Modern Mısır Tarihi: İslami Fetih'ten Bugüne ve Eski Mısır Tarihine Dair Notlar
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Türler
شكل 1-9: جنازة مصرية قديمة.
وخلفه ابنه «سيتي الأول» فسعى سعيا حميدا لتوسيع مملكته فغزا بعضا من بلاد آسيا الغربية. ذلك ما يستفاد مما كتب على هيكل الكرنك، فغزا غزوات عديدة إلى الشام والعراق وغيرها، ففتح بلادا تمتد من جنوبي الشام إلى أرمينيا، وقد كانت قبلا لا يطلب منها إلى جزية تدفعها وحكامها من أبنائها. أما هذه المرة فأدخل أهلها في طاعته، وجعل عليهم حكاما من أمرائه، وأحاطهم بنقط حصينة كغزة وعسقلان جعل فيها حاميات من رجاله فأمن طغيانهم، إلا ما جاور الفرات فإنه عجز عن إبقائه في حوزته وعصته الجزيرة والعراق، ولم يعد قادرا على مقاومتها فوقف عند حده، ولذلك كانت فتوحاته كبيرة في الظاهر حقيرة في الباطن، ولما عاد من تلك المحاربات جعل يمكن العلاقات مع إيالاته بواسطة النقط العسكرية التي كان قد جعلها فيها فزاد الارتباط بين المصريين والأمم المتحابة ولا سيما الكنعانيين، فأدخل المصريون معبود الكنعانيين (بعلا) في عداد معبوداتهم ومثلوه بالشمس، وكان لهذا المعبود زوجة اسمها استارته (عشتروت) مثلوها بالقمر، واتخذوا من آسيا أيضا آلهة أخرى.
ومن آثار هذا الملك هيكل في القرنة، وآخر في رداسية، وآخر في العرابة المدفونة، وقد نحت أعمدة كثيرة أقامها في النوبة، وحجرا جعله في أسوان، وفتح ترعة بين النيل والبحر الأحمر تبتدئ من تل بسطة وتجري شرقا في وادي الطملات إلى أن تصب في البحيرات المرة، وبنى خط دفاع شرقي مصر، وشاد محرابا في القرنة، وفتح طريقا للقافلة بين قرية رداسية بإقليم إسنا ومعدن الذهب بجبل أتوكي حيث اصطنع عينا صناعية ينفجر منها الماء غزيرا، وأصلح الغار الذي في بني حسن للمعبودة «بشت» ويعرف الآن بغار «أتيميدس» وأخيرا بنى لنفسه ضريحا في بيبان الملوك يعجب له كل من عاينه؛ لدقة صنعه، ولما فيه من المناظر الفلكية البديعة.
ومن ملوك هذه العائلة «رعمسيس الثاني» المشهور باسم «سيزوستريس» ويقال له: «رعمسيس الأكبر» لأنه في الواقع أعظم من ملك مصر حكمة وبطشا، حكم مدة طويلة كلها فتوحات وحروب ومبان ونقوش، فلا يكاد يوجد أثر من الآثار المصرية القديمة إلا وعليه اسمه ورسمه، ولي الملك صغيرا فشب معتادا على الأعمال السياسية، وكان متوقد الذهن وفيه فطنة ونباهة منذ حداثته.
ولما توفي والده قام بأعباء الملك بنفسه فأخذ في توسيع نطاقه بالفتوحات، وأول غارة شنها كانت على الشام فسار بجيشه، وما بلغ نهر الكلب بقرب بيروت حتى خمدت الفتنة، فعاد إلى مصر تاركا أثرا منقوشا على صخر هناك، وفي السنة الرابعة من حكمه ثار عليه سكان شمالي آسيا وهم الحثيون وكاتي وكركاميش وكوش، وكانوا أقواما من الشجاعة على جانب عظيم، فانضموا لمحاربته، وساروا جميعا حتى وادي الأرونط بقرب حدود مصر في ذلك العهد. فبلغ رعمسيس خبرهم فجمع إليه أمراءه ورجال دولته وقواده وجنوده، وسار في مقدمتهم، وما زالوا يخترقون سوريا حتى أتوا نهر العاص قرب مدينة قادس فإذا هي على جانب من المنعة، ففرق رجاله فرقا في نقط معينة، ثم سار في حاشيته منفردا فلقيه جواسيس الحثيين فأغروه على التقدم نحو المدينة، فسار في حاشيته تاركا جيشه في أماكنهم، فلما اقترب من المدينة علم أنها دسيسة أوقع فيها، فالتفت وإذا بمركبات الحثيين حوله لا عداد لها، فلما رأى ذلك رجال حاشيته طلبوا النجاة بأنفسهم، وبقي رعمسيس وحده فاستنجد إلهه وهاجم الحثيين بمفرده على مركبته ففرقهم وفاز بهم، وبعد يسير عاد إليه رجال حاشيته وقد كادوا يذوبون خجلا لما كان من فرارهم، أما هو فاكتفى بتوبيخهم، ثم اجتمع بجيشه ثانية، وهاجم العدو فهزمهم، وانتهى الأمر بعقد معاهدة بينه وبينهم، ثم هم بالجلاء من آسيا.
شكل 1-10: رعمسيس الثاني.
وبينما هو في طريقه إلى مصر ثار عليه الكنعانيون، وانضم إليهم الحثيون ناقضين العهد، وثار غيرهم معهم، فأصبح جميع من قطن ما بين ضفاف الفرات وضفاف النيل يقاتلون المصريين إلا أهل آسيا الصغرى فإنهم هجروا أوطانهم ولم يظهروا للقتال، وما زالت هذه الحروب متواصلة يتخللها هدنات وفترات مدة خمس عشرة سنة فاستولى رعمسيس على مدينتي ثابور وميروم وقلعة أورشليم وعسقلان. ثم سار شمالا وقاتل هناك حتى أخذ من الحثيين مدينتين، وجد في إحداهما الآن تمثاله، وما زالت الحرب سجالا حتى اضطر ملك الحثيين إلى المصالحة فطلبها فقبل رعمسيس ذلك في السنة الحادية والعشرين من حكمه، فعقدوا معاهدة كتبت أولا بلغة الحثيين، ثم نقشت على لوح من فضة وقدمت إلى رعمسيس، ومفادها أن الحثيين يتعهدون أنهم لن يعودوا بعد ذلك إلى حمل السلاح ضد المصريين، وعلى مثل ذلك يتعهد المصريون، وأن يكون الفريقان متحالفين إلى الأبد، وجعلوا في وسط لوح الفضة وعلى جانبه الأعلى صورة تمثال «ست» معبود المصريين معانقا تمثال «خيتا» معبود الحثيين، وما زالت هذه المعاهدة مرعية مدة ست وأربعين سنة كانت الراحة في أثنائها مستتبة، وتصاهر الملكان توطيدا للعلاقات الودية، فأصبح المصريون والحثيون قلبا واحدا، وبعد التوقيع على المعاهدة بيسير دعا رعمسيس الثاني ملك الحثيين لزيارته إلى مصر فزاره فأكرم مثواه.
ولما سكنت الحروب أخذ رعمسيس في تشييد المباني؛ فشاد في كل مدينة معبدا، وتمم معبد القرنة في الأقصر، وكان قد شرع فيه أبوه، ومن آثاره أيضا: هيكل بناه في شرقي الشيخ عبد القرنة بطيبة سماه شامبليون «رامسيون» منقوش فيه تفاصيل إحدى وقعاته، ومنها معابد في العرابة المدفونة ومنف وتل بسطة وغيرها، وأسس في الوجه البحري مدنا عديدة دعاها باسمه.
وكان لهذا الملك العظيم في قلوب رعيته من المحبة إلى حد الشغف، وكان لهم فيه من الثقة إلى حد العبادة، ولما مات دفن في مقبرة بيبان الملوك، ثم نقل إلى الأقصر لأسباب غير معلومة، ثم نقل إلى المتحف المصري وهو هناك إلى هذه الغاية.
ومن ملوك هذه العائلة «منفتاح الأول» ابن رعمسيس الثاني، اتبع خطوات أبيه، فجعل يزيد في بنايات الدلتا وتحسنها، ثم ثار عليه أهل آسيا الصغرى وطائفة الليبيين فأنفذوا إليه بوارجهم في البحر المتوسط إلى سواحل ليبيا مملوءة بالعدة والرجال من قبائل مختلفة ، وما زالوا حتى أتوا السواحل المصرية ودخلوها من غربي الدلتا، كل ذلك والمصريون لا يبدون حراكا إلا إذا كان للتسليم، ولم يمض كثير حتى أصبح معظم الوجه البحري في ذمة أولئك الوافدين.
Bilinmeyen sayfa