مدينة صفد
أما صفد نفسها، فحصن منيع بقمة جبل كنعان، كان قرية قديمة فبني عليها هذا الحصن، وهو صفد، وأما اليوم فالمدينة نفسها هي التي تسمى صفد.
ولذلك معنيان: المعنى الأول إن الصفد العطية، وهذا هو المناسب لتسميتها عند الافرنج لأمرين: أحدهما أن ملوك الافرنج أعطوها لطائفة يقال لها الداوية 5، لا يشاركها فيها أحد فسموها لذلك بصفد، الثاني أنهم سموها أيضا صفت بالتاء، فلما وصفت بالصفاء صلحت للعطاء.
المعنى الثاني أن الصفد المغارة، ومنه قوله تعالى:
(مقرنين في الأصفاد) 6 أي في الأغلال، وقد يكون لهذا الاسم مناسبة إما لأن صاحب الغل يمتنع من الحركة، ويلزم موضعه، وهذه المدينة كذلك لأنها جبل عال وعر لا يتمكن ساكنها من الحركة كل وقت، إن ركب تعب، وإن مشى على قدميه اختلط لحمه بدمه لصعود الربوة وهبوط الوهدة، فهي لعلوها أعظم مشرف، فضياع الحركة فيها من السرف، ويستقر ساكنها بأي مكان ويقتنع فيها بالنظر وسنان.
واعلم أنها لطيفة الهواء، طيبة الماء، لها منظر بهج، ومشرف أرج، لا سيما في أيام الربيع، فلها رونق بديع، ومن أبيات لشيخنا قاضي القضاة جمال الدين التبريزي 7 (رحمه الله تعالى):
لما قضى الفرد الصمد
أني أسير إلى صفد
فدخلتها متيمنا
فوجدتها نعم البلد
ورأيت منظرها الذي
يشفي العيون من الرمد
وهواؤها مع مائها
فأصح شيء للجسد
يا حسنهالو لم يكن
للناس موردها ثمد
Sayfa 116