İslam Medeniyeti Tarihi (Birinci Cilt)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Türler
فإذا فرغنا من ذلك، عمدنا إلى الكلام في سعة المملكة وتاريخ إداراتها ومناصبها وغير ذلك.
فنبدأ بوصف حال العرب قبل الإسلام. (1) العرب والتمدن
زعم بعض الكتاب من الإفرنج أن العرب لا فضل لهم في تمدنهم الإسلامي، لأنهم أنشأوه على أنقاض التمدنين البيزنطي والفارسي، فالتمدن الإسلامي عندهم عبارة عن مزيج من ذينك التمدنين، مع بعض التعديل، وأن العرب من فطرتهم بعيدون عن الحضارة، لأنهم لم ينشؤوا تمدنا من عند أنفسهم في عصر من العصور الجاهلية ولا الإسلامية، وعندنا أن العرب أكثر الأمم استعدادا للحضارة وسياسة الملك، لا يقلون في ذلك عن سواهم من الأمم التي تمدنت قديما أو حديثا وإليك البيان. (1-1) قدماء العرب
المشهور عند المؤرخين أن العرب يقسمون إلى قسمين كبيرين العرب البائدة كعاد وثمود، والعرب الباقية، وأن العرب الباقية يقسمون إلى القحطانية سكان بلاد اليمن وما جاورها، وهم ينتسبون إلى قحطان أو يقطان بن عامر وينتهي بأرفخشاد إلى سام، والإسماعيلية أو العدنانية وهم سكان الحجاز ونجد وما جاورهما من أواسط جزيرة العرب، وينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم الخليل من امرأته هاجر، ويسمون أيضا مضرية ومعدية لمثل ذلك السبب.
وقد بينا في كتابنا «العرب قبل الإسلام» ما كان للعرب من الدول القديمة فيما بين النهرين قبل الميلاد ببضعة وعشرين قرنا ... نعني دولة حمورابي واضع أقدم الشرائع الإنسانية التي وصلت إلينا، وقد أتينا من هناك بالأدلة التي ترجح كون دولته عربية، وبينا أن تلك الأمة كان لها تمدن عظيم وآداب راقية، وكانت للمرأة فيها منزلة وحرية، حتى تقلدت المناصب السياسية والقلمية
1
وتفرع من الحمورابيين بعد ذهاب دولتهم دول العمالقة المختلفة، ومن فروعهم عاد وثمود والأنباط وعرب تدمر وغيرها.
ويلي الحمورابيين عرب اليمن وهم القحطانية، وقد تمدنوا قبل العرب الإسماعيلية، لأن بلادهم أقرب إلى الخصب والرخاء من بلاد هؤلاء، فنشأت منهم دول قديمة عاصرت الفراعنة وملوك بابل وأشور، وقد ظهروا بعد الحمورابيين بعدة قرون، ذكرنا منهم الدول المعينية والسبئية والحميرية، أصحاب مأرب وصنعاء وغيرهما.
أما العرب الإسماعيلية وهم أهل الحجاز ونجد فأكثرهم أهل البادية، وقد ظهر منهم دول قبل الميلاد وبعده، أشهرها دول القبائل صاحبة الوقائع التي جرت بينهم قبيل الإسلام والتي تعرف بأيام العرب.
ثم إن العرب ليس في أرومتهم ما يمنع استعدادهم للحضارة، لأنهم إخوان الأشوريين والكلدانيين والفينيقيين ولهم استعدادهم وأهليتهم ... فالذين أقاموا منهم في بلاد مثل بلاد ما بين النهرين أدهشوا العالم بمدنيتهم، والمقيمون في جزيرة أكثر بقاعها جرداء لا أنهر فيها ولا جداول، وإنما يستقون من مياه المطر، قضوا قرونا في البداوة ... فلما أتيحت لهم الإقامة في البلاد الخصبة بعد الإسلام، لم يكن تمدنهم فيها يقصر عن تمدن أولئك.
Bilinmeyen sayfa