وكتاب التهذيب من أوثق كتب اللغة، والمرجع لمن ألف بعده من اللغويين، كابن سيده، وابن منظور، والزبيدي وغيرهم، قال فيه: إنه اعتمد في النقل على كثير من متقدمي اللغويين، كأبي عمرو بن العلاء، وخلف الأحمر، والخليل، والمفضل الضبي، وأبي زيد سعيد الأنصاري، وأبي عمر الشيباني، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، والأصمعي، والكسائي، واليزيدي، والنضر بن شميل، والفراء وغيرهم. (21) الجوهري
AL-Gohary (393ه/1003م)
إسماعيل بن حماد الجوهري، أبو نصر الفارابي: صاحب الصحاح، كان من أعاجيب الزمان، ذكاء وفطنة وعلما، وأصله من بلاد الترك من فاراب، وهو إمام في علم اللغة والأدب، وخطه يضرب به المثل في الجودة، لا يكاد يفرق بينه وبين خط أبي عبد الله بن مقلة، وهو مع ذلك من فرسان الكلام في الأصول، وكان يؤثر السفر على الحضر، ويطوف الآفاق، دخل العراق فقرأ علم العربية على شيخي زمانه أبي علي الفارسي، وأبي سعيد السيرافي، وسافر إلى أرض الحجاز، وشافه باللغة العرب العاربة، وطوف بلاد ربيعة ومضر، وأجهد نفسه في الطلب، ثم عاد راجعا إلى خراسان وتطرق إلى الدامغان، فأنزله أبو علي الحسين بن علي وهو من أعيان الكتاب، ثم أقام بنيسابور ملازما للتدريس والتأليف، وتعظيم الخط وكتابة المصاحف والدفاتر، حتى مضى لسبيله.
قال ابن فضل في المسالك: مات سنة 393ه، وقيل: في حدود الأربعمائة.
وله من التصانيف: (1)
كتاب في العروض سماه عروض الدرقة. (2)
كتاب المقدمة في النحو والصحاح في اللغة، وسمي كذلك لأنه التزم أن يورد فيه ما صح عنده، وقد أحسن تصنيفه وجود تأليفه مع تصحيف فيه في مواضع عدة، تتبعها عليه المحققون، وقيل: إن سببه أنه لما صنفه سمع عليه إلى باب الضاد المعجمة، وعرض له وسوسة فانتقل إلى الجامع بنيسابور فصعد سطحه فقال: أيها الناس إني قد عملت في الدنيا شيئا لم أسبق إليه فسأعمل للآخرة أمران لم أسبق إليهما، وضم إلى جنبيه مصراعي باب وتأبطهما بحبل، وصعد مكانا، وزعم أنه يطير فوقع فمات، وبقي سائر الكتاب مسودة غير منقح، ولا مبيض فبيضه تلميذه إبراهيم بن صالح الوراق فغلط فيه في مواضع. قال ياقوت: إنه (أي الجوهري) أحسن تصنيفه، وجود تأليفه، وقرب متناوله، وآثر من ترتيبه على تقدم يدل وضعه على قريحة سالمة، ونفس عالمة، فهو أحسن من الجمهرة، وأوقع من تهذيب اللغة، وأقرب متناولا، من مجمل اللغة.
وكان الجوهري قد صنف: كتاب الصحاح، للأستاذ أبي منصور عبد الرحيم بن محمد البيشكي بن أبي القاسم الأديب الواعظ الأصولي، وقد اشتمل تاج اللغة وصحاح العربية على كثير من أسماء النبات مما صح عند المؤلف من هذه اللغة. (22) ابن سيده
Ibn Sieda (398-458ه/1007-1066م)
هو الحافظ أبو الحسن علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده المرسي: اللغوي النحوي الأندلسي الضرير، كان حافظا لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بها، متوافرا على علوم الحكمة، وكان ضريرا وأبوه ضريرا أيضا، وكان أبوه قيما بعلم اللغة وعليه اشتغل ولده في أول أمره، ثم على أبي العلاء صاعد البغدادي، وقرأ أيضا على أبي عمر الطلمنكي، قال الطلمنكي: دخلت مرسية فتشبث بي أهلها يسمعون علي غريب المصنف، فقلت لهم: انظروا إلى من يقرأ لكم، وأمسك أنا كتابي، فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه علي من أوله إلى آخره، فعجبت من حفظه، وتوفي بحضرة دانية عشية يوم الأحد لأربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة 458ه وعمره ستون سنة.
Bilinmeyen sayfa