Osmanlı Fethinden Yakın Zamana Kadar Mısır Tarihi
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Türler
5
وقد وجد هذا الوباء منبتا خصبا له في مدن الدولة الرومانية الغاصة بالسكان، والتي لم تلق من حكومتها المشتغلة بالفتن الدينية والقلاقل السياسية العناية اللازمة لاتخاذ التدابير الصحية التي تكفي لمقاومته أو لنقص فتكه، حتى أصبح عدد سكان البلاد لا يكفي لجمع الجيوش التي تقوم بالدفاع عن الدولة.
6 (3) الدولة العثمانية في أوج عظمتها (857-974ه/1453-1566م)
هكذا كانت حال الدولة الرومانية عندما جلس محمد الثاني على عرش آل عثمان، فعمل في الحال على تحقيق أمنية بيته، وهي فتح القسطنطينية وجعلها مقرا له؛ فأعد لذلك جيشا عظيما سار به لفتح المدينة في ربيع عام (857ه/1453م).
أما شكل المدينة فسهل التصور؛ إذ هي أشبه بمثلث متساوي الساقين محاط بالأسوار من كل جانب، رأسه بارز شرقا في مياه البسفور، والضلع الشمالية يحدها الميناء المسمى «القرن الذهبي»، والضلع الجنوبية يحدها بحر مرمرة، أما قاعدة هذا المثلث فهي الأسوار الغربية التي تفصل المدينة عن باقي القارة الأوروبية.
فبدأ السلطان بمهاجمة الأسوار الغربية، وكانت تمتد من القرن الذهبي إلى بحر مرمرة، ثم رأى على ضخامة مدافعه
7
أنه لا يستطيع التغلب عليها لمناعتها وعظم سمكها؛ فعول على مهاجمة المدينة من أضعف جهاتها وهي الجهة المشرفة على القرن الذهبي، وكان الروم قد احتاطوا لذلك، ومدوا سلسلة عظيمة على مدخل القرن الذهبي حتى لا تدخله سفن الأعداء لتهاجم الأسوار من تلك الجهة، فلم يثن ذلك من عزم العثمانيين، واحتالوا على نقل سفنهم إلى القرن الذهبي بطريقة صعبة لا تزال من أعجب ما حدث في التاريخ؛ وذلك أنهم مهدوا طريقا بريا بين البسفور والقرن الذهبي يبلغ طوله نحو الفرسخين، ووضعوا عليه عوارض ضخمة من الخشب تتدحرج عليها أسطوانات طويلة من الخشب أيضا «بكر»، وسيروا فوقها 80 سفينة صغيرة من أسطولهم الذي كان بالبسفور؛ فجرت عليها السفن والريح تدفع في شراعها كأنها تجري على الماء، حتى بلغت القرن الذهبي، فنزلت فيه بلا عناء، وكان السلطان محمد أثناء نقل هذا الأسطول يضلل حامية المدينة بالإلحاح على ضربها بالمدافع من باقي الجهات الأخرى؛ وعندئذ اشتركت السفن والجيش البري في ضرب الأسوار، فلم تقو على احتمال هذه النيران. وحمل العثمانيون على المدينة حملة صادقة، فدخلوها بعد قتال عنيف قتل فيه إمبراطور الروم «قسطنطين باليولوغوس»، وكان ذلك في أواخر عام (857ه/1453م)، وبه سقطت دولة الروم الشرقية.
ودخل السلطان محمد عاصمته الجديدة في موكب حافل، وسار توا إلى كنيسة «أياصوفيا»، فصلى فيها ظهر ذلك اليوم، وبقيت مسجدا إسلاميا إلى الآن. وهذا البناء من أجمل آثار دولة الروم الشرقية، ومن أحسن النماذج لفن المباني البوزنطية.
استولى السلطان محمد الفاتح على عاصمة الروم وهو لا يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره، فلم تقف فتوحه عند ذلك، ولم يلبث أن تم له إخضاع معظم «المورة» و«الصرب» و«البوسنة»، وأراد الإغارة على إيطاليا وألبانيا، فحال دونها وقوف «إسكندر بك الألباني» و«هونياد المجري» في طريقه إليهما.
Bilinmeyen sayfa