Osmanlı Sultanları Tarihi
تاريخ سلاطين بني عثمان
Türler
السلطان إبراهيم ابن السلطان أحمد الأول
ولد عام 1024، وجلس على عرش السلطنة سنة 1049. وتفصيل ذلك هو أن السلطان مراد الرابع توفي دون أن يعقب ذكورا، ولم يبق بعد موته من نسل آل عثمان سوى أخيه السلطان إبراهيم، وهذا كان مسجونا مدة سلطنة أخيه كما جرت العادة، ولما توفي أخوه أسرع كبار المملكة إلى مكان الحبس ليخبروه بذلك، فعند قدومهم خاف وارتعب واهما أنهم قادمون لقتله، ولم يصدق ما قالوه له، ولذلك لم يفتح لهم باب السجن، فكسروه ودخلوا عليه يهنئونه، فظن أنهم يحتالون عليه للاطلاع على ضميره، فرفض قبول الملك بقوله: إنه يفضل الوحدة التي هو بها على ملك الدنيا. ولما أن عجزوا عن إقناعه حضرت إليه والدته، وأحضرت له جثة أخيه دليلا على وفاته، وحين ذاك اطمأن باله، وجلس على سرير السلطنة، ثم أمر بدفن جثة أخيه باحتفال وافر، وساق أمامها ثلاثة أفراس من جياد الخيل التي كان يركبها في حرب بغداد، ثم مضى إلى جامع أيوب وهناك قلدوه بالسيف ونادوا له بالخلافة. أما هيئته فما كانت تعجب الناظرين؛ لأن وجهه كان مشوها بالجدري، وكان ما عدا ذلك ضعيف الرأي جبانا، فسلم الأحكام إلى أمه ووزير الصدارة قره مصطفى باشا، وانهمك في بحار الملذات بين ألف وخمسمائة سرية.
وفي سنة 1025، جاءه رسول من شاه العجم يعلمه بجلوس الشاه عباس الثاني، وفي السنة ذاتها، ولد له ولدان؛ وهما: محمد وسليمان، فخابت بذلك آمال التتار الذين كانوا يؤملون أنه بعد موت السلطان إبراهيم تنقطع سلالة آل عثمان، ويصير حق السلطنة لهم، ثم ساق جنودا تحت قيادة سياوش باشا وحسين باشا لمحاربة القزق، فلم يظفروا عليهم، ولذلك أرسل عسكرا آخر بقيادة سلطان زاده محمد باشا، فحاصروا آزاق وقرمان، وبعد عدة هجمات دخلوها ظافرين.
وفي شهر ربيع الأول من سنة 1055، أرسل عمارة بحرية مؤلفة من أربعمائة مركب لمحاربة جزيرة كريت، وذلك لأن مراكب أهالي ونديك ومالطة تعدت على مراكب الدولة، ثم ذهبت فاحتمت عند مشيخة البندقية في كريت، ولما وصلت العمارة العثمانية إلى الجزيرة المذكورة أقامت الحصار على مدينة قندية، التي هي من أعظم مدن تلك الجزيرة، واستولت عليها في مدة يسيرة، ثم تحولوا عنها إلى افتتاح باقي مدائن الجزيرة، وبعد أن مكثوا يحاربونها مدة خمسة وعشرين سنة تيسر لهم افتتاحها وذلك على عهد السلطان محمد الرابع. ومن كون السلطان إبراهيم كان منهمكا في الملذات، ومهتما في البذخ والإسراف، حتى إنه أمر بصنع قائق مرصع بحجار الماس، وبما أن أعماله كانت غير مرضية خلع وجلس مكانه ولده السلطان محمد وهو ابن السبع سنوات، فهاجت عساكر السباهية، الذين كانوا نظير الأليكشارية في الاقتدار، من إقامة صبي ملكا عليهم، وطلبوا إرجاع السلطان إبراهيم، فخاف أكابر الدولة الذين سعوا في خلعه من رجوعه لئلا ينتقم منهم، وعولوا على قتله، فذهبوا إلى السرايا المسجون بها ومعهم قرة علي السياف، ولما دخلوا عليه أمروا السياف بقتله، فلم يتجاسر أن يرفع يده عليه، ثم انطرح على أقدام الوزير يتوسل إليه أن يقتله ولا يجبره على قتل السلطان، فضربه الوزير بالعصا على رأسه ففجه. أما السلطان فلما رآهم داخلين عليه نهض خائفا مذعورا وقال لهم: ماذا تريدون مني؟ ألست أنا سلطانكم؟ فأجابوه: كلا؛ لأنك ما اتبعت آثار أجدادك، وخالفت ناموس الشريعة، وخربت المملكة، وأضعت زمانك منقادا وراء الملذات، وقد كانوا استفتوا المفتي عن قتله تحت حجة أنه كان يبيع الوظائف بالمال، فأفتاهم بقتله، وإذ ذاك جاءه آغا الأليكشارية ووزير الصدارة محمد باشا، وأعلموه بأنه قد حكم عليه بالموت، ثم وثبوا عليه وأعدموه الحياة سنة 1058، ودفن في تربة السلطان مصطفى. رحمهما الله وأسكنهما الجنان.
السلطان التاسع عشر
السلطان محمد خان الرابع ابن السلطان إبراهيم
ولد عام 1051، وجلس على تخت المملكة عام 1058 وهو ابن سبع سنين، فكانت جدته ماهبيكر، المعروفة باسم كوسم سلطان، تدبر أمور المملكة طبق العادة المألوفة حينا من الزمن، غير أنها ما استمرت طويلا مستقيمة في التصرفات، وانبرت تتلاعب بالأحكام حسب الأهواء، فأشار بعض رجال الدولة على السلطان بقتلها فقتلت. وكانت غنية جدا تركت بعد موتها عشرين صندوقا من الذهب البندقي، و300 شالا من أفخر الشيلان، وعدة علب من الذهب منقوشة المينا بما يدهش العقول، فكانت مملوءة من الحجارة الثمينة النادرة الوجود، مثل: الزمرد والماس والياقوت. وأمر السلطان أيضا بقتل قره مراد باشا، الصدر الأعظم؛ لفساد ألقاه ، وعين مكانه حسن باشا، فلم يستقم، وعين مكانه سياوش باشا، ثم عزل لما ألقى في حقه الطواشي سليمان آغا من الدسائس والفتن، وعين بدلا عنه كورجي محمد باشا، وكان عمره خمسا وتسعين سنة، وغير أهل لسياسة الملك بالنظر لكبر سنه ، فكثر الفساد، وعم الاختلال، وثار ذوو الأغراض؛ حتى إن السلطنة أشرفت على الاضمحلال. وفي 1062، عزل محمد باشا، وأقيم مكانه طرخونجي أحمد باشا، فأخذ في إصلاح الأمور، ومداركة الاختلال، ونفي الطواشي سليمان آغا إلى مصر، فهدأت الخواطر. وفي سنة 1064، ضربت عمارة الدولة عمارة مشيخة البندقية فدمرتها، وفي أثناء ذلك تجمع الجنود في فسحة آت ميدان، وأحدثوا هياجا طلبوا فيه من السلطان إعدام بعض الكبراء، فأجاب طلبهم لتسكين الهياج، وأمر بقتل قزلر آغاسي، طواشي الحريم، وقبو آغاسي، كبير المماليك، فقتلوهما وطرحوهما إلى الجنود الثائرين، فعلقوهما مع ستة أشخاص آخرين بشجرة دلب في آت ميدان. وفي سنة 1066، دخلت عمارة تابعة لمشيخة البندقية إلى جناق قلعة وضربت عمارة الدولة التي كانت في مياهها، فتغلبت عليها واستولت على بعض جزائر في البحر الأبيض تابعة للدولة.
وقد كانت الدولة في أوائل خلافة هذا السلطان معرضة لأخطار الانحطاط، تقذفها أمواج الاضطراب من جميع الجهات، فمن الجهة الواحدة كانت دول الأعداء تضرم عليها نار الحروب، ومن الجهة الأخرى كانت عمارة الأعداء قافلة بوغاز جناق ولا تسمح لمراكب الدولة بالخروج منها إلى البحر الأبيض، وكانت جزيرة كريت مجاهرة بالعصيان، وكانت وجاقات الأليكشارية والسباهية في تمرد وهياج وغير منقادين لأوامر ولاة الأمور، وكانت الخزينة خالية من النقود، والسلطان حديث السن لا يتجاوز الثماني سنوات، غير أن الباري جل جلاله لم يسمح باندثار هذه الدولة المشيدة الأركان، بالرغم عما ألم بها من الأخطار، فنشط السلطان إلى مداركة الأمر، واستدعى إليه كوبرلي محمد باشا، المشهور بسمو المدارك وحسن التدبير، فقلده منصب الصدارة، ووكل إليه الحل والربط، فأخذ الوزير بحل المصاعب، وتدبير الأمور، وإصلاح البلاد، وأخذ يجتهد في جمع الأموال، وتقوية الجنود؛ حتى يتيسر له في بحر خمس سنوات انتشال الدولة من المخاطر التي كانت محدقة بها، ويقال بأنه لم يجلس وزير على تخت الصدارة مثله، فإنه كان شجاعا، صائب الرأي، ثابت الجأش، محمود السيرة، توصل بدرايته إلى تنظيم الأحكام، وبشجاعته إلى قهر المجر والقزق، وحارب مشيخة البندقية في سنة 1067، فقهرها واستولى على جزيرتي تيندوس وليمنوس، وحارب بلاد السرب، وانتصر عليهم، وكبح جماح أبازه باشا والي الأناضول الذي جاهر بالعصيان، وحارب الأروام في بلاد الأفلاق الذين أثاروا نار الحرب، وقتلوا مأمور الدولة، واستولوا على مدينة تركويش، وقتلوا جميع من وجدوا بها من الإسلام. وفي تلك الأثناء، أرسل عساكر من التتر فضربوا جنود المسكوب، وقتلوا منهم في مدة 15 يوما 20 ألفا، فاستأسروا منهم عددا وافرا، ثم أرسل ملاك أحمد باشا، والي بورصه، مع بعض الجنود لمحاربة المجر، فانتصر عليهم، وبتدبيره انتصرت عساكر الدولة جملة انتصارات أظهرت له الفضل والأبهة، فحسده الكثيرون من رجال الدولة، ولكي يستريح من شرهم قتل معظمهم، وهم: الوزير أحمد باشا والي حلب، ومحمد باشا صهر السلطان، وسعد الدين زاده أفندي قاضي القسطنطينية، والشاعر وجدي، وكامل زاده محمد، والشيخ صوفر والي مصر، ثم حصن البلاد العثمانية تحصينا منيعا.
وفي 7 ربيع الأول لسنة 1072، انتهت حياة هذا الرجل العظيم بعد أن مكث في منصب الصدارة خمس سنوات وثلاثة أشهر وعشرة أيام. وكان السلطان جاء يتفقده قبل مماته، ولما ودعه أخذ يوصيه قائلا له: احذر من مداخلة النساء وتسلطهن على الأحكام، وأوصاه أن يقيم صدرا كثير المال، وأن يشتغل دائما في الفتوحات والغزوات، فسأله السلطان عن رجل يرى فيه اللياقة لمنصب الصدارة، فأجابه أنه يرى اللياقة في ولده أحمد، فأقامه صدرا وقلده زمام الحكم، فسار على سنن أبيه في تحسين شئون الدولة. وفي سنة 1076، قتل حكام قبرص وساقز بالنظر لوفرة ظلمهم وفسادهم، وفي سنة 1077، جرد العساكر لافتتاح قلعة كريت، وكانت هذه السنة من أنحس السنين، حدثت بها جملة حروب وزلازل قوية أخربت عدة بلاد، وحدث فيها طاعون شديد، وأمطرت السماء بردا غريبا بلغت زنة البردة 240 درهما، وظهر في مدينة أزمير رجل يهودي يدعى سبتاي لاوي ، زعم أنه المسيح المنتظر من اليهود، وتظاهر بالوداعة، وأخذ يحدث الناس بدنو الأوان، فسار من أزمير إلى القدس، وهناك طفق يخابر اليهود الموجودين في المملكة العثمانية، ويعلنهم بمجيئه، فآمن به أكثر اليهود، وحضروا إلى أورشليم ليتباركوا منه، وكانوا يحدثون عنه أنه يعمل العجائب، ويفعل المعجزات التي تقصر عن إدراكها الأفهام. ولما بلغ خبره والي أزمير أرسل معتمدين من قبله ليقبضوا عليه، وقد بلغه ذلك فسار من أورشليم إلى القسطنطينية بجمع غفير من تلامذته، وقبل أن يدركها أرسل الصدر الأعظم فقبض عليه من المركب الذي كان حاضرا به من نواحي جناق قلعة، وزجه في السجن.
أما اليهود الذين كانوا يعتبرون هذا الاضطهاد كتتميم للنبوات السابقة عن المسيح، فإنهم شرعوا يستأذنون الوزير ليرخص لهم بمقابلة مسيحهم لتقبيل مواطئ قدميه، وبعد اللتيا والتي سمح لهم بذلك، بعد أن ضرب عليهم مبلغا من المال يدفعونه إلى الخزينة، ومن ثم ساروا يتواردون إلى السجن مقر مسيحهم حتى غص بهم. وكان السلطان وقتئذ في مدينة أدرنه، ولما اعتلم بأمره أراد أن يراه ويسأله عن ذاته، فعندما امتثل بين يديه طفق يتكلم بالتركية عن غير دراية بها، فقال له السلطان: إن كلامك بالتركي لا يستفاد منه أنك تعرف هذه اللغة، على حين يجب على مسيح نظيرك أن يكون فصيح اللسان بجميع اللغات، ثم قال له: هل تفعل شيئا من العجائب؟ فأجابه: نعم، ولكن في بعض الأوقات، فقال له السلطان: أرغب أن أمتحن فيك هذه الأعجوبة، ثم أمر بأن يعرى من ثيابه ويوقف في فسحة الميدان، وترميه الجنود بالنبال؛ فإن أصابته ولم تلحق به أذى يكون صادقا في دعواه، ماذا وإلا يكون دجالا ذميما. ولما أن سمع ذلك انطرح على الأرض وطفق يتوسل إلى السلطان بقوله: أرجوك عفوا عن حياتي؛ فإن قوتي لا تقدر على هذه الأعجوبة؛ فأمر السلطان بقتله، وحينئذ ترامى على أقدامه وطلب الدخول في دين الإسلام، فقبل إسلامه، ومن ذاك الحين صار يعظ اليهود ليعتنقوا الدين الإسلامي، فأسلم منهم كثيرون. وفي السنة ذاتها ظهر رجل من الأكراد يدعي المهدوية، والتف حوله جمهور عديد، فقبض عليه والي الموصل وأرسله إلى القسطنطينية، ولما تمثل بين يدي السلطان أمر أن يفعل به ما كان يريد أن يفعله مع المسيح الكذاب، فارتضى ومات قتيلا بالسهام.
Bilinmeyen sayfa