Modern Mısır Tarihi: İslami Fetih'ten Bugüne ve Eski Mısır Tarihine Dair Notlar
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Türler
وجرت في خلال ذلك في سوريا حروب آلت إلى ضعف سطوة المستنصر، وذلك أن حلب كانت إلى ذلك الحين لمعز الدولة، والعرب من بني كلاب يهاجمونها فأقلقوا راحته، وطمعوا به فلم ير طريقة للتخلص منهم إلا الالتجاء إلى المستنصر، فكتب إليه أنه لم يعد قادرا على البقاء في حلب على هذه الحال، وطلب إليه أن يرد هذه المدينة إلى العباسيين، وأن يوليه بدلا منها مدينة لا يكون للعربان يد إليها. فأعطاه مدن بيروت وعكا وجبيل، وجعل على حلب مكين الدولة أحد قواده فحصنها في شهر ذي القعدة سنة 448ه.
ثم سافر معز الدولة إلى مصر، وعقد فيها معاهدة مع المستنصر على المدن التي أعطيت له، وكان مكين الدولة لطيف المعاملة حليما فسعد الشعب أيامه فرخصت الأسعار، واستتبت الراحة، إلا أن بني كلاب لم ينفكوا عن مناوأته بقيادة الأمير محمود الكلابي ابن أخي أميرهم الأول، وكان قد عنف عمه على تسليم أرضهم للخليفة، فجاء مدينة حلب وغزاها، وقتل حاميتها، ودخلها فسلمت له في 2 جماى الثانية سنة 452ه.
أما مكين فكان محاصرا في قلعتها ولم يسلم، فأرسل إلى مصر يستنجد المستنصر فأنجده بناصر الدولة أبي محمد الحسين بن الحسن بن حمدان الأمير بدمشق، وأوعز إليه أن يسير بمن عنده من العساكر إلى حلب يمنعها من محمود. فسار إلى حلب فلما سمع محمود بقربه منه خرج من حلب، ودخلها عسكر ناصر الدولة فنهبوها. ثم إن الحرب وقعت بين محمود وناصر الدولة بظاهر حلب، واشتد القتال بينهم فانهزم ناصر الدولة، وعاد مقهورا إلى مصر، وملك محمود حلب، وقتل عمه معز الدولة، واستقام أمره بها، وهذه الوقعة تعرف بوقعة الفنيدق.
فلما وصل ناصر الدولة إلى مصر رأى الخليفة أن يكافئه على فشله فولاه دمشق، وفي سنة 455ه أبدله ببدر الجمالي، وهو أرمني المولد كان مملوكا لجمال الدولة، ومنه لقبه، وتقلب في مناصب عديدة أظهر بها ما يدل على ثباته وحزمه، ولم تمض على سوريا مدة تحت ولايته حتى ساد فيها الأمن؛ لأن الخليفة أذن للأمير محمود أن يتولى حلب، ولقبه بأمير الأمراء، وعضد الدولة، وسيف الخلافة.
أما مصر فكانت أقل طمأنينة من غيرها؛ لأن الوزير اليازوري كان يضطهد المسيحيين اضطهادا شديدا، ويسومهم أشد العذاب، وكان يثير ضدهم الأحزاب في المديريات، وألقى القبض على البطريرك كريستودول، وبعض الأساقفة، وساقهم إلى القاهرة. أما الخليفة فلم يكن راضيا بذلك فأمر بإخلاء سبيلهم بكل احترام، فشق ذلك على الوزير فأمر بإقفال جميع الكنائس المسيحية في مصر من يعقوبية وملكية، فثار مسيحيو القطر، فتدارك الخليفة الأمر بالقبض على الوزير ونفيه إلى تنيس، ثم قتله.
فتشاءم المسيحيون من تلك الحوادث، ورافقها ظهور الشفق الشمالي، وكسوف تام للشمس فكان منظر السماء مهيبا استمر 4 ساعات اشتد فيها الظلام حتى شوهدت النجوم، وأوت الطيور إلى أعشاشها رهبة، وولى الخليفة مكان اليازوري أبا الفرج البابلي، وبعد شهرين أبدله بعبد الله بن يحيى، ثم بغيره حتى تقلب على وزارة مصر 35 وزيرا في 12 سنة، ولم تكن تزيدها هذه التقلبات إلا تعقيدا.
كل ذلك والتشكيات ترد إلى الخليفة تترى من رجال الدولة والرعايا فتحير في أمره، ولم يكن يعلم مصدر هذه القلاقل فجمع رجالا من جميع الطبقات وكلمهم مليا، واستطلعهم حقيقة الأمر فلم يظهر له شيء مما كان يسمعه، ثم ازداد نفوذ السوقة على رجال الدولة فكانوا إذا أجمعوا على أمر أنفذوه، ولو كان مناقضا لأوامر الخليفة؛ فازداد الخليفة اضطرابا، والأخبار ترد عليه متناقضة فلا يعلم أيها يتبع، ورجال القضاء بدلا من أن ينظروا في التقارير كانوا يقضون أوقاتهم وقواتهم في المدافعة عما كان يتقدم في حقهم من التشكيات؛ فاشتد خوف الناس في الأقاليم حتى هاجروا منازلهم فازدادت الفوضى وكثر اللغط.
وكان المستنصر يحتال في أمر الحج فيذهب في زمرة من الحجاج على الجمال مظهرا للحج فإذا بلغ بهم محطة بركة عميرة حيث اعتادوا المبيت في ذهابهم إلى الحج وإيابهم منه، ثم دعيت بركة الحج، ينزل بهم هناك فتدار عليهم الخمور بدل الماء، ثم يعودون إلى القاهرة. (5-4) تاريخ الجند في الدولة الفاطمية
مرت الدولة الفاطمية في ثلاثة أدوار تشبه الأدوار التي مرت بها الدولة العباسية، فقد كان نفوذ الكلمة في الدولة العباسية بأوائلها مشتركا بين العرب والفرس، ثم صار إلى الفرس، ثم إلى الأتراك، والفاطميون عرب قامت دولتهم بالعرب والبربر فكان النفوذ في أولها مشتركا بين هذين العنصرين، ثم صار إلى البربر، ثم إلى الأتراك.
والبربر قوم أشداء مساكنهم في شمالي إفريقيا، وقد نصروا الشيعة العلوية في المغرب كما نصرها الفرس في المشرق، وهم قبائل شتى مثل قبائل العرب الرحل، وقد قاسى المسلمون في إخضاعهم عذابا شديدا؛ لأنهم ارتدوا عن الإسلام اثنتي عشرة مرة، وثبوا فيها كلها على المسلمين، ولم يثبت إسلامهم إلا في أيام موسى بن نصير في أواخر القرن الأول، ولما نقم الناس على بني أمية؛ لتعصبهم على غير العرب كان البربر في جملة الذين خرجوا عليهم وتطاولوا للفتك بهم، وقد سرهم ذهاب دولة الأمويين، ولكن ساءهم انتقالها إلى الأندلس على مقربة منهم؛ لأنهم كانوا يكرهونهم للعصبية فنصروا العلويين نكاية فيهم - إلا من اصطنعهم الأندلسيون بالمال - وللبربر فضل كبير في نشر الإسلام بأواسط إفريقية مثل فضل الأتراك في نشره بأواسط آسيا إلى الهند والصين؛ لأن البربر لما ثبت الإسلام فيهم نهضوا لفتح ما وراء بلادهم في إفريقيا الغربية فنشروا الإسلام هناك.
Bilinmeyen sayfa