Uyumluluk Çağı: Arap Ulusu Tarihi (Dördüncü Kısım)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Türler
ثم قال لمسلم بن عقبة: إن حدث بك حدث فاستخلف حصين بن نمير السكوني، وادع القوم ثلاثا فإن هم أجابوك وإلا فقاتلهم، فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا، فما فيها من مال أو رقة أو سلاح أو طعام فهو للجند، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس، وانظر علي بن الحسين فاكفف عنه، واستوص به خيرا، وأدن مجلسه، فإنه لم يدخل في شيء مما دخلوا فيه، وقد أتاني كتابه. وأقبل مسلم بالجيش حتى إذا بلغ الحرة خارج المدينة وعلم المدنيون بذلك، ازداد تضييقهم على الأمويين ، وقالوا: والله لا نترككم حتى تعطونا موثقا أن لا تبغونا غائلة، ولا تدلوا لنا على عورة، ولا تظاهروا علينا عدوا، فأعطوهم الموثق، فأخرجوهم من المدينة حتى أتوا مسلم، وقصوا عليه من أحوال المدينة ما يستعين به على قتال المدنيين. ثم بعث لأهل المدينة يطلب إليهم الخضوع والاستسلام، ويحدد لهم موعدا لثلاثة أيام، فلما انقضت الأيام الثلاثة، وكان ذلك لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة 63ه صاح مسلم قائلا: يا أهل المدينة، قد مضت الأيام الثلاثة فما تصنعون؟ أتسالمون أم تحاربون؟ فقالوا: بل نحارب.
فقال لهم: لا تحاربوا بل ادخلوا في الطاعة، فردوا عليه بشدة، فطلب إلى جماعته أن يحملوا عليهم، فتقاتل الطرفان قتالا شديدا، ودارت رحى القتال على أهل المدينة، فقتل آمرهم عبد الله بن حنظلة الغسيل ثم تفرقوا، وفتحت المدينة فدخلها مسلم، وفتك بأهلها، وأخذ بيعتهم على أنهم خول ليزيد، ومن لم يقبل ضربت عنقه، ثم أباح المدينة ثلاثا كما قال له يزيد، فأسرف هو وجنده في القتل والسلب والنهب، حتى لقب بالمسرف.
10
والحق أن هذه النكبة التي حلت بمدينة الرسول
صلى الله عليه وسلم
لم تكن أقل بكثير من النكبة الحسينية، فقد هلك فيها جمهرة كبيرة من سيوف الإسلام وناشري لوائه، وعدد كبير من أصحاب رسول الله المهاجرين والأنصار، ولو كان الشيخ مسلم بن عقبة على شيء من الحنكة ورجاحة العقل، لأدرك أن قولة يزيد في إباحة المدينة قولة صدرت عن شاب تحمس لبني قرابته، وللشيوخ من الغلطات والسفاهات ما لا يصدر عن أكثر الشبان حماقة وضلالة، وإلا فأي رجل يبيح المدينة الطيبة التي آوت النبي ونصرته، وأعزت دينه ونصرت جنده في ساعة العسرة، وما أشبه عمل مسلم بن عقبة بعمل ذلك المجرم الصهيوني في دير ياسين، حينما أباح القرية وأهلها للسفاحين السفاكين، ففسقوا بالبنات وبقروا بطون الحوامل، ولم يبقوا في القرية طفلا ولا شيخا ولا مريضا، ولا احترموا مسجدا أو جامعا، ولا بيعة ولا كنيسة، خذلهم الله، وشتت جمعهم، وأذل عزتهم.
ولا بد لنا قبل ختام البحث عن نكبة الحرة من أن نتعرض لآراء بعض المستشرقين المهتمين بالتاريخ الإسلامي، والذين بحثوا هذه القصة.
يصور دوزي في كتابه «تاريخ إسبانيا»، وأكوست مولر في كتابه «الإسلام في المشرق والمغرب» هذه القصة بأنها إنما قامت بسبب ثورة الأفكار الجاهلية على الأفكار الإسلامية، وأن أهل الشام كانوا يريدون أن يثأروا من أهل المدينة الذين قتلوا آباءهم يوم بدر، وغيرها من المواقع التي فتك فيها المسلمون بالمشركين، أو هي ثورة الأرستقراطية الجاهلية المشركة على الديمقراطية الإسلامية المؤمنة! إلخ ما هنالك من أقوال وأحكام يصدرها المستشرقون تبعا لأهوائهم، وقلوبهم المريضة المشبعة بكره الإسلام الممتلئة بالحقد والحسد. على أن المستشرق «فلهوزن» يتجرد لتهديم آراء المستشرقين السابقين، ويخطئ أقوالهما ويقول: إن يزيد وأهل الشام إنما قاموا بحركتهم هذه ذودا عن كيان الحكومة الجديدة، وإن المسألة ليست مسألة أحقاد وإحن جاهلية، وإنما هي مسألة مصالح دولية، وإن القضية تدور حول الحكم، ولا علاقة لها بالتشفي والثأر؛ ولا أدل على ذلك من أن يزيد كان يريد السلم ويسعى إليه، وأن قائده مسلم بن عقبة فعل ما فعل وهو مؤمن أنه قام بعمل يرضي الله ورسوله. والحق أن هذه الفتنة إنما كانت ذيادا عن الحكومة الجديدة، وأن يزيد خاف أن تتطور الأمور وتفسد أركان دولته، فلجأ هذا الملجأ. وموقعة الحرة إنما جرت بين طرفين كل واحد يحاول السيطرة على حكم الدولة الإسلامية. (5) نكبة الكعبة
وهذه ثالثة الأثافي، فإن يزيد طلب إلى قائده مسلم بن عقبة بعد أن فعل الأفاعيل بوقعة الحرة، أن يولي المدينة روح بن زنباع الجذامي، ويتوجه إلى مكة والقضاء على حركة عبد الله بن الزبير الذي ثار فيها، وأعلن خلافته على المسلمين، ودعا إلى خلع يزيد، وقد مات مسلم وهو في طريقه إلى مكة، فتولى الجيش الحصين بن نمير، فسار إلى مكة بعد انتهاء موسم سنة 63 ودخلت سنة 64، وجيش يزيد محدق بمكة بقيادة حصين بن نمير السكوني فاشتبك الجمعان، واستمر القتال من آخر المحرم ومدة صفر، وفي أوائل ربيع الأول ضاق الحصين ذرعا بأهل مكة، فأخذ يقذف البيت العتيق بالمجانيق والشاميون يرتجزون بقولهم:
خطارة مثل الفنيق المزبد
Bilinmeyen sayfa