وَيُقَال أَنهم كَانُوا يسقون مِنْهُ إِلَى قرب الشَّام بساتين ذَات أعناب ونخيل وَزرع وقرى مُتَّصِلَة بَعْضهَا بِبَعْض وَبَقِي الأقليم عَامِرًا إِلَى أَن اخربه الله وَكَانَ الْمُوجب لذَلِك مَا ذكره الدَّارِيّ قَالَ خرجت قافلة من الشَّام وَإِذا بفأر قفز من الأَرْض وَركب ظهر جمل من بعض الْجمال الَّتِي فِي الْقَافِلَة وَلَا زَالَ ينْتَقل من جمل إِلَى جمل ويعبر منزلا بعد منزل إِلَى أَن وصل مَدِينَة مأرب فقفز الفأر من الْجمل وَدخل السد وَصَارَ يعْمل فِيهِ عمله
وَيُقَال إِن النُّعْمَان بن الْمُنْذر خرج يَوْمًا فِي طلب الصَّيْد فَحصل فِي طرد الصَّيْد فَوجدَ الفار بأنياب حَدِيد يحْفر السد فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَبِيه الْمُنْذر قصّ عَلَيْهِ حِكَايَة الفار وَصفَة أنيابه أَنَّهَا من حَدِيد يحْفر بهَا السد فَقَالَ الْمُنْذر صَحَّ يَا بني مَا وَجَدْنَاهُ فِي الْكتب أَن مَا يخرب سد مأرب إِلَّا فار أنيابه من حَدِيد وَأُرِيد مِنْك اذا دَخَلنَا يَوْم الْأَحَد إِلَى الدَّيْر وَالْكَنَائِس وَالنَّاس فِيهِ مجمعون قُم إِلَيّ وشاكلني فِي أَمر من الْأُمُور وَطول وَهَا أَنا اشاقك عَلَيْهِ فَإِذا رَأَيْت الْأَمر قد طَال قُم الطمني براحة كفك على خدي قَالَ النُّعْمَان وَكَيف يُمكن ذَلِك قَالَ يَا بني افْعَل مَا أَمرتك بِهِ لِأَن لي فِيهِ رَأيا وَلَك فِيهِ مصلحَة فَفعل الْوَلَد مَا أمره بِهِ وَالِده فَلَمَّا لطم الشَّيْخ غضب من الْحِين وَسمي الْمَظْلُوم فَقَامَ الشَّيْخ إِلَى الْجَمِيع وَقَالَ يَا وُجُوه الْعَرَب مَا بَقِي لي مَعكُمْ سكن قَالُوا لَهُ الْجَمِيع وَلم قَالَ وَكَيف أقيم وَصبي كسر حشمتي بَيْنكُم وحرمتي وَمن سَاعَته نَادَى على السد فتألبت والتأمت قبائل الْعَرَب فِي شِرَائِهِ قَالُوا بكم قَالَ تغمدوا سَيفي هَذَا وغرس ذُبَاب سَيْفه على الأَرْض وَصَارَت الْعَرَب تنقل الذَّهَب وَالْفِضَّة والمصاغ إِلَيْهِ وَلَا زَالُوا على حَالهم يصبون الذَّهَب إِلَى أَن غمد سَيْفه بِالذَّهَب فَأخذ الشَّيْخ المَال وَصعد الْجَبَل وَسكن مُقَابل السد والجبل يُسمى حفا وَهُوَ وَأَهله ينتظرون خراب السد وَلما تمكن الفار من السد وخرقه أخر بِهِ وَخرج السَّيْل
ثمَّ قَالَ حَدثنِي سَلامَة بن مُحَمَّد بن حجاج قَالَ لما وَقع السد أَخذ المَاء فِي جملَة مَا أَخذ ألف صبي أَمْرَد على ألف حصان ابلق غير الْبيض والشقر والدهم وَالْخضر وَقَالَ الشَّاعِر
1 / 68