أما حكاية التابوت فإنه كان يوجد ملك عظيم فى سالف الأيام غضب على نسائه فقال لهن : سوف أريكن كيف استغنى عنكن ، وأمر بإحضار تابوت كان يتخلص من نطفته فيه فأخذت واحدة من أولئك الزوجات النطفة ، ووضعتها فى داخلها فأنجبت ولدا ، فقيل إن أمه ملكة وأباه هو التابوت.
وقد جاء فى توراة اليهود وإنجيل النصارى أن الناس تكاثروا فى عهد" نوح عليه السلام" ولم تعد هناك أرض لم تعمر ، فعاشر بنو" لوهيم" بنات آدم عليه السلام فظهر من نسلهم الجبابرة فجعل الحق تعالى جل ذكره الطوفان وسيلة قهرهم ، وعلى ذلك فالسلطان لم يقصر فى الحيطة حتى لا تصل المراتب إلى وضع لا يمكن تداركه ، وأمر بأن كل من يتجاوز تلك السنة ويخرج عليها من بعده يستحق خفض درجته وسفك دمه أو مصادرة أمواله والنفى خارج البلاد ، وقال : لقد كتبت هذا المعنى من أجل ملوك المستقبل إذ عساهم أن لا يكونوا أصحاب تمكن قوى فى الدين فيقرأون فى كتابى ويعملون بما فيه ، ويجب التيقن من أن الملك هو النظام بين الرعية وهو قوامها وزينتها يوم الزينة ، وهو مفزعها وملجأها وحصنها يوم الخوف من العدو ، ولقد قال أيضا : عليكم أن تحفظوا النساء من الزينة ، فلا يجب أن تهملوا حفظ أى شىء قط وفق مراتبه وقال : إن عهدى لمن يأتون بعدى هو أن يسندوا خدمهم ومصالحهم إلى العقلاء حتى وإن تكن أمورا صغيرة وإن يكن الجميع مكانس ، لكن حين يكون الطريق موصلا فليكلف أفضل تلك الطائفة ، وقال العقلاء : إن الجاهل أحول ، يرى المعوج سليما ، ويظن المكسور صحيحا ويتصور عظيم الأشياء صغيرا ، ويعد الصغير عظيما ، فلا يستطيع من وهم الجهل أن يرى السابق والتالى ويعرف الأمور الأخرى التى تأتى بالضرر ولا يتيسر تداركها ، فلا يدرك الجاهل القليل من الضرر حتى تصبح المضرة بما لا يمكن إدراكه بالعلم ما هذا؟.
أما ما كتبته بأننى لم أر فى الدين شيئا قط أعظم من تعظيمه لأمور الإبدال (الأبناء المنتسبون إلى المتوفى وسيأتى شرحه) فقد قرره الدين ، وقد أغفل السلطان رعايته لذلك ، فاعلم أن السلطان وجد أحكام الدين ضائعة ومختلة ، وأن البدع والمحدثات قوية غالبة ، فعين مراقبين على الخلق بحيث إذا ما توفى شخص وترك مالا فعليهم أن يخبروا الموابدة ، ليقوموا بتقسيم المال حسب السنة ووفق وصيته بين أرباب
Sayfa 41