Çözülme Devri: Arap Ulusunun Tarihi (Altıncı Cilt)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Türler
الفصل السابع
الوضع العلمي والثقافي في تلك الفترة
من عهد الانحلال
نشأت الحركة العقلية والعلمية القوية في العصر العباسي الأول، ونبغ في الإسلام طبقة من العلماء الأعلام، وضعوا أسس العلم الإسلامي، وصنفوا فيه التصانيف الرئيسية في كل فن من فنون العلم المعروفة وقتئذ من دين وأدب ولغة وعربية وفلسفية وحكمة وتاريخ، وكان من أعلام تلك الحركة وقادتها جماعة نذكر في مقدمتهم: الخليل بن أحمد الفراهيدي والكسائي وسيبويه وأبا حنيفة النعمان ومالكا والأوزاعي، والحسن البصري، وأبا محنف لوط بن يحيى، وسيف بن عمر، ومحمد بن إسحاق، والحجاج بن مطر، وثابت بن قرة، وحنين، وأبا نواس، ومسلم بن الوليد، وبشارا وإبراهيم الموصلي وغيرهم، ممن تشهد آثارهم بفضلهم ومقدار جهدهم في وضع أسس البناء العقلي والعلمي والأدبي الإسلامي، ولؤلؤة هذه الفترة عصر المأمون، كما فصلناه في تاريخ «عصر الازدهار».
أما في الفترة الانحلالية التي نؤرخها فقد ظل النشاط العلمي والأدبي استمراريا مزدهرا، ولم يتأثر قط بالانحلال السياسي، وعلى الرغم من انفصال بعض أجزاء الإمبراطورية واستقلالها عن البلد الأم، كانفصال شمال الشام والموصل في عهد بني حمدان؛ فإن الحركة العلمية كانت قوية بل اعتبرت تلك الفترة من تاريخ الشام أزهر عصر علمي ثقافي رفيع، وصلت إليه، فكان بلاط أمير الحمدانيين سيف الدولة مألفا لأكابر علماء المسلمين وأدبائهم وشعرائهم وفلاسفتهم على ما فصلناه، وكذلك نقول في مصر أيام الطولونيين، وفي المشرق أيام السامانيين، وقد نبغ في العالم الإسلامي في تلك الحقبة من عصر الانحلال العباسي السياسي طبقة من المؤلفين في كافة فروع العلم لا تقل مكانة آثارها عن مكانة الطبقة التي وجدت في العصر العباسي الأول (عصر الازدهار) من حيث الثقة العلمية، وجودة التأليف، بل ربما فاقتها من حيث الإتقان التأليفي، وحسن جمع المعلومات وتبويبها، تبعا لنصوص التطور الزمني.
ففي علوم الحديث: نبغ الأئمة الستة: البخاري (256ه/892م)، ومسلم (261ه /875م)، وأبو داود (275ه/888م)، والترمذي (279ه/892م)، والنسائي (303ه/915م)، وابن ماجه (273ه/886م)، وغيرهم من الأئمة الذين وطدوا أركان الحديث النبوي وعلومه، وما تزال كتبهم إلى يومنا هذا هي المراجع الصحيحة الموثوقة الحافظة للإسلام ودينه وآدابه.
وفي الفقه والتشريع: نبغ أحمد بن حنبل (241ه/855م)، وداود الظاهري (815م)، وطبقة جليلة من تلاميذ أبي حنيفة النعمان، ومحمد بن إدريس الشافعي ومالك بن أنس والأوزاعي، فرعوا الفروع التي جاء بها شيوخهم، وصنفوا في ذلك تصانيف ما تزال إلى أيامنا هذه، المرجع الأسمى لمباحث التشريع والفقه الإسلامي.
أما في علوم الطب والحكمة والفلسفة، فقد ظهرت في هذه الفترة ثمرات الغرسة الطيبة التي بذرها المأمون، وخطا العرب في هذه الفترة خطوات في علوم النبات والحيوان والفيزياء، والكيمياء، والعقاقير، والأقرباذين، والعناية بأحوال الأطباء، والكحالين، والصحة العامة عناية مدهشة، على الرغم من ذلك الانحطاط السياسي، وهو أمر لم تبلغه أمة من الأمم السابقة فيما نعلم، يقول الأستاذ فيليب حتي، في كتابه: «تاريخ العرب المطول»، ص446 نقلا عن ابن أبي أصيبعة: «أوعز علي بن عيسى وزير المقتدر إلى سنان بن ثابت بن قرة الطبيب العالم، بأن ينفذ جماعة من الأطباء يطوفون البلاد ومعهم خزانة للأدوية والأشربة ويعالجون من يرونهم من المرضى، وأن ينفذ آخرين لزيارة المرضى في السجون، وتظهر لنا هذه المعلومات اهتمام أولياء الأمر بالصحة العامة، وهو أمر لم يكن معروفا في سائر العالم آنذاك.»
ولا بد لنا أن نذكر بعض من قاموا بتلك الحركة، فمن أئمة النهضة العلمية والحكمة في هذه الفترة: علي بن ربن (ربان) الطبري، صاحب كتاب «فردوس الحكمة»،
1
Bilinmeyen sayfa