لها ، ولم تكد تمضى مدة حتى مات الشيخ وقيل إن «تغل شاه» هو الذى أمر بإعطائه السم فى مقر قيادة الجيش وحين قارب عمر «تغل شاه» على الانتهاء وحان وقت التحول إلى طين الفناء وحلق صقر الأجل فاختطفه بكل ما كان لديه من حرص ومطامع :
ذو التاج يجمع عدة وعديدا
والموت يبطش بالألوف وحيدا (1)
ثم جلس دارا على عرش أبيه وانشغل الناس بالإعداد لتهنئته وأقبلوا من الهند والصين والروم وفلسطين يحملون الهدايا والأموال والجوارى والتحف وقالوا :
دول الزمان مناحس وسعود
عود ذوى فيه وأورق عود
ولم يكن لدارا من عناية إلا أن يعطى أولا أمر الوزارة لأخيه (بيرى) ولم يفكر فى قولهم :
إذا كنتم للناس أهل سياسة
فسوسوا كرام الناس بالرفق والبذل
فلما استقر الملك لدارا كلف أخاه بالانتقام لأخيه من المعارف والرؤساء والأمراء الذين كانوا على صلة وصداقة مع (رستين) فكان يسعى بالنميمة لدى دارا على غير حقيقة ونظرا لأنه كان شابا مغرورا غير متمرس فلم يكن يقبل العفو عن الذنب ، حتى أوغرت قلوب الخلق ضده فى جميع الدنيا وتمكنت عداوته من وجدانهم وسقطت الثقة فى أقواله وأفعاله وأهمل سنة السلف وأخذ ببدعة هذا المؤدب (بيرى)، فلما قيل : إن الإسكندر زحف حتى حدود المغرب ركب أبلق الرعونة والتهور وأمسك بعنان التكبر ، وعندما التقى الجمعان تقاعس عنه البعض وتحالف فوج مع العدو ثم وثب عليه جماعة فقضوا عليه وبرغم أنهم قد ندموا إلا أنه لم يكن للندم فائدة مع وخامة تلك العاقبة ، (فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها (3)) ولم يستن السلطان هذه السنة حتى لا يعين أحدا من بعده وليا للعهد ، إلا أنه أخبر بما يجب عمله وقال : أنا لا أمنع بأن يختم
Sayfa 53