Dünyada Korsanlık Tarihi
تاريخ القرصنة في العالم
Türler
ما إن حلقت الطائرة في الجو حتى تبعتها طائرتان قاذفتان من كوريا الجنوبية، نجحتا في الاتصال بطاقم «البونيج»، وقد طالب الطيارون الكوريون من الطاقم الهبوط بالطائرة في سيول. في هذا الوقت تماما بدأ الاستعداد لأكبر عملية تضليل في تاريخ الطيران المدني. كان مطار كيمبو في سيول قد أجرى عددا من التغييرات، ليصبح مستعدا لأن يترك انطباعا لدى المختطفين أنهم قد هبطوا في بيونج يانج، فتم نزع أعلام الدول الغربية، ورفعت على جميع الصواري أعلام جمهورية كوريا الشمالية الديمقراطية والرايات الحمراء، وعلقت اليافطات وعليها الشعارات الشيوعية، وارتدت الفرقة العسكرية بالمطار السترات العسكرية للجيش الشعبي الكوري، وأعلنت إذاعة المطار للطائرة: «هنا مطار بيونج يانج، يمكنكم الهبوط.»
غير أن المختطفين سرعان ما اكتشفوا الخدعة؛ فبعد هبوط الطائرة مباشرة طلبوا إحضار آخر الصحف الصادرة في بيونج يانج، ولكنهم لم يتسلموها. أغلق المختطفون كل أبواب الطائرة، وطالبوا بالسماح للطائرة بالإقلاع فورا، والتوجه إلى كوريا الشمالية، لكن الطيار أخبرهم أن هذا الأمر أصبح مستحيلا؛ إذ إن موظفي الخدمة الأرضية بالمطار قاموا بإفراغ إطارات الطائرة من الهواء لإعاقتها عن الإقلاع.
بدأت مباحثات طويلة مشحونة بالتوتر بين مختطفي الطائرة من ناحية، والسلطات المحلية في كوريا والسلطات اليابانية أيضا من ناحية أخرى. اشترك في المباحثات سفير اليابان في سيول ووزير النقل والمواصلات الياباني الذي هرع إلى عاصمة كوريا الجنوبية. استمرت المباحثات لساعات طويلة، وتم إعلان أكثر من مرة عن إقلاعها الوشيك، غير أن هذا الإقلاع كان يتعرض للتأجيل في كل مرة. أصبح الوضع على الطائرة يكتسب شكلا دراميا ساعة بعد الأخرى، فقد الركاب الذين أرهقهم الجلوس الطويل الممض في مقاعد ضيقة ما تبقى لديهم من قوة، وأصبحوا في حال يرثى لها، كان هذا ما تدل عليه البرقيات اللاسلكية التي تبادلها الجانبان.
قام قائد الطائرة، الذي كان يتحلى بقدر كبير من الصبر والتماسك بإبلاغ السفير الياباني في سيول بالوضع على الطائرة في برقية جاء فيها: «إن الطلاب في قمة غضبهم، يتصاعد لديهم الإحساس بالتوتر، الموقف لم يعد محتملا، يريدون الإقلاع فورا. وفي رأيي أن علينا أن نطير فورا تجنبا للعواقب الوخيمة.» وقد توجه أحد الركاب برجاء مماثل إلى السفير قائلا: «إننا جميعا موافقون على مواصلة الرحلة، حتى لو تم القبض علينا هناك، نتوسل إليكم! دعونا نطير».
وأخيرا، وبعد أن ظلت الطائرة على أرض المطار إحدى عشرة ساعة كاملة، قررت السلطات المحلية أن تنهي وعلى وجه السرعة هذه الكوميديا المصطنعة، وعبر نافذة غرفة الطيارين المفتوحة وصل بيان سلطات المطار من خلال الميكروفونات، يقول: «أنتم هنا في مطار كيمبو في كوريا الجنوبية»، ومن خلال هذه النافذة ذاتها أخذت المياه والمواد الغذائية تتدفق على الركاب وطاقم الطائرة استجابة للتوسلات اليائسة، كما جرى شحن البطاريات، حتى أمكن تدفئة الطائرة التي كان ركابها يشكون من شدة البرد. بعد ذلك وجهت السلطات نداء إلى مختطفي الطائرة جاء فيه: «أطلقوا سراح الركاب، وفي هذه الحالة سوف نتيح لكم غدا الإقلاع إلى كوريا الشمالية.» غير أن القراصنة الذين سبق وتعرضوا للخداع من قبل أجابوا نقطة المراقبة بقولهم: «لن نسمح لأحد بمغادرة الطائرة، لسنا بحاجة لمساعدتكم لنطير إلى جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وسوف ندمر الطائرة بمن فيها من الركاب إذا ما حدث هجوم عليها.» في الوقت نفسه أكد قائد الطائرة وجود مواد متفجرة بحوزة المختطفين، الأمر الذي لم يكن يعلمه الركاب أن قائد الطائرة المدنية التابعة للأسطول الجوي الياباني قد نجحوا بشق الأنفس في منع السلطات في سيول من استخدام الغازات، ومحاولة اقتحام الطائرة عنوة.
في الوقت نفسه كان هناك حوار طويل بين سيول وطوكيو، اشتركت فيه جهات عدة. بعد مباحثات طويلة، استمرت لمدة ثمان وسبعين ساعة بين المسئولين في كل من سيول وطوكيو، وافق القراصنة على إبداء بعض التنازلات بإخلاء سبيل ما يزيد عن مائة راكب، ظلوا على مدى أربعة أيام يعانون من الجوع والتوتر في انتظار وضع حد لهذه القصة. على أن الطلبة اشترطوا - في مقابل إطلاق سراح هؤلاء الركاب - أن يصعد إلى الطائرة رهائن آخرون هم بالتحديد: السيد يامامورا نائب وزير النقل والمواصلات، والسيد آبي عضو البرلمان الياباني عن الحزب الاشتراكي. ووافقوا على إطلاق سراح خمسين راكبا في البداية، ثم إطلاق سراح باقي الركاب بعد صعود الرهائن إلى الطائرة، كما وافقوا على اقتراح السلطات المحلية بإرسال ثمانية أطباء وخمس عشرة ممرضة؛ إذ إن غالبية الركاب كانوا بحاجة إلى معونة طبية (كان أحد الركاب قد أخذ يعاني من نوبة قلبية، بينما ظهر على راكب آخر بوادر انهيار عصبي نتيجة للصدمة)، الأمر الذي لم يقبله القراصنة إطلاقا هو استبدال طاقم الطائرة بطاقم آخر، على الرغم من وصول خمسة طيارين ومضيفتين من طوكيو إلى سيول برفقة الرهينتين المذكورتين، ليحلا محل طاقم الطائرة المخطوفة، الذي أنهكته الرحلة تماما، حتى بدا أنه ليس بإمكانه مواصلة الطيران. وعدت السلطات في سيول بأن الطائرة سوف تكون جاهزة للإقلاع، وستسحب إلى خط الطيران فور تبادل الركاب بالرهائن.
كان قد مضى على وجود «البوينج» ما يقرب من ثمانين ساعة على أرض مطار سيول، عندما فتح بابها أخيرا ليظهر أمامه طالبان يابانيان يحملان سيوف ساموراي، طلبا من موظفي الخدمة الأرضية عدم الاقتراب من سلم الطائرة أكثر من مترين. بعدها ظهر على درجات السلم طلائع الركاب الذين كانوا يتحركون بالكاد واحدا وراء الآخر في طريقهم إلى ساحة المطار، حيث كانت تنتظرهم سيارات الإسعاف مجهزة بالأطباء والممرضات. بعد أن غادر الركاب الخمسون الطائرة، عادت أبوابها لتغلق من جديد، في الوقت الذي كان الركاب قد أطلق سراحهم يدخلون إلى مبنى مطار سيول، كان يامامورا قد صعد إلى «البوينج»، وبمجرد أن غادرها بقية الركاب، حتى أقلعت في طريقها إلى بيونج يانج.
هكذا انتهت أصعب مائة واثنتين وعشرين ساعة من مغادرة الطائرة التي اختطفها الطلاب مسجلين بذلك «رقما قياسيا» فريدا في مجاله. انتهت القصة، لكن نتائجها استمرت بعد ذلك زمنا طويلا، في الخامس من أبريل أعلن إيزاكو ساتو رئيس وزراء اليابان، من خلال لجنة الهدنة الدولية، عن شكره لحكومة كوريا الديمقراطية الشعبية، لإعادتها الفورية للطائرة المختطفة. لا شك أن المسئولية في هذا الحادث تقع بالدرجة الأولى على الأشخاص الذين قاموا باختطاف الطائرة، على أن الحكومة اليابانية قد اتهمت بأنها عرضت حياة أكثر من مائة نفس للخطر.
لم تسلم الطائرات المدنية البولندية من موجة الهجوم على الطائرات التي زادت حدتها في تلك الفترة، ففي أكتوبر ونوفمبر من عام 1969م كانت طائرتان منها هدفا للقرصنة الجوية «إيل-18»، كانت تطير من وارسو في طريقها إلى بروكسل عبر برلين عاصمة ألمانيا الديمقراطية، على الهبوط في برلين الغربية. وفي العشرين من نوفمبر عام 1969م تعرض طاقم طائرة الركاب البولندية من طراز «إن-24»، وكان متجها بالطائرة من فروتسلاف إلى وارسو، لهجوم من جانب اثنين من قراصنة الجو، أرغموه على تغيير وجهته إلى فينا.
طلبت الحكومة البولندية تسليم كلا المجرمين لها. وفي مارس من عام 1970م نظر القضاء النمساوي في فينا أمر مختطفي الطائرة، وأصدر حكمه على واحد منهما بالسجن سنتين وثلاثة أشهر، بينما حكم على الآخر بالسجن سنتين. وبعد انقضاء مدة العقوبة كان لزاما على المجرمين وفقا لحكم المحكمة أن يغادرا الأراضي النمساوية فورا، وقد أشار رئيس المحكمة في حيثيات حكمه إلى أن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لا تعترف بحق اللجوء عند ارتكاب أعمال القرصنة الجوية.
Bilinmeyen sayfa