الله عليهم كانوا يسألونهم عن حكايات ملوك فارس ومذهبهم وطريقتهم ومطلبهم ، وذات يوم سألوا واحدا من الهرابذة والموابدة ، عمن كان أفضل ملوككم ، فأجابوا بأنه صاحب الفضل والسنن والحج والحكم والتقدم «أردشير بن بابك» وأحصى من فضائل أردشير كثيرا حتى وصل فى كلامه إلى ما وقع فى عام قحط حين كتب الرعايا إليه قصة يشكون من إمساك المطر (الغيث) فأصدر أمرا إلى وزيره بأن : (إذا قحط المطر جادت سحائب الملك ففرق بينهم ما فاتهم).
ووهب نفقات أهل الدنيا من الخزانة ، ويأتى بعده الإمبراطور كسرى الذى يقترب عهده منكم فى تقوية مذهبه وقمعه للبدع أثناء الغزو وقال لوزيره : اعرض الخزانة ومن كنوز البيت وأعط للحشم ما يكفيهم من الدراهم ، واقتل الوزير لأمر الملك وعاد وقال : يلزم آلاف آلاف الدراهم حتى تكتمل (الخزانة) فأمر بأن يؤخذ من التجار والأغنياء على سبيل المرابحة حتى ترتفع ريعها وقت سدادها ، وفى الحال استدعى الوزير رجلا من تلك الجماعة كان موصوفا بالأدب ومعروفا بقول الصدق ، وتباحث معه فى هذا الأمر ، وقام الرجل وقبل الأرض بشفة الأدب ورفع عمامة التكبر عن رأسه ووضع قدم التواضع ، وقال : لو يجيز ملك الدنيا للعبد أن يتفوه بكلمة ويحظى بسمع القبول ويبذل العبد ما يتمناه سوف أوصل هذا المبلغ بلا ربح إلى خزانة الملك ويؤدى خدمات أخرى إلى منزل ملك الدنيا ، فقال الوزير : لو تصدق القول تحظى بالجواب ، فتحدث شاه بندر التجار بدعاء من قبله ثم ابتدأ حديثه قائلا : هكذا ترى شمس حياتى سوف تأفل فى شرفة القصر.
تفوقت إخلاف الصبى فى خلاله
إلى أن آتانى بالفطام مشيب
وواهب المنن قد أفاء على بالكثير الذى لا أستطيع حصره ولم يكن لدى فى هذه الدنيا سوى ولد ، ورغم أن الخالق جلت قدرته لم يضن عليه قط بالعقل الغريزى ، ولمدة ثلاثين عاما وأنا أجتهد فى تهذيبه أخلاقيا وتأديبه وتعليمه ، وقد أوصلته بالتدريبات إلى ما لا يبلغه طمع ولا مطمع ولا رأى ، ولو أن الوزير يعرض على الملك حتى بعد أن
Sayfa 61