89

صعود وفى العودة يكون البحر فى انحدار ، والنساء فى طبرستان يكتسبن فى اليوم خمسين درهما لحسن صنعتهن اليدوية فلا يمكن أن يوجد فى طبرستان قط فقير مدقع على نحو ما يكون فى سائر البلاد الأخرى.

ويحكى أنه حينما تزوج الطبرى فى مكة وجريا على عادة حب الوطن كان يتحدث كل يوم مفتخرا بموطنه حتى جرى على لسانه ذات يوم أنه لم ير فى آمل شخصا فقيرا ، فصرف أهل مكة العزم للعثور على برهان لتكذيب دعواه حيث وجدوا فى وقت من الأوقات واحدا وأحضروه عنده فسأله ذلك السائل أنت من آمل فقال نعم أنا من آمل وموطنى حى حازمة وبين كل علامات المدينة فسأله الطبرى ثانية ماذا يقولون فى مدينتك للدامن؟ قال" دامن" فسأل ثالثة ماذا يقولون للجيب؟ فقال جيب فقال إنك تكذب ولست طبرانى المولد وكان يقسم له على ذلك فقال السائل الحق معك ، أنا كنت رضيع حتى حملنى والدى ووالدتى من مدينة الرى إلى هناك وتزوجت بها ونشأت فسألوه كيف عرفت فقال لأنهم فى" آمل" يقولون لآمل لمبر وللجيب" كريون" وخراج طبرستان سهل ويسير وفى عهد" ملوك باوند" رحمهم الله لم يكن على الرعايا ولا على المعارف ولا على الأرباب خراج وكان مياها مباحا وكان دائما ملوك وأمراء وقواد طبرستان أعظم الناس ، وكان الخلفاء والسلاطين والأكاسرة والملوك القدماء لا يقدمون على أمر إلا بعد إبداء مشورتهم وموافقتهم وكانوا يطلبون منهم البيعة أولا لأولياء عهودهم وكانو يعيشون حياة ألفة مع الصديق والعدو على السواء ، وكان علماؤهم وكتابهم وأطباؤهم ومنجموهم وشعراؤهم لا نظير لهم ، ولقد ذكرنا كل واحد من الملوك الذين التجأوا إلى طبرستان يوم نكبهم كما جرى بعد ذلك ذكر منوجهر وإفريدون فى مطلع هذا الباب.

ولما ألقى أكوان رستم زال بن داستان فى البحر فظهر عند ساحل بحر طبرستان والذى يقال له بقلزم وعلم الناس حاله فتولوه بالرعاية وبالغوا فى تعهده ومدوه بالمال والدواب والخدم والحشم وكل أسباب الملك ، وكان ابنه سهراب يطوى الدنيا بحثا عن أبيه لدى الأتراك والإيرانيين والهنود والرومان والتقيا فى النهاية فى" موضع بليكش" فى" أرض الرويان" وحيث لم يكن كلاهما يعرف الآخر فقد وقع بينهما صراع وقتال وقد أصيب سهراب على يديه بجرح فأخذ ينصحه ويتوعده على نحو ما ذكر فى الشاهنامه ، ولما علم الأب أنه ولده أخذ تابوته كى يخفيه ولما وصل إلى سارى حيث كان قد أقام بها قصر الطوس فنزل به حتى تقل درجة الحرارة فى الجو فيأخذه ولم يتحقق له ذلك ، ويقال إن قبره بها ولما احتل الإسكندر أرض الفرس

Sayfa 93