Başlangıç Çağı: Arap Ulusunun Tarihi (Birinci Cilt)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Türler
ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين (سورة النحل آية: 103)، فقد زعم بعض مشركي قريش أن محمدا إنما كان يتردد على بعض الحدادين النصارى في مكة واسمه «جبرا»، وأنه كان يتعلم منه ويطلع على أخبار النبوات السابقة، فردت عليهم الآية وهي وإن لم تنكر التردد على الرجل أصلا، وإنما أنكرت عليهم أن يقولوا إن محمدا كان يتعلم من هذا الأعجمي، إن ما يجيء به عربي مبين، وقد أورد المفسرون في تأويل هذه الآية أن محمدا كان يتردد قبل البعثة إلى رجل نصراني فيسمع منه، وليس هذا بالغريب ولا بالمستحيل ولا بالطاعن في النبوة، ومثل هذه الآية آية الفرقان:
وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا ، والآية لا تنفي كون محمد قد اتصل قبل البعثة أو بعدها بفرد أو جماعة آخرين تذاكر وإياهم ببعض أمور الحياة الأخرى والدين؛ أمثال سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، وأبي بكر الصديق، وعثمان، وإنما تنفي مزاعم الكفار أن ما جاء به محمد هو إفك وباطل. (2-3) شخصيته
كان محمد
صلى الله عليه وسلم
فتى عربيا أصيلا لم يطعن أحد في حسبه أو نسبه، وكانت له أسرة محترمة وجيهة من أعمام وعمات وأخوال وخالات وأبناء عمومة وخئولة، وقد نشأ منشأ متواضعا في حضانة رحيمة على يد أمه وجده وعمه - رضي الله عنهم - وكان منذ نعومة أظفاره رهيف الإحساس، يتطلع إلى ما يتطلع إليه لداته، وقد أفاد معارف كثيرة في العلم من اتصاله ببعض النبهاء الأجانب كسلمان وبلال وصهيب وجبرا، أو العرب أمثال أبي بكر الصديق وعثمان وسعد وسعيد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة وغيرهم من أصدقائه في الجاهلية وأوائل المسلمين، وكلهم عرف عنه الفضل والعقل، وليس في هذا أي مطعن عليه فإنه بشر، وهذه سنة البشر.
وقد اشتهر محمد
صلى الله عليه وسلم
في قومه قبل البعثة بالأمانة والعقل والصدق وعدم الفضول وحب الخير والبعد عن مساوئ الأخلاق، وكانوا يلقبونه «بالأمين»، وقد فرحوا لما رأوه مقبلا عليهم حين اختلفوا في يوم بناء الكعبة في من يضع «الحجر الأسود»، فحل المشكلة أحسن حل ووضعه في مكانه، وفي القرآن والشعر الإسلامي شواهد كثيرة تنطق بسمو شخصيته، وتعدد مزاياه وفضائله، وتعطينا صورة نضرة عنه تهدم كل ما بناه المستشرقون والمبشرون من التهجم عليه، ووصفه بمرذول السجايا قبل الطعن في شرفه وأصالته، ووصفه بالجنون والسفه والصرعة، وما إلى ذلك،
37
على الرغم مما كان عليه من الخلق العظيم والأمانة والصدق والزهد والثقافة في الله، والأخلاق التعبدية:
Bilinmeyen sayfa