Modern Nejd Tarihi ve Ekleri
تاريخ نجد الحديث وملحقاته
Türler
أما مواد العمل وأسباب الإصلاح فقد يجدها مدفونة في زوايا النسيان، في ظلمات الماضي، مكفنة بالغبار والصداء والعنكبوت، ولا يزال الرمق فيها، لا تزال رغم ما أثقلت به من الخزعبلات والخرافات على شيء من الحياة. إن المصلح ليجد ها هنا دعوته ومصدر العمل والإلهام. أجل حيثما الحياة هناك أيضا بذورها، وحيثما البذور هناك النشوء والنمو والخلود.
إننا نقول إذن: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو الذي أنقذ المذهب الحنبلي مما كان يكتنفه في نجد من أسباب الفساد والاضمحلال. هو الذي اكتشف بذور الحياة فيه فأعاد زرعها وجدد موسمها. فهل ندعوه مجددا؟ إنه لكذلك وفوق ذلك. هل ندعوه مصلحا؟ قد كان ولا شك الباعث الأكبر لإصلاح كبير في نجد، ولكنه قصر، إذا توسعنا بمعنى الكلمة، دون الإصلاح الأكبر في الإسلام. عاد الشيخ محمد إلى الكتاب والسنة فجاء في حملاته على الشبهات والخرافات شيء من الشدة في التحريم لا نظنها تدوم. هل ندعوه معلما؟ نعم هو معلم كبير، وقد تجاوز في رسالته التعليم، فقد علم أهل نجد دين التوحيد الذي كانوا قد نسوه، ونفخ فيهم فوق ذلك روحا قومية عظيمة، تلك الروح القومية التي مكنتهم، وهم محصورون ببواد من الرمال في قلب البلاد العربية من التوسع والاستيلاء، فقلدتهم من القوة سيفا نبويا، ومن التفوق رمحا حنفيا، ومن التقشف والصبر والثقة بالنفس - بعد الثقة بالله - درعا من دروع الصحابة. هو ذا الفضل الأكبر للشيخ محمد بن عبد الوهاب. إن دعوته في نتائجها سياسية كما ترى ودينية معا. وما كانت كذلك لولا تمسكه في أكثر الأحايين بمعاني الكتاب والأحاديث الظاهرة؛ أي بمعانيها الحرفية.
خذ لك مثلا مسألة من أدى الشهادتين ولم يصل ولم يزك. فإن الإمام الشافعي وأبا حنيفة لا يحكمان بكفره إذا كان لا يجحد الصلاة وغيرها من أركان الإسلام، وحجتهما في ذلك حديث رواه عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقول: «خمس كتبهن الله على العباد من أتى بهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.» أما الإمام أحمد فيحكم بكفره، ويحتج بأحاديث منها: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة.» ومنها : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ...»
وهناك مسألة أخرى في الصلاة والعبادة، يقول العالم الوهابي: من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وهو مقيم على شركه؛ يدعو الموتى ويسألهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، فهذا مشرك كافر حلال الدم والمال، أما إذا وحد الله تعالى ولم يشرك به شيئا ولكنه ترك الصلاة والزكاة تكاسلا فقد اختلف العلماء في كفره، ولا عصمة للعلماء إلا في الإجماع. كل واحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله. جاء في الكتاب:
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله . وقال العلماء: الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه.
العود إذن إلى الكتاب وما فيه من آيات يلزمها شرح أو تفسير، وغيرها ما هي واضحة جلية إلا أنها أنزلت لغرض معلوم في وقت معلوم. فمن عاد إلى التاريخ ولجأ إلى مفاتح التفسير، رحب لديه ولدى أتباعه مجال الفكر وضاق غالبا مجال اليقين. ومن تمسك بالمعنى الظاهر كانت النتيجة عنده وعند أتباعه عكس ما ذكرت. أما اليقين فقد يضيع أو يضعف في تعدد الشروح والتفاسير، والعزم يضعف في ضياع اليقين، ونشر المذهب إذا ضعف العزم في رجاله لا يتم وقد يستحيل.
لم يكن محمد بن عبد الوهاب خشن الطبع قاسي القلب عتيا، بل كان في حياته الخاصة والعامة لطيفا، محسنا، شفوقا، حليما. على أنه في يقينه شأن كبار المصلحين، لم يكن ليهاود أو يلين. علم الناس معرفة الله ومعرفة النبي ومعرفة الدين بالأدلة القرآنية، والأحاديث النبوية، على طريقة الصحابة، خلافا لعلماء المسلمين في الأمصار الذين يعلمون هذه المواضيع الثلاثة على طريقة المتكلمين. قد ناله من الجهلاء وأدعياء العلم ما نال كل مصلح كبير. لا سيما وقد جاء يردعهم عن عادات الآباء الأسلاف الذين درجوا على حب البدع والخرافات. على أنه لم يكفر أحدا من هؤلاء، بل كان يقول: «معاذ الله أن أكفر من قال لا إله إلا الله.» ولكنه في رجوعه إلى الكتاب والسنة اصطدم بآيات وأحاديث نبهت فيه نعرة الأقدمين فحرض على الأعمال التي شوهت في الماضي كل دين.
على أن الإصلاح في بادئ أمره لا يكون بغير الهدم، ولا يقوم بغير شيء من الإرهاب.
Bilinmeyen sayfa