İslam Medeniyeti Tarihi (Birinci Cilt)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Türler
فترى مما تقدم أن الموضوع شاق ووعر، فضلا عن حداثته في عالم التأليف مع قصورنا في هذا الشأن، وفي ذلك تمهيد للعذر على ما قد يشوب هذا الكتاب من النقص، ونتقدم إلى أهل الفضل أن يؤازرونا بملاحظاتهم وآرائهم للانتفاع بها فيما سيصدر من الأجزاء التالية إن شاء الله تعالى.
مقدمة (2)
ظهر هذا الكتاب منذ بضع عشرة سنة، فتناوله الأدباء والعلماء بالتقريظ والانتقاد في الصحف العربية وغيرها، وجاءتنا كتب أهل العلم من أقطار العالم الإسلامي ينشطوننا ويستحثوننا، وفيهم من جاهر صريحا أنه لم يكن يظن تأليف مثل هذا الكتاب ممكنا، لقلة المآخذ المساعدة على ذلك، فزادنا تنشيطهم ثباتا على هذا العمل حتى ظهر الكتاب في أجزائه الخمسة.
وكان له وقع خاص عند أدباء اللغات الأخرى، فأخذوا في نقله كله أو بعضه إلى ألسنتهم، فنقل إلى أهم اللغات الشرقية - نعني الفارسية والأوردية والتركية، ظهر مطبوعا فيها كلها - ونقل إلى أهم لغات أوربا - نعني الإنجليزية والفرنسية - وقد ظهر جزؤه الرابع في الأولى وسيظهر جزؤه الأول في الثانية، وتضاعف الإقبال على الطبعة العربية حتى نفذت نسخ هذا الجزء منذ بضعة أعوام، ونحن نتحين الفرص لإعادة طبعه، فلم نتمكن من ذلك إلا الآن.
وما برحنا منذ صدور الطبعة الأولى ونحن نجمع ما يمر بنا من الفوائد التي يحسن إدخالها في هذا الكتاب عند إعادة طبعه، فاجتمع لدينا من ذلك شيء كثير أضفناه إلى هذه الطبعة، ونظرنا فيما وصل إلينا من انتقادات المنتقدين أو ملاحظات الملاحظين مما نشر في الصحف أو الكتب أو جاءنا في الكتب الخصوصية، وتدبرناها كلها بإخلاص وروية فأصلحنا ما صح عندنا وأغفلنا الباقي - وهو الأكثر - وإنما توهم المنتقدون خطأه، لأنهم نظروا فيه من وجه غير الذي نظرنا منه نحن، أو أننا اطلعنا عليه في مصادر لم يطلعوا عليها، فاكتفينا في هذه الحال يذكر المصدر الذي عولنا عليه في ذيل الصفحة.
فجاءت هذه الطبعة أكبر من الأولى وأوفر مادة وأحسن ترتيبا وأكثر صورا وأشكالا، وفي ما أضفناه له من الصور أو الخرائط ما يزيد البحث إيضاحا، فعسى أن يقع عملنا هذا موقع الاستحسان، وحسبنا أننا قمنا ببعض الواجب في سبيل آداب هذا اللسان.
مقدمات تمهيدية
البحث في تمدن الأمة يتناول النظر فيما بلغت إليه من سعة الملك والعظمة والثروة ووصف ما رافق تمدنها من أسباب الحضارة وثمارها، ويدخل في ذلك تاريخ العلم والأدب والصناعة ولوازمها، كالمدارس والمكاتب والجمعيات، وبسط حال الدولة ومناصبها وما انتهت إليه من الرخاء، وما هو مقدار تأثير ذلك في هيئتها الاجتماعية، وذلك يستلزم وصف عادات الأمة وآدابها الاجتماعية ومناحيها السياسية وإسناد ذلك إلى أسبابه وبواعثه.
غير أن النظر في هذا التمدن على هذه الصورة، لا يكون واضحا وافيا إلا إذا تقدمه البحث عن حال تلك الأمة في بداوتها، وكيف تدرجت إلى الحضارة وما هي العوامل التي ساعدتها على ذلك، والبحث المشار إليه ضروري خصوصا في تاريخ التمدن الإسلامي، لأن فيه عوامل خاصة به لا وجود لها في تمدن الأمم الأخرى.
وبناء على ذلك لم نر بدا من تصدير هذا الكتاب بمقدمات تمهيدية، نبسط فيها حال العرب قبل الإسلام ونسبتهم إلى التمدن وما تقدم الدعوة الإسلامية من أحوال تلك الأمة ... وكيف كانت جزيرة العرب عند ظهور الدعوة، وكيف كانت حال الروم والفرس يومئذ ... وما الذي ساعد هؤلاء العرب على فتح تينك المملكتين مع قلة عددهم وضعف معداتهم ... وكيف نشأت الدولة الإسلامية وارتقت من حالها الدينية في أيام الراشدين إلى حالها السياسية في أيام الأمويين فالعباسيين فالفاطميين فغيرهم.
Bilinmeyen sayfa