Çözülme Devri: Arap Ulusunun Tarihi (Altıncı Cilt)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Türler
وفي سنة 451ه توجه طغرل بك إلى بغداد فهرب البساسيري منها، وبعث السلطان الإمام أبا بكر أحمد بن محمد المعروف بابن فورك إلى قريش بن بدران يشكره ويستدعي الخليفة، ولما وصل الخليفة إلى النهروان خرج طغرل بك لاستقباله ودخلوا بغداد جميعا في أواخر سنة 451ه، وأنفذ السلطان جيشا لملاحقة البساسيري فأمسك به وقتله شر قتلة، ثم رجع السلطان إلى الري عاصمة ملكه، وأقام فيها نائبا سماه «الشحنة» بعد أن تزوج السلطان بابنة الخليفة ومات بالري في سنة 455ه.
ولما مات خلفه عضد الدولة أبو شجاع ألب أرسلان محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، وكان أميرا حازما عاقلا مدبرا، استعان بالوزير العظيم نظام الملك الطوسي على إدارة دولته، فصدقه نظام الملك في الخدمة وحسنت الدولة في أيامهم، ولما مات ألب أرسلان خلفه جلال الدولة أبو الفتح ملكشاه، ولأوائل حكمه توفي الخليفة القائم في 13 شعبان سنة 467ه.
خلف بعد القائم حفيده أبو القاسم عبد الله بن الذخيرة أبي العباس محمد بن الخليفة القائم ولم يكن للقائم من أعقابه ذكر سواه؛ فإن «الذخيرة» مات أيام أبيه، وكان للذخيرة جارية أرمنية فولدت بعد موت سيدها بستة أشهر غلاما سماه جده عبد الله وولاه عهده وأحسن تربيته ورعايته، فشب قوي النفس، متن الخلق، عظيم الهمة، أحسن إدارة البلاد، ومنع الفتيات المفسدات من البغاء في بغداد، وأشرف على أمور الناس بنفسه، فحسنت الأحوال؛ لأنه كان حسن السيرة، ذا فضل وحزم وعفة وجهاد أيضا، فتوسعت رقعة البلاد في عهده وامتدت من الصين إلى اليمن، ووضع في النواحي التي افتتحها وخطب للخليفة فيها من بلاد الروم خمسين منبرا، وامتد سلطانه إلى سمرقند والمشرق، وما ذلك كله إلا لحسن إدارته وبراعة سياسته واستماعه لإرشادات الوزير الصالح العالم نظام الملك، فلما مات ملكشاه وكان له بنون أربعة: بركياروق، ومحمد، وسنجر، ومحمود، وهو طفل، فطلبت أمه من الخليفة أن يسمي ولدها للسلطنة فأجابها، إلا أن جنود نظام الملك سلطنوا بركياروق، وبعثوا إلى الخليفة تقليد السلطنة فمات فجأة والتقليد بين يديه في 15 محرم سنة 487ه فلم يتم ذلك.
وخلفه ابنه أحمد المستظهر بالله، وكان صالحا عادلا حسن الأخلاق طيب السيرة، وكانت أيامه أيام هدوء وسكينة، لولا فساد السلطان بركياروق؛ إذ لم يكن حسن الإدارة، فاختل أمر السلطنة في عهده، وطمع عمه تتش بن ألب أرسلان صاحب دمشق بالسلطنة، وجرت بين الاثنين معارك، إلى أن مات العم، فصفا الجو لبركياروق واستقامت أموره بإدارة وزيره العاقل مؤيد الملك عبد الله بن نظام الملك وكان حازما عاقلا مدبرا. ولما مات مؤيد الملك عادت الفتن بين بركياروق وأخيه محمد، واتقدت نيران الحرب بين أفراد آل البيت السلجوقي من سنة 492ه إلى سنة 497ه، وفي هذه الفترة تحرك الفرنج لأول مرة مغيرين على المملكة الإسلامية، ثم مات بركياروق سنة 498ه فتسلطن أخوه محمد إلى سنة 511ه، ثم تولى ابنه مغيث الدنيا والدين محمود بن محمد بن ملكشاه ولقبه الخليفة المستظهر «يمين أمير المؤمنين»، وخطب له ببغداد في 13 محرم سنة 512ه، ولم يلبث الخليفة طويلا بعد محمد بن ملكشاه حتى مات في 16 ربيع الآخر سنة 512ه. وفي عهد المستظهر حدثت في الدولة أحداث جليلة في الشرق والغرب، أما الشرق فقد ظهرت فيه الباطنية بشكل رهيب، أما في الغرب فقد بدت فيه بوادر الحروب الصليبية.
ولما مات خلفه ابنه المسترشد بالله أبو منصور الفضل في 16 ربيع الآخر سنة 512ه وكان رجلا فاضلا، وكان سلطان العراق في عهده هو السلطان محمود بن محمد، وكان السلطان سنجر بن ملكشاه ملك خراسان وما وراء النهر وهو زعيم البيت السلجوقي، فلما مات أخوه محمد طلب من الخطباء أن يذكروا محاسن أخيه في خطبهم ويبينوا أعماله في قتال الباطنية، وكان يلقب بناصر الدين فاستبدله بمعز الدين، وعزم على قصد الجبل والعراق، ووقعت عدة معارك بين السلطان محمود وعمه سنجر، ثم بين السلطان وبين أخيه مسعود صاحب الموصل وأذربيجان، وكان الخليفة المسترشد قد استعاد شيئا من نشاط الخلفاء العباسيين الأولين، فقاد بعض الجيوش لمحاربة مخالفيه، مثل دبيس بن صدقة صاحب الحلة، ولكن السلطان مسعود لم يستحسن ذلك الأمر، وأفضى الحال إلى الحرب بينهما، فتقدم الخليفة جيشه لقتال مسعود، ولما كسر جيش الخليفة ووقع الخليفة أسيرا، وبلغت هذه الأخبار السلطان سنجر كتب إلى مسعود يأمره بأن يتلافى الحال ويعتذر إلى الخليفة، ويرده إلى بغداد معززا، وبينما كان يهيئ أمر عودته على أحسن حال، هجم الباطنية على الخليفة فقتلوه في سنة 529ه، ويقال إن الذي دفع إلى قتله هو مسعود (كما في الفخري، ص265).
ولما قتل وبويع ابنه الراشد بالله أبو جعفر المنصور في 27 ذي القعدة سنة 529ه عقب وصول الخبر بموت أبيه، جهز جيشا كثيفا لقتال مسعود، ولكن مسعودا سبقه ودخل بغداد فكف الراشد وهرب إلى الموصل وجمع مسعود العلماء والوجوه وأخذ خطوطهم بالقدح في الراشد، وخلعه ثم إن جماعة من الملاحدة والباطنة قتلوا الراشد في أصفهان.
ولما خلعه مسعود ولى عمه المقتفي لأمر الله أبا عبد الله محمد بن المستظهر في 8 ذي القعدة سنة 530ه، واستمر مسعود في سلطانه إلى أن مات سنة 547ه، وبموته أفل نجم السلاجقة؛ فقد خلفه ابن أخيه ملكشاه بن محمود، ولم يكن ذا سياسة وإدارة، أما الخليفة فإنه لما بلغه موته، طرد شحنة السلجوقية من بغداد، واستولى على داره وجمع الأموال وجيش الجنود وبعثهم فاستولوا على الحلة وواسط، وتقسم الأمراء في الأقاليم أملاك السلجوقيين في «حصن كيفا» و«ماردين» و«دمشق» و«الموصل» و«حلب» و«سنجار» و«الجزيرة» و«إربل»، و«أذربيجان» و«فارس»، و«لورستان»، وقامت في هذه المدن والأقاليم دول أو دويلات متعددة تقسمت أسلاب الدولة السلجوقية التي شادها طغرل بك وألب أرسلان وملكشاه ووزيرهم العظيم نظام الملك الطوسي.
واستمر المقتفي مستقلا بأمر العراق إلى ربيع الأول سنة 555ه حين مات، فخلفه ابنه المستنجد، وكان حسن السيرة صالحا أزال المظالم ومنع الفساد، وحل المقاطعات وأعادها إلى الخراج، وكان ملك السلاجقة بعهدة أرسلان شاه بن محمد بن ملكشاه، ولم يكن له نفوذ في العراق، واستمر في حكمه إلى سنة 566ه حين خنق في الحمام، فخلفه ابنه المستضيء بالله أبو محمد الحسن، وكان حسن السيرة عادلا كريما حليما، وفي عهده قضى صلاح الدين بن يوسف بن أيوب على الفاطميين في محرم سنة 567ه، وخطب للمستضيء وظل كذلك إلى أن هلك.
ثم استخلف الإمام الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء في ذي القعدة سنة 575ه، وكان إماما ذكيا سياسيا حازما عادلا بليغا عاقلا شجاعا مدبرا، وهو أطول العباسيين عهدا؛ فقد حكم 46 سنة وأحد عشر شهرا.
قال ابن طباطبا (في الفخري، ص280): «طالت مدته وصفا له الملك، وأحسن مباشرة أحوال الرعية بنفسه حتى كان يتمشى في الليل في دروب بغداد ليعرف أخبار الرعية.» وفي أيامه انقرضت الدولة السلجوقية بالكلية.
Bilinmeyen sayfa