Napolyon Bonaparte Tarihi
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Türler
لم يكن هينا ذلك الهتاف العظيم للكتائب الفرنسية الذي هتفته الشعوب التي سيعبر الفرنسيون أراضيها للوصول إلى الروسيين.
كان معسكر الإمبراطور العام في ويلنا، إلا أن الجيش الفرنسي إنما كان يواصل زحفه المنتصر على جميع النقاط، فخشي الإسكندر سوء العاقبة فأرسل معاونه الجنرال بالاشوف إلى نابوليون متظاهرا برغبته في فتح مفاوضات للصلح، فاستقبل نابوليون رسول الإسكندر بكل حفاوة وإكرام وأظهر له أسفه الشديد على الشقاق الذي حاول طويلا أن يتلافاه. فأجابه القائد الروسي على حفاوته هذه قائلا له: «إن الإمبراطور إسكندر مستعد للدخول في المبدأ البري إذا ارتد الفرنسيون عن النييمن وتخلوا عن الأرض الروسية.» ففكر نابوليون قليلا ثم أجاب الرسول: «إذن فلنعقد الصلح حالا، في ويلنا نفسها، وعندما تمضى المعاهدة أرتد عن النييمن.»
2
إلا أن الأمر الذي جاء بالاشوف من أجله لم يكن لهذه الغاية، فصرح أنه يريد قبل كل شيء أن يحصل التخلي السريع عن الأرض الروسية، فصرخ نابوليون قائلا: «أعبارات صلح هذه؟ أهكذا نهجنا في تلسيت؟ إن هؤلاء القوم لا يريدون سوى بعض أيام راحة، ولا يفكرون في سوى إنقاذ باغراسيون. إذن فلنكمل ما بدأنا به حتى نضطر إمبراطورهم أن يرجع إلي.»
ترك الإمبراطور ويلنا في السادس عشر من شهر تموز وفي عزمه أن يدخل روسيا القديمة بوضعه الوسط بين الدوينا والبوريستين، ثم قرر أن يزحف ووجهته ويتبسك وسمولنسك متجنبا مطاردة بركلاي الهارب إلى بطرسبورج، وتاركا لدافو وجيروم وشارتزنبرج الاهتمام بمنع باغراسيون من بلوغ معسكر دريسا حيث كان الإسكندر ينتظره، إلا أنه لم يظهر الغاية من هذه الخطة لأحد من جميع هؤلاء القواد بل آثر أن تبقى سرا لا يطلع عليه سواه حتى تكشفه النار في ساحة الحرب، إلا أن هذا الموقف ترك فراغا لتأويلات عديدة؛ فإن كلا من هؤلاء القواد كان يحاول أن يحزر خطة الإمبراطور، سوى أن الإمبراطور كان واثقا من صحة خطته وانتصارها فلم يعبأ بموقف القواد؛ ولكن، واحسرتاه، لم يكن جميع قواده عند السرعة في التنفيذ كما خيل إليه في بادئ الأمر؛ فإن شقيقه جيروم الذي عهد إليه بمطاردة باغراسيون ترك للجنرال الروسي على ما جاء في مذكرة سنة 1812 ثلاثة أيام متوالية استراح خلالها من أتعابه في نيسويغ في حين أن نابوليون كان قد كتب لأخيه بإلحاح شديد يحثه لدفع فرقته إلى الأمام. فلما جرى هذا الحادث اغتاظ الإمبراطور ووضع شقيقه جيروم تحت أوامر دافو؛ إلا أن جيروم رأى أن لقبه الملكي لا يسمح له بقبول ذلك فانسحب من الجيش وكتب إلى الملكة ما يلي: «بعد أن طاردت باغراسيون وطردته من أمامي ألقيته على أمير أكموهل ؛ أما اليوم فقد استلمت من أمير أكموهل كتابا يقول لي فيه إنني أصبحت تحت أمره ... أنت تعرفين أنني لا أستطيع أن أعتبر هذا إلا أمرا من الإمبراطور، إذن فأنا أنسحب من قيادة الجناح الأيمن.» فدونت الملكة هذا الكتاب في مذكراتها اليومية وأضافت إليه هذه الملحوظات: «مهما كان تصرف الإمبراطور ظالما تجاه الملك فقد كان عليه أن يرضخ للظروف؛ إذ إنه ما من فائدة في معاندة الإمبراطور.»
فاز الفرنسيون في المعركة الأولى فوزا باهرا، وكان هذا الفوز عائدا إلى وصول كتيبة دلزون التي قهرت المشاة الروسيين الذين هاجمتهم خيالة ملك نابولي من غير فائدة. وفي اليوم الثاني ظهر الجيش الروسي الذي جاءه مدد في الليل مستعدا لإعادة القتال؛ وكان الفرنسيون أيضا على استعداد تام؛ إذ إن الأمير أوجين انضم إلى مورات فتضاعف عدد الجنود.
كان الروسيون يشغلون مركزا خطيرا لا يطردهم منه إلا مجموع شجاعة الجند الفرنسي؛ إذ إنهم إنما كانوا على مرتفع واد عميق يقوم على يساره غاب كثيف وعلى يمينه نهر الدوينا، فدافع الروسيون عن أنفسهم دفاعا جميلا في بادئ الأمر، فلما رأى القواد الفرنسيون هذه الحركة الناجحة فهموا أنه لا ينشلهم من الخطر إلا شجاعة نادرة وهجوم هائل؛ فأعطى مورات وأوجين المثل وحذا حذوهما جونو ونانسوتي؛ إذ إنهم هجموا جميعهم في مقدمة كتائبهم، وما هي إلا بضع ساعات حتى تزعزع الروسيون من مراكزهم، واندحروا حتى نواحي كومارشي حيث وجدوا غابا لجئوا إليه والتقوا بالجنرال توتشكوف فعضدهم.
كان الجيش الفرنسي ينتظر بفروغ صبر اختراق الحاجز الأخير الذي يؤخر دخوله إلى ويتبسك، إلا أن قواده لم يكونوا ليريدوا التوغل من غير حكمة في غاب كثيف ملأه الروسيون بعدد من الجنود لا يحصى، إذن فبقي مورات وأوجين مترددين حتى قدم نابوليون، فأشرقت الوجوه بنور من الأمل، وعلا الهتاف من جميع الشفاه، وارتسم الحماس على جميع الوجوه، عند هذا أشار إليهم الإمبراطور بالزحف، وما هو إلا وقت قصير حتى كان الجيش في وسط الغاب وانحدر منه إلى إكمات ويتبسك، وفي السابع والعشرين من الشهر، عند مطلع الفجر، والى الجيش المنتصر زحفه ، إلا أن الروسيين الذين تراجعوا بنظام، التقوا بجيش باركلي فتوقفوا وظهرت عليهم دلائل الاستعداد للمعركة.
كانت ساقية لوتشيسا تفصل الجيشين بعضهما عن بعض، وكان جسر صغير ملقى على منحدر هناك وقد تهدم بعضه فأشار نابوليون إلى الجنرال بروسيه بترميمه لتتمكن الكتائب من المرور عليه، ثم اتجه إلى مرتفع فوقع نظره على مائتي جندي من الفرنسيين يحتجبون بين الرجال والخيل ويظهرون منتصرين بعد أن أحيطوا بالخيالة الروسية من جميع الجهات، فسأل الإمبراطور بحدة قائلا: «لأية فرقة ينتمي هؤلاء البسلاء؟» ثم أرسل أحد قواده ليستعلم عن ذلك ويقول لهم باسمه إنهم استحقوا جميعا وسام الشرف، فكان جواب الجنود: «نحن أبناء باريس!» قالوا ذلك وجعلوا يحركون قبعاتهم على رءوس الحراب هاتفين: «ليحي الإمبراطور!»
على أنه حدث أمر أخر الحرب التي انتظرها الإمبراطور طويلا. فلقد علم باركلاي أن باغراسيون قد أجبر على اختيار الدنيبر والانحدار إلى شواطئ السوج فغير عزمه، وترك معسكره تحت جنح الظلام، واتجه إلى ما وراء ويتبسك زاحفا توا إلى برويستين حيث كان يرجو أن يلتقي بباغراسيون. ولما برز النهار دهش الفرنسيون؛ إذ إنهم لم يعودوا يرون أمامهم جيش العدو الذي كان قبل ساعات يملأ بنيرانه شواطئ لوتشيسا، فاحتلوا بسرعة المراكز التي تركها الروسيون ودخلوا من غير مقاومة إلى ويتبسك التي هجرها ساكنوها عندما رأوا باركلاي هاربا منها.
Bilinmeyen sayfa