Modern Nejd Tarihi ve Ekleri
تاريخ نجد الحديث وملحقاته
Türler
الفصل الأول
وقعة الصريف
ما كاد الشيخ مبارك الصباح يجلس على العرش الملطخ بدم أخويه حتى قامت عليه الأعداء من كل جانب (1313ه / 1895م)، وأهمهم من غير الحكام خال أبناء المقتولين يوسف آل إبراهيم كبير تجار اللؤلؤ في أيامه وأغناهم. فقد بذل يوسف ثروته كلها، ووقته وجهده، وجازف بحياته، طالبا الانتقام، ثم سافر إلى قطر وإلى البصرة وإلى حائل وإلى الحجاز يحرض الأمراء والحكام على الشيخ مبارك.
1
وكان يومئذ الشيخ قاسم بن ثاني ناقما على مغتصب الحكم في الكويت فنصح ليوسف أن يذهب إلى حائل مستنجدا بابن الرشيد، وقد كتب صاحب قطر كتابا إلى الأمير محمد يزين له احتلال الكويت، ويعده بالمساعدة الحربية. على أن ابن الرشيد وهو يومئذ كبير العرب، عقلا وحنكة واقتدارا، لم تستفزه كلمات ابن ثاني، ولا استغوته أموال ابن آل إبراهيم . قيل إنه أوصى وهو على فراش الموت ابن أخيه عبد العزيز الذي تولى الإمارة بعده ألا يطمح بأنظاره إلى الكويت (1315ه / 1897م)، وألا يباشر صاحبها العداء.
ولكن الأمير عبد العزيز لم يحفظ وصية عمه، وعندما جاءه يوسف آل إبراهيم وأحد الموتورين، خالد بن محمد، يحرضانه على مبارك نهض للأمر، وشرع يشن الغارات على الكويت تمهيدا للهجوم والاستيلاء.
قد كان الشيخ مبارك عالما بالقصد الأكبر من هذه الغارات، وبما تقدمها من المؤامرات عليه، فأرسل رسله إلى العراق مستنجدا بالدولة، ولكن يوسف آل إبراهيم كان قد سبقه إلى ذلك، فأقنع أولي الأمر بما بذله من المال، فأرسلت حملة مؤلفة من أربعة طوابير إلى الزبير لتهدد صاحب الكويت. بيد أنها أبطأت جدا في السير - ظلت ستة شهور في الطريق بين بغداد والزبير - وقيل إن الحكومة تعمدت هذا الإبطاء أملا بأن يقضى الأمر قبل وصول الحملة، وطمعا بالمزيد مما كان يبذله بدون حساب خال الموتورين.
ولكن مباركا لم يفشل كل الفشل في العراق؛ فقد حالفه سعدون باشا أبو عجيمي رئيس عشائر المنتفق وخرج معه بعدئذ على ابن الرشيد.
أما حلفه الأكبر، وإن كان يومئذ قليل ذات اليد، فهو صاحب نجد السابق الذي كان عنده في الكويت؛ أعني به الإمام عبد الرحمن آل سعود، فقد تعاهد الاثنان أن يكونا يدا واحدة على ابن الرشيد. وبعد ذا التعاهد خرج عبد الرحمن بجيش من الكويت وأغار على عشائر قحطان في روضة سدير.
أما الشيخ مبارك فكان قد رمى بشبكتين في بحر السياسة دفعا للحرب واستعدادا لها؛ إذ أرسل إلى ابن الرشيد يفاوضه بالصلح، وكتب إلى بعض الرؤساء من أهل نجد يستنهضهم على ابن الرشيد. وكان الإمام عبد الرحمن قد غزا غزوته وقفل راجعا، فأرسل إليه يأمره بألا يرجع إلى الكويت، ولم يؤذنه عندما قرب من المدينة بالدخول إليها ليشاهد عائلته. قد كان للشيخ مبارك في ذلك مأرب سياسي، ولكنه عندما علم أن ابن الرشيد رفض التوسط بالسلم جهز جيوشه وخرج يقودها بنفسه، ومعه أخوه حمود والإمام عبد الرحمن آل سعود وابنه عبد العزيز. أما أبو عجيمي السعدون فكان قد خرج بعشائره ليطارد ابن الرشيد الذي كان قد وصل في إغاراته إلى أطراف العراق. والظاهر أن الغلبة في الوقعة الأولى كانت على أبي عجيمي فأرسل يطلب النجدة من الشيخ مبارك الذي كان إذ ذاك في الجهرى، فبادر إلى نجدته.
Bilinmeyen sayfa