Çöküş Çağı: Arap Ulusunun Tarihi (Yedinci Cilt)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Türler
5
ثم انصرف إلى تهيئة جيش لمحاربة الأعداء التقليديين في آسية الصغرى، وبلغ الجيش ملاطية وفتك بأهلها، ثم كتب إلى السلطان أبي سعيد ملك المغول فعقد صلحا على ما بيناه في أخبار العراق، وعاشت البلاد الشامية والمصرية في هدوء ومأمن من المغول إلى أن كانت نكبة تيمورلنك.
وفي عهد الملك الناصر عمرت بلاد الحجاز، واستتب فيها الأمن، وبعثت البعوث إلى جنوب وادي النيل حتى بلغت سواكن، وفي عهده بلغت دولة المماليك أوجها، واستكثر هو من المماليك حتى قيل إنه كان يقدم لهم كل يوم ستة وثلاثين ألف رطل دقيق، وأن عددهم كان اثني عشر ألف مملوك،
6
وظل هو في الملك ثلاثا وثلاثين سنة، ومات سنة 741ه/1341م فتولى الأمر من بعده ابنه سيف الدين أبو بكر وتلقب بالملك المنصور، ولكنه لم يلبث طويلا حتى عزله المماليك ونفوه إلى «قوص» في مصر العليا إلى أن مات في سنة 742ه/1342م وولوا أخاه علاء الدين كجك، فتلقب بالملك الأشرف، وله من العمر ست سنوات، ولم يبقوه إلا خمسة أشهر حبسوه بعدها في القلعة ثم قتلوه، وبايعوا أخاه شهاب الدين أحمد الملك الناصر، الذي كان منفيا في الكرك، ولم يبقوه كثيرا حتى أعادوه إلى منفاه في سنة 743ه ثم بايعوا أخاه عماد الدين أبا الفداء إسماعيل الملك الصالح، فظل في الملك ثلاث سنوات، قتل خلالها أخاه الملك الناصر، وفي سنة 746ه بايعوا أخاه الخامس زين الدين شعبان الملك الكامل، ولم يبق أكثر من سنة وبضعة أشهر عزلوه بعدها وولوا أخاه السادس زين الدين حاجي الملك المظفر، وكان سفاحا شريرا، ولم يبق أكثر من سنة وبضعة أشهر ذبحوه بعدها في سنة 748ه، وبايعوا أخاه السابع ناصر الدين حسن الملك الناصر، فحكم ثلاث سنوات وعشرة أشهر خلعوه بعدها وسجنوه، وولوا في سنة 752ه أخاه الثامن صلاح الدين الملك الصالح فحكم ثلاث سنوات وثلاثة أشهر خلعوه بعدها في شوال سنة 755ه، ثم أطلقوا سراح الملك الناصر من سجنه وأعادوه إلى العرش فبقي ست سنوات وسبعة أشهر ثم قتلوه في سنة 762ه، وله آثار عمرانية منها: مسجده العظيم المعروف في القاهرة بجامع السلطان حسن، ثم بايعوا ابن أخيه محمد ابن الملك المظفر وله أربع عشرة سنة ولقبوه بالملك المنصور في سنة 764ه/1362م، ولم يبق طويلا حتى اضطروه إلى أن يتنازل لابن عمه شعبان بن حسن وله من العمر سنوات عشر ولقبوه بالملك الأشرف، وجعلوا الأمير يلبغا العمري نائبا للسلطنة، وكان رجلا حازما مدبرا، وكانت أيامه أيام سكينة لولا أن سنة 764ه كانت سنة قحط اضطر الناس فيها إلى أكل لحوم الكلاب والقطط، وفي سنة 776ه وقعت فتنة أهلية؛ فقد قتل بعض المماليك الأمير يلبغا العمري، وكادوا أن يقتلوا السلطان نفسه، ولكن أنصاره تمكنوا من إنقاذه، ووقعت البلاد في هرج ومرج عظيمين، ولم تنته هذه الفتنة حتى تمكن المماليك خصومه من قتله خنقا في سنة 778ه، وولوا ابنه علي علاء الدين ولقبوه بالملك المنصور، وأقاموا عليه الأمير سيف الدين برقوق وصيا إلى أن مات علي في سنة 783ه فبايعوا أخاه زين الدين حاجي الملك الصالح وكان طفلا له ست سنوات، واستمر برقوق في وصايته، ولكنه عزم أخيرا القضاء على هذه الأسرة من المماليك البحرية أو التركمانية، ونصب نفسه ملكا لأسرة من المماليك جديدة هي أسرة المماليك الشراكسة المعروفة بالبرجية.
الفصل العاشر
مصر في عهد المماليك الشراكسة
رأينا أن سيف الدين برقوق الوصي على العرش المصري في آخر عهد المماليك البحرية كان قد ضاق ذرعا بما هي عليه الحالة في مصر من اضطراب وقلق في أواخر عهد البحريين، وأنه عزم على خلع الملك الطفل حاجي، وتغيير الوضع جذريا؛ لأن البلاد أصبحت في حالة يرثى لها من ثورة الأهلين، واضطراب أمر المماليك، وسوء الحالة الإدارية العامة؛ فلذلك جمع في آخر عام 784ه مجلسا ضم الأمراء والوجوه والشيوخ في حضرة الخليفة العباس المتوكل على الله، وأعلن لهم أنه يجب وضع حد لهذه المهازل، وأن يتولى أمر مصر رجل قوي يستطيع حفظ البلاد وسد ثغورها، ويستقر أمنها وسلامها في الداخل، وترتفع رايتها في الخارج، فوافقوه على ذلك، وقبلوا به هو ليكون سلطانا عليهم، وأقر الخليفة هذا القبول فبايعه، ثم تعاقبوا على مبايعته بالسلطنة، ولقبوه بالملك الظاهر، ولم يلبث طويلا حتى اكتشف في سنة 787ه أن الخليفة يحاول خلعه وتولية أحد المماليك على عرش مصر؛ فتمكن من الخليفة، وأقصاه عن الخلافة، وسمى أخاه الواثق بالله في مكانه، ولم يلبث الواثق بالله أن مات في سنة 788ه فخلفه ابنه زكريا.
وعمد الملك الظاهر إلى أنصار الخليفة المتوكل عليه من الشيوخ والمماليك ففتك بهم حتى ضاق الناس به، ووقعت في البلاد عدة فتن؛ فمن ذلك أن الأمير يلبغا الناصري صاحب حلب والأمير منطاش صاحب ملاطية هاجما دمشق، ودحرا صاحبها الموالي للسلطان الملك الظاهر، واستوليا على المدينة، ثم زحفا على القاهرة، واضطر الملك الظاهر إلى الهرب واللجوء إلى الكرك، ودخل يلبغا القاهرة، وأعاد السلطان حاجي آخر المماليك البحرية إلى السلطنة في سنة 791ه وأصبح هو صاحب الحول، أما منطاش فإنه لم يلبث أن ثار على يلبغا، والتف حوله أتباع السلطان برقوق، ونشب قتال عنيف بين الطرفين انتهى بفوز أنصار منطاش، فسيطر هذا على الديار المصرية، وسعى في تنصيب نفسه سلطانا، ولم يمنعه من ذلك إلا ما بلغه من أن برقوقا ترك الكرك والتفت حوله جماهير من أهل الشام، فسار منطاش إلى الشام والتقى ببرقوق وجيوشه قرب غزة، وكانت الغلبة لبرقوق، ثم رجع إلى مصر وأحسن سياسته مع الرعية، وأعاد المتوكل على الله إلى الخلافة، وفي سنة 794ه كتب إليه السلطان قره يوسف صاحب العراقين أنه يقدم إليه مدينة تبريز، ففرح بذلك برقوق، وفوض إليه أن يفتتح ما يستطيع من البلاد الفارسية باسمه على أن يكون هو المتصرف بها، وفي سنة 795ه قدم قره يوسف إلى مصر فارا من غزو تيمورلنك، ثم قدمت إليه رسل تيمورلنك تحمل رسائل التهديد والوعيد، فأخذ برقوق يعد العدة للقائه، ولكنه مرض في تلك الأثناء ومات في شوال سنة 801ه/1399م، وكان قبل موته قد عهد لابنه فرج، وأقام الأمير تغري بردي وصيا و«أتابكا»، فلما مات اجتمع الأمراء ونصبوا فرجا سلطانا ولقبوه بالملك الناصر، ولكنه لم يستقر طويلا حتى هاجم الأتراك العثمانيون بقيادة سلطانهم «بايزيد» مدينة ملاطية وما إليها من حدود المملكة الشمالية فاضطربت، وزاد من اضطرابها تلك الثورة الداخلية التي وقعت في دمشق وسائر المدن السورية، وأدت إلى خلع طاعة هذا الملك الفتى، ولكن الملك سار نحوهم بجيش قوي من مصر وفتك بزعماء الثورة، وفتك بصاحب دمشق، وأعاد البلاد إلى سلطنته، ولم يكد يستريح حتى فاجأته جماهير المغول بقيادة تيمورلنك زاحفة عليه بعد أن دمرت بغداد وسائر المشرق، ولقيت حلب وسائر المدن الشمالية من الويلات ما ذكرناه، وسار هو لإنقاذ الشام، والتقى الجيشان المصري والمغولي قرب دمشق، وانتهت المعركة باندحار الجيش المصري، ولقيت دمشق من الفظائع والحرائق ما تشيب لهوله الأطفال، ولم يتركها المغول حتى أضحت كومة رماد وجيف على ما بيناه آنفا.
ثم توجه تيمورلنك إلى آسية الصغرى لقتال الأتراك العثمانيين؛ فأسر السلطان «بايزيد» في سنة 804ه في وقعة أنقرة، وبلغت أخبار هذه المعارك مسامع السلطان فرج فاضطرب لها جدا، ولم يلبث أن جاءه كتاب من تيمورلنك يطلب إليه فيه خضوعه، كما يطلب إليه تسليم أحمد بن أويس وقره يوسف، فرد على كتابه هذا بكتاب لطيف وبهدية جزيلة وأعلن خضوعه، ولكنه لم يقبل بتسليم أحمد بن أويس وقره يوسف باعتبارهما لاجئين سياسيين، ولكنه وعد بأن يسجنهما، فقبل تيمورلنك، وكف بلاءه عن مصر، وهكذا استطاع فرج أن ينقذ القطر المصري من زحف الطاغية عليه وتهديمه كما فعل في العراق والشام.
Bilinmeyen sayfa