ومنهم عظيم التهجدات، والتوجيهات، قديم البركات والمكاشفات، قليبك العجمي، وضريحه في زاوية بعين الزيتون، يقصده القاصدون، وولده الشيخ محمود من أهل اللطف والجود، له وصلة بأهل السلوك، وحضرة عند الأكابر والملوك.
ومنهم الحاج خليل بن بركة أحد الصالحين التائبين، كان كثير الصلاة والصوم، مع التقشف ومجاهدة النفس، اطلعت مرة على حاله، وهجره لأهله، واهماله، فتكلمت بحضرته في حق الأهل، والنفس كلاما أعجبه، وأخبرني ولده أنه تلك الليلة أكل اللحم ونام عند أهله من حين سمع ما قلته في وصف أحوال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فإنه كان محبا متبعا، ومن ثباته أنه مات له ولد عظيم تقي بار نافع، وكنت قد حدثته يوما أن الفضيل لم ير ضاحكا إلا يوم مات ولده، فقيل له في ذلك، قال: رأيت الله عز وجل أحب شيئا فأحببته، فلما كان بعد مدة جاءني ليلا وقال: بسم الله، قم معي وهو يضحك، فقمت معه دخلنا داره، وإذا ولده المذكور ميتا مسجى طول البيت، وقال لي: اجلس، ثم جاء بطبق فيه كنافة ومشبك، وقال لي: كل في عرس ولدي، ثم قعد يأكل، وأعجب من ذلك أن والدته وإخوته نساء ورجالا، فما سمعت لأحد بكاء ولا غيره، ثم لم يزل ضاحكا حتى دفن، ومن ثباته أنني دخلت إليه عند موته وهو يجود بنفسه، ومعي جماعة، فقال له الشيخ قاسم العكبري، وكان من الصالحين: لا تغفل عن ذكر الله تعالى، قال:
يا أخي ما يحتاج إلى ذلك، ثم شرع يقرأ سورة يس، فما انصرفنا حتى مات وهو جالس وحده (رحمه الله تعالى).
ومنهم شيخنا وبركتنا الشيخ صفي الدين بن عبد اللطيف بن أمين الدولة الحلبي، أحد الأولياء المشهورين، والأشياخ المذكورين، كان من بيت رئاسة ووزراء، وأكابر بحلب، فتركه وخدم الشيخ عماد الدين الواسطي بدمشق، وتحرفش حتى لبس الخلقان، ففتح عليه منه، ثم
Sayfa 162