Çöküş Çağı: Arap Ulusunun Tarihi (Yedinci Cilt)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Türler
1
الفصل الثاني عشر
الجزيرة العربية منذ القرن السابع للهجرة حتى فجر القرن الثالث عشر
أطل القرن السابع للهجرة على الجزيرة العربية وهي غارقة في سبات عميق وجهل مطبق، فقد أهملها خلفاء بغداد، إلا مكة والمدينة فإنهم قد وجهوا إليهما بعض العناية؛ لما لهما من المكانة الدينية، والقداسة التاريخية، أما سائر المدن في الحجاز ونجد واليمن وحضرموت وغيرها من بقاع الجزيرة الواسعة فقد كانت الفوضى ضاربة أطنابها فيها، وكانت أخلاق الناس في بلاد العرب سائرة نحو الانحلال، وكانت تلك البلاد مقسمة إلى دويلات وإمارات يحكم كلا منها حاكم مستبد مستقل، ولا سلطان لأحد عليه حتى ليخيل للمرء أن الجزيرة العربية قد عادت إلى جاهليتها الأولى أو كادت.
هكذا كانت الحاضرة العربية، أما البادية فحدث عن فوضاها وتناحر قبائلها ما شئت، وإذا كانت نفس البدوي في طبيعتها لا تقبل النظام حتى في عصور القوة والحكومات الرشيدة والإمارات الفاضلة، فأحرى بها أن لا تقبل شيئا من النظام في عصور الضعف والحكومات الفاسدة والإمارات الجاهلة، وإذا كانت هذه حالة الجزيرة فمن الطبيعي أن تنقطع الصلات التاريخية بينها وبين كثير من أجزاء العالم العربي، وهكذا كان الأمر فقد أضحت أخبارها شبه مجهولة، وتاريخها غامضا أو كالغامض، ولذلك صار علمنا عنها قليلا، وأضحى عملنا الآن جد عسير حين أردنا أن نؤرخ ذلك العهد لتلك البقعة، ولكننا مع هذا تقصينا الأخبار، وتتبعنا المظان والآثار، محاولين أن نؤرخ هذه البقعة الغالية من الوطن العربي الأكبر على ما في ذلك من صعوبة.
وها نحن أولاء نعرض للقارئ الكريم ما استطعنا العثور عليه من تاريخ هاتيك الديار، وأحوال أهلها وأخبارهم التاريخية، سالكين في ذلك الطريقة العلمية التي سرنا عليها في الأجزاء السابقة.
جاءت المائة السابعة وبلاد الحجاز، وهي أعظم أقاليم الجزيرة العربية، وأميرها هو المسيطر على شئون سائر الأقاليم في الجزيرة، خاضعة للشريف أبي عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسيني القرشي، وكان قد استولى عليها بعد أن طرد الشرفاء الهواشم الذين كانوا يحكمونها، فتغلب عليهم، وقضى على آخر أمرائهم وهو الشريف مكثر بن عيسى بن فليتة القرشي الهاشمي في سنة 601ه،
1
ولما تمت له السيطرة الكاملة على مكة توجه نحو المدينة فتملكها وطرد صاحبها الشريف سالم بن قاسم الحسيني القرشي، وجرت بين الطرفين معارك تغلب فيها أبو عزيز، ثم توجه إلى الطائف فسيطر عليها، وتم له السلطان على الحجاز برمته حتى بلغ حدود اليمن، وعظم سلطانه فسيطر على كثير من أجزاء الجزيرة، وطلب إليه الخليفة العباسي الناصر لدين الله أن يزوره في بغداد فسار إليه في موكب عظيم، ولما وصل إلى النجف الأشرف بعث الخليفة إليه عددا كثيرا من القادة والجند، وفيهم بعض العلماء والأعيان، فأوجس أبو عزيز على نفسه خيفة؛ لأنه كان شديد الحذر، وعدل عن الذهاب إلى بغداد محتجا بمرضه، وكر راجعا إلى الحجاز، فكتب إليه الخليفة الناصر ثانية معاتبا ومستزيرا، ولما وصل كتاب الناصر إليه جمع أهله وعظماء قومه واستشارهم في الأمر، وانتهوا إلى أن لا يذهب هو بنفسه؛ بل يبعث إليه بابنه الشريف راجح، فذهب هذا في نفر من العلماء والشيوخ والشرفاء، ولما وصلوا إلى بغداد أكرمهم الخليفة وأعادهم إلى الحجاز بكثير من الهدايا والخلع، إلا أنه ما لبث بعد فترة حتى جهز جيشا كثيفا وسيره لاحتلال الحجاز، فلقيه أبو عزيز بجيش كبير، وفرق جموعه وظل مسيطرا على الحجاز وما إليه.
ولما مات أبو عزيز تولى الأمر من بعده ابنه الأمير الشريف الحسن، وكان قائدا جريئا شجاعا، ولكنه على الرغم من ذلك لم يستطع الصمود أمام الجيش الأيوبي الذي بعث به صاحب اليمن الملك الكامل ابن الملك العادل ابن أيوب، وما أن استقر الجند الأيوبي في الديار المقدسة ووطدوا الأمن فيها حتى عهد قائدهم بالبلاد إلى الأمير نور الدين علي بن عمر بن رسول صاحب الدولة الرسولية، وقد حاول الشريف الحسن أن يعود ثانية، ويخرج نور الدين، ولكنه فشل وطرد من الحجاز.
Bilinmeyen sayfa