Çöküş Çağı: Arap Ulusunun Tarihi (Yedinci Cilt)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Türler
ولما رأى الصليبيون في أوروبة سوء حالة إخوانهم في ديار الشام جهزوا حملة جديدة لنصرتهم وهي الحملة الصليبية السابعة والأخيرة، وقد كانت بقيادة القديس لويس ملك فرنسة، وانتهت بأسره وتشتيت شمل حملته على الشكل الذي سنبينه فيما بعد، أما الصليبيون فقد ذهب قسم منهم بحرا إلى حيث أتوا، وبقي قسم منهم في بلاد الشام لاجئين إلى الجبال في سورية ولبنان، وكان هذا القسم سببا في قيام عدة حملات على أهل السهول والمدن المجاورة، فكانوا يقومون بأعمالهم الإجرامية ويهربون إلى قمم الجبال، ولو لم يقم المماليك وعلى رأسهم الملك الأشرف خليل بتأديبهم للقيت جميع ديار الشام منهم شرا عظيما.
وفي سنة 693ه قتل الملك الأشرف واضطربت بلاد الشام لاختلاف المماليك فيمن يولونه، وكان من مصائب الشام العظيمة في هذه الفترة هجوم التتار بقيادة غازان، ودخولهم إلى دمشق في سنة 696ه، وفتكهم الذريع بأهل البلد حتى إنهم كانوا يريدون القضاء على السكان جميعهم لولا أنهم افتدوا أنفسهم بأموالهم، وقد ظل التتار القساة يعيثون في الشام فسادا إلى أن كانت سنة 699ه، فرجع غازان عن دمشق ودخل حماه وحلب، وفعل بأهلهما ما فعله بدمشق، وقد احترقت في هذه الفتنة مساجد وجوامع ومدارس ودور عبادة كثيرة كدار الحديث الأشرفية، والمدرسة العادلية الصغرى، والمدرسة العادلية الكبرى، ودار السعادة وغيرها من معاهد دمشق العلمية، ولما علم السطان بخروج غازان، وجماعته من دمشق، وأنه قصد الشمال بعث بجيش كبير إلى الشام، ولكن جيوش غازان فتكت به، ودخلت حلب في سنة 700ه، واضطر نائب السطان فيها أن ينجو بنفسه، وعاث المغول فسادا كبيرا، وانتهز الفرنج الصليبيون المقيمون في أعالي جبال لبنان ومنطقة الكسروان هذه الفرصة، فأخذوا يغيرون على المدن الداخلية ويفتكون بأهلها، وبخاصة أهل صيدا وصور وبيروت، الذين استغاثوا بصاحب دمشق الأمير آقوش الأفرم، فبعث إليهم من أعانهم عليهم وجرت بين الطرفين معركة تاريخية عند مدينة جبيل، ولكنهم استطاعوا التغلب على الجيش الشامي واغتنموا كافة أسلحته وأمتعته، قال المؤرخ صالح بن يحيى صاحب «تاريخ بيروت»: «وإن السبب في قتالهم أن الهاربين من وجه التتار من العسكر تفرقوا سنة 699ه، فحصل لهم أذية من المفسدين، وخصوصا من أهل كسروان وجزين للهاربين، أما أهل كسروان فإنهم بلغوا أن أمسكوا بعضا منهم وباعوهم للفرنج، وأما السلب والقتل فكان كثيرا.»
6
ولما بلغت الأعمال الفظيعة التي قام بها الفرنجة والكسروانيون إلى مسامع السطان الناصر جهز جيشا قويا في سنة 703ه لقتالهم والفتك بهم، وقد أعانه عليهم الأمراء التنوخيون أصحاب غربي لبنان، وفي سنة 704ه رأى الأمير آقوش الأفرم صاحب دمشق أن يبعث إلى الكسروانيين وأهل الجبال جماعة تدعوهم إلى الصلح والاستسلام، وعلى رأسهم الشريف زين الدين عدنان، ثم بعث إليهم الإمام المصلح الشيخ ابن تيمية ولكنهم أبوا إلا الاستمرار في إعلان العصيان، فجهز عليهم حملة عنيفة، انتهى أمرها بفتح بلاد كسروان، وخضد شوكة الفرنجة، وهدأت البلاد حتى كانت سنة 708ه، ففيها خلع السلطان الناصر ابن قلاوون نفسه من السلطنة؛ لما رأى من قيام بيبرس الجاشنيكر، وثورته عليه، فأحب أن لا تسفك الدماء بسببه وأوى إلى مدينة الكرك، ولكن أهل الشام وكثيرا من أهل مصر ثاروا على السلطان الجديد بيبرس الجاشنيكر، وطلبوا إلى السلطان الناصر أن يعود وألحوا عليه بذلك، فقبل وتوجه إلى دمشق، وجمع جموعه وسار بهم إلى غزة، ولم يصلها حتى قدمت عليه جيوش مصر خاضعة مبايعة، وعادت السكينة من جديد إلى البلاد، وهدأ الناس فترة طويلة إلى أن وقعت حادثة اضطربت لها البلاد جميعها، وهي الفتنة بين اليمنيين والقيسيين سنة 709ه في حوران التي قتل فيها قرابة ألف رجل، وكادت هذه الحرب الأهلية الجاهلية تعصف بالبلاد لولا تدخل أهل الحكمة والدين، فعادت السكينة إلى البلاد وعم الخير، وبخاصة في منطقة حماه وما إليها، وهي التي كان عليها السلطان العالم الصالح الملك المؤيد أبو الفداء إسماعيل، وقد دام ملكه نحوا من ربع قرن، استكان له الناس لعدله ورحمته وعلمه، وحب نشر الفضيلة بين الناس إلى أن مات سنة 632ه.
ومن الأعمال الجليلة الجديرة بالذكر في هذه الفترة قيام الجيوش الشامية والمصرية لفتح بلاد الأرمن في آسية الصغرى، والاستيلاء على عدة مدن وقلاع كالمصيصة والهارونية وباناس والنقير وآذنة وطرسوس، وقد عادت الجيوش العربية من رحلاتها هذه ظافرة موفقة، وفرح الناس بنشوة النصر، وعم الخبر، وارتفع شأن الحكام الصالحين، وانتشر الأمن، لولا الأزمات التي سببها اضطراب حبل السلطنة في مصر، وعصيان بعض المماليك في بعض الجهات على سلطان مصر كعصيان نواب حلب وحماه وطرابلس وصفد، مما سبب اضطراب الأمن اضطرابا لم يهدأ إلا بقدوم سلطان مصر الملك الصالح صلاح الدين ومعه الخليفة وبعض الأمراء والقضاة الأربعة.
وفي سنة 770ه تولى نيابة السلطنة المصرية في الشام الأمير سيف الدين منجك، وكان رجلا حازما شديدا على إقامة الأحكام الشرعية، وقطع دابر المفسدين، وعمارة البلاد، وإزالة أماكن اللهو والمنكرات، قال ابن طولون: «فعل الخيرات وبنى المحطات في الدروب، وبنى زاوية بالكسوة، وعمل لها سماطا، وعزل الطرقات، وعدل في الرعايا.»
7
واستقامت أحوال البلاد في أيامه، وكان محبا للعلم وأهله، فأحيا كثيرا من دارس المدارس، وعمل على الإكثار من حلقات التدريس في جامع بني أمية.
وفي سنة 779ه تولى نيابة الشام بيدمر الخوارزمي وكان ظالما كثير الاستبداد والأطماع حاول فصل الشام عن مصر، حتى تم له ما أراد في سنة 780ه فخرج عن طاعة السلطان، ولكن هذا بعث إليه فرقة من الجيش المصري ردته عن غرضه، وحاول الهرب إلى بلاد التركمان فلم يستطع وألقي القبض عليه، فأرسل إلى مصر، ثم أعلن توبته، فأعيد إلى منصبه، وانتهز الفرنجة هذه الفرصة فأغاروا على الشام وبخاصة جهات ساحل طرابلس، ولكنهم ردوا عنها خائبين، فعادوا إليها ثانية في سنة 784ه وهاجموا ساحل بيروت في عشرين مركبا حربيا، وتقاعس نائب السلطنة في دمشق عن قتالهم فقام بعض الغزاة في سبيل الله وعلى رأسهم الأمير الصالح إينال اليوسفي وتوجه لرد الفرنجة فشتت جموعهم، واحتجز ستة عشر مركبا وفرح الناس بذلك، ولكن هذا الفرح لم يدم طويلا حتى ظهرت بوادر الانشاق في صفوف أمراء الشام من جديد، وأخذ بعضهم يعلنون استقلالهم عن مصر، واستمرت هذه الفوضى إلى أن تبدلت الدولة، وحلت دولة المماليك الشراكسة محل دولة المماليك البحرية، على ما سنفصله في الفصل الخاص بتاريخ مصر.
الفصل السابع
Bilinmeyen sayfa