Modern Mısır Tarihi: İslami Fetih'ten Bugüne ve Eski Mısır Tarihine Dair Notlar
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Türler
وبعد ذلك بقليل قدم الفسطاط عبدان يحملان رأس أبي عبد الرحمن العمري فرمياه بين أقدام أحمد بن طولون، فسألهما عما أتى بهما إليه؟ وما حملهما على قتل سيدهما؟ فأجابا أن لا غرض لهما إلا الحصول على رضا أمير القطر المصري. فقال لهما أحمد: «إن ما ارتكبتماه تستوجبان عليه عقاب الله وعقابي» وأمر بقتلهما، وغسل رأس أبي عبد الرحمن ودفنه بما يلزم من الاحترام، وحقيقة الأمر أن العبدين لم يقتلا سيدهما بأيديهما، وإنما قتل بمكيدة محمد بن هارون شيخ قبيلة مضر، فسولت لهما النفس أن يقطعا رأسه، ويحملاه إلى ابن طولون، فينالا جائزة عظيمة، وما علما أن المروءة وكرم الأخلاق تأبيان مثل ذلك.
ثم ثار أبو نوعة صديق ابن الصوفي القديم، فانضم إليه عصبة من الأتباع، فجاهر بالعصيان ضد ابن طولون، فأرسل إليه حملة فغلبها فأنجدها ابن طولون فغلبته، وفر أبو نوعة إلى الواحات واضطر أخيرا إلى التسليم.
وبعد سنة من هذه الحادثة ثار محمد بن فاراب الفرغني وتابعه أهالي برقة جميعهم، فأرسل إليهم أحمد بن طولون لؤلؤا، وقال له: نج المدينة من العصاة فتكون عليها واليا، فحاربهم لؤلؤ، وفاز عليهم؛ فجعله ابن طولون واليا على برقة ومتعلقاتها. (1-3) الموفق والمعتمد
وفي السنة نفسها اضطر ابن طولون إلى محاربة شديدة كان يخشى عليه منها، وهي محاربة أبي أحمد طلحة الملقب بالموفق بالله أحد أبناء المتوكل على الله، وأخو المعتمد على الله الخليفة، وذلك أن صاحب الزنج (بجوار زنجبار) ادعى أنه من سلالة علي بن أبي طالب، فقدم البصرة سنة 254ه واستولى عليها وعلى الكوفة وغيرهما، واستفحل أمره، فأنفذ أمير المؤمنين المعتمد على الله يستدقم أخاه أبا أحمد الموفق بالله من مكة، وكان الخليفة المهتدي بالله قد بعثه إليها منفيا، فقدم سنة 257ه فأوصى المعتمد بالخلافة من بعده لابنه المفوض، وبعده للموفق، وجعل غربي المماليك الإسلامية للمفوض، وشرقيها للموفق، وكتب بينهما بذلك كتابا ارتهن فيه إيمانهما بالوفاء بما قد وقعت عليه الشروط.
وكان الموفق يحسد أخاه المعتمد على الخلافة، ولا يراه أهلا، فلما جعل المعتمد الخلافة من بعده لابنه، ثم الموفق بعده شق ذلك عليه، وزاد في حقده، وكان المعتمد متشاغلا بملاذ نفسه من الصيد واللعب والتفرد بجواريه؛ فضاعت الأمور، وفسد تدبير الأحوال، وفاز كل من كان متقلدا عملا بما تقلده.
وكان في الشروط التي كتبها المعتمد بين المفوض والموفق أنه ما يحدث في عمل كل واحد منهما من حدث تكون النفقة عليه من مال خراج قسمه، واستخلف على قسم ابن المفوض موسى بن بغا فاستكتب موسى بن بغا عبيد الله بن سليمان بن وهب، وانفرد الموفق بقسمه من ممالك الشرق، وتقدم المعتمد إلى كل منهما أن لا ينظر في عمل الآخر، وجعل كتاب الشروط بالكعبة.
ولما كانت البصرة والكوفة واقعتين في حصة الموفق كان عليه محاربة الزنوج ودفعهم، فتأهب في جيش كبير وسار إليهم وناهضهم، فطال زمن المحاربة حتى انقطعت مواد خراج المشرق عن الموفق، وتقاعد الناس عن حمل المال الذي كان يحمل في كل عام، واحتجوا بأشياء أخرى؛ فدعت الضرورة الموفق إلى أن كتب إلى أحمد بن طولون في مصر في حمل ما يستعين به في حروب صاحب الزنج، وكانت مصر في قسم المفوض؛ لأنها من الممالك الغربية، إلا أن الموفق شكا في كتابه إلى ابن طولون شدة حاجته إلى المال بسبب ما هو في سبيله، وبعث الكتاب مع تحرير خادم المتوكل ليقبض منه المال.
فما هو إلا أن وصل تحرير إلى ابن طولون، وإذا بكتاب المعتمد قد ورد عليه يأمره فيه بحمل المال إليه على رسمه مع ما جرى الرسم بحمله مع المال في كل سنة من الطراز والرقيق والخيل والشمع وغير ذلك، وكتب إليه أيضا كتابا سريا يقول فيه: «إن الموفق إنما أنفذ تحريرا إليك عينا ومستقصيا على أخبارك، وأنه قد كاتب بعض أصحابك فاحترس منه، واحمل المال إلينا وعجل نفاذه.»
وكان تحرير الخادم لما قدم إلى مصر أنزله أحمد بن طولون معه في داره بالميدان، فمنعه من الركوب والخروج من الدار التي أنزله بها حتى سار من مصر، وتلطف في الكتب التي أجاب بها الموفق، ولم يزل بتحرير حتى أخذ جميع ما كان معه من الكتب التي وردت من العراق إلى مصر، وبعث معه إلى الموفق ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار، وما جرى الرسم بحمله من مصر، وأخرج معه العدول، وسار بنفسه صحبته حتى بلغ به العريش، وكان قد أرسل إلى أماجور متولي الشام فقدم عليه بالعريش فأسلمه خادم الموفق والمال، وأشهد عليه بتسليم ذلك، ورجع إلى مصر، ونظر في الكتب التي أخذها من تحرير فإذا هي إلى جماعة من قواده باستمالتهم إلى الموفق؛ فقبض على أربابها، وعاقبهم حتى هلكوا في عقوبته.
فلما وصل جواب ابن طولون إلى الموفق ومعه المال كتب إليه كتابا ثانيا يستقل فيه المال، ويقول: «إن الحساب يوجب أضعاف ما حملت» وبسط لسانه بالقول، والتمس ممن معه من يخرج إلى مصر ويتقلدها عوضا عن ابن طولون، فلم يجد أحدا عوضه؛ لما كان من دعة ابن طولون، وملاطفته وجوه الدولة. (1-4) كتاب ابن طولون إلى الموفق
Bilinmeyen sayfa