أنشئت الجمعية السورية عام 1847 في بيروت لنشر العلوم وتنشيط الفنون بين الناطقين بالضاد، وكان أعضاؤها من خيرة العلماء الوطنيين والأجانب الذين يشار إليهم بالبنان، فمن الوطنيين نذكر: الشيخ ناصيف اليازجي، والمعلم بطرس البستاني، والدكتور ميخائيل مشاقة، وميخائيل مدور، وشكر الله بن نعمة الله خوري، وسليم دي نوفل، وميخائيل فرج الله، ونعمة ثابت، وأنطونيوس الأميوني. ومن الأجانب نخص بالذكر: القس عالي سميث، والدكتور كرنيليوس فان ديك، والقس وليم طمسن، والمستشرق منصور كرلتي، والدكتور يوحنا ورتبات، ويوسف كنفاغو، وتشرتشل بك. وفي 6 كانون الثاني 1852 أنشأت هذه الجمعية مجلة باسمها وعهدت بكتابة مقالاتها إلى المعلم بطرس البستاني، وكانت مباحثها تشتمل على جميع المواد العلمية والفنية والتاريخية والتجارية والأدبية والفلكية والشرائع والاكتشافات والاختراعات العصرية وغير ذلك. وكان أكثر أعضاء الجمعية يساعدون المعلم بطرس في تحرير المجلة ويدون كل منهم ما يكتبه بتوقيعه كالشيخ ناصيف اليازجي أحد مؤسسيها وغيره. (3) مرآة الأحوال
جريدة أسبوعية سياسية أصدرها رزق الله حسون الحلبي سنة 1855 أثناء حرب القرم بين الدولة العثمانية وروسيا، وهي أول صحيفة عربية نشأت في عاصمة السلطنة وعاشت نيفا وسنة، فكانت تنشر وقائع الحرب المذكورة وأشياء أخرى عن أحوال بلادنا السورية، لا سيما لبنان وبعلبك وحاصبيا وغيرها. وقد تضمنت فصولا لا تخلو من تقبيح الأتراك والتنديد بأعمال الحكومة العثمانية؛ لأن حسون كان حر الأفكار، طويل الباع في الإنشاء، مر الهجو في الشعر كالفرزدق، فصمم الباب العالي على إلقاء القبض عليه؛ ففر هاربا إلى الروسية، فحكم عليه الأتراك حكما غيابيا بالإعدام. وقد نظم حينئذ بعض أبيات في الفخر خاطب بها دولة الأتراك، ونحن نورد منها هذين البيتين اللذين رواهما لنا محمد باشا المخزومي:
أنا ابن حسون رزق الله أشهر من
نار على علم والكل بي علموا
كرا وبلغهم عني مغلغلة
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم (4) السلطنة
عنوان جريدة سياسية صدرت عام 1857 في الآستانة لمنشئها المرحوم إسكندر شلهوب السوري الأصل. وهي ثانية الصحف العربية السياسية في عاصمة السلطنة وسائر الممالك العثمانية. وما كادت تظهر لعالم الوجود حتى عطلها صاحبها قبل بلوغها تمام السنة من عمرها، كما أفادنا أحد الأدباء من آل شلهوب. ومن غرائب الاتفاق أنه في 20 آيار 1897 ظهرت صحيفة مصورة كبرى في مدينة القاهرة عنوانها «السلطنة» واسم صاحبها «إسكندر شلهوب» أيضا، وقد أراد الثاني بذلك إعادة مجد تلك الصحيفة القديمة، وإحياء ذكر مؤسسها الذي كان له نسيبا، ومن أخص رجال الفضل. (5) حديقة الأخبار
صحيفة أسبوعية سياسية علمية تجارية تاريخية، برزت في غرة كانون الثاني 1858 على يد مؤسسها خليل الخوري اللبناني. وهي أول جريدة سياسية أنشئت في البلاد العثمانية خارجا عن عاصمة السلطنة. وكان خليل الخوري قبل إنشاء «حديقة الأخبار» عازما على تسمية جريدته «الفجر المنير»، وعرضها للاشتراك على أعيان بلادنا وأدبائها، وعلمنا ذلك من وثيقة محفوظة في بيت ميخائيل مدور ومذيلة بأسماء الذين بادروا إلى الاشتراك في الفجر المنير. إنما نجهل السبب الذي حمل خليل الخوري على تبديل هذا الاسم بحديقة الأخبار، وإليك نص الوثيقة المذكورة بالحرف الواحد:
إنه سيطبع في مدينة بيروت بمطبعة خصوصية مجموع حوادث عربي العبارة يحتوي على حوادث هذه البلاد وعلى الحوادث الخارجية مؤلفة ومترجمة من أحسن وأعظم جرنالات الأوروبا، وعلى فوائد علمية عامة وأحوال متجربة ليكون نافعا سائر طبقات الناس، وذلك بهمة جمعية مؤلفة من أحذق وأنبه رجال البلاد المؤلفين والمترجمين والمصححين الذين ستشهر أسماؤهم فيما بعد لا سيما جناب عمر أفندي الأنسي الحسيني وجناب الشيخ ناصيف اليازجي، وابتداء العمل يكون حين ورود الفرمان العالي بعد أخذ الأسماء اللازمة لهذه العملية، فنلتمس من كل مهذب يرغب نفع البلاد أن يشرفنا بوضع اسمه في هذه القائمة، وثمن هذا المجموع مائة وعشرون غرشا بالعام تدفع عند استلام أول عدد، وهو يطبع في كل أسبوع تحت إدارة كاتبه خليل الخوري واسمه الفجر المنير.
وكانت حديقة الأخبار المظهر الوحيد للرسائل العمومية والأنباء المفيدة وتنشيط الناس على إقامة المدارس وتعميم الزراعة وترويج الصناعة وتحسين التربية والأخلاق والعادات، وقد حافظت في جميع أدوار حياتها على مبدأ الاستقامة والعدل وحب النفع العام؛ ولذلك قرظها الأمراء والوزراء والعلماء شرقا وغربا بما تستحقه من المدح، كأمير الأمراء السيد حسين التونسي، والصدر الأعظم خير الدين باشا الشهير، ونذكر منهم السيد رينو أحد أعضاء المحفل العلمي الفرنسي ورئيس «الجمعية الآسيوية» وأستاذ اللسان العربي في باريس وحافظ المخطوطات الشرقية في مكتبة الدولة الفرنسية، فإنه تلا تقريرا مطبوعا أمام الجمعية المذكورة في 29 حزيران 1858 وخصصه بوصف «حديقة الأخبار» مشبها إياها بأعظم الجرائد الأوروبية، ثم ذكر ما كابده منشئها من العناء في تعريب الأوضاع المستحدثة في أوروبا وإيجاد ألفاظ عربية تقابلها وتؤدي معناها الحقيقي بكل أمانة، ومنهم السيد فليشر أحد أركان «الجمعية الشرقية الألمانية» وأستاذ اللغات الشرقية في كلية ليبسيك، فإنه تلا خطابين سنة 1858 وسنة 1859 على محفل هذه الجمعية ونشرهما باللغة الألمانية، وهما يتضمنان الثناء على أسلوب إنشاء حديقة الأخبار التي مثلها بلسان حال التمدن السوري.
Bilinmeyen sayfa