريم التفكير في الدنيا وأعمالها، فإن ذلك واجب شرعيّ، ولكنَّ شرطه أن لا يكون على حساب الإقبال على الله والدار الآخرة، بحيث يقطعه عن هذا التوجه. ولا يتم هذا للمرء إلا إذا كانت عمارته للدنيا، وتفكيره فيها، واشتغاله بها، إنما هو مِن أجْل عمارةِ الآخرة وعبادةِ الله تعالى، وفي الحدود الشرعية أيضًا.
وهذا المقياس، من مقاييس الإخلاص، جدُّ مُهِمٌّ وحسّاس، والمرء مفتقر لاستخدامه بصفة مستمرة طوال حياته بحيث يراقب نفسه على مقتضاه، فمتى ما رأى همّه وهواه وشغله بالدنيا على حساب عبادة الله وحبّ الله تعالى عَلِمَ أن إخلاصه لله قد اختلّ أو فُقِدَ، وقد قال الله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ "١"، فليس للإنسان قلبان، ولا يمكن أن تكون زوجته التي يظاهر منها أُمًّا له، ولا يمكن أن يكون الابن الدّعيّ ابنًا في الحقيقة.
فاعلم يا أخي أن لك قلبًا واحدًا فمتى رأيته مال مع الدنيا وانشغل بها، فاعلم أنه لا يسعه أن ينشغل أيضًا في الوقت نفسه بعبادة الله تعالى وبحبه
_________
(١) ٤: الأحزاب: ٣٣.
1 / 14