سبب اختلاف الرعية الجاني على البلد أعظم البلية
قد تقدم أن أكثر مدة هذا الوالي كانت صفوا بلاد كدر (1)، ونفعا دون ضرر، وأن أمور الرعية كانت عنده مرعية، وسياسته لم تزل سديدة مرضية، وما نقم منه إلا ازدياد من الدنيا وحطامها، وانقياد من الأطماع في خطامها
يا عجبا لقد رأيت عجبا
حمار قبان يسوق أرنبا
عاقلها خاطمها أن تذهبا
فقلت أردفني فقال مرحبا
(2). فلما تم على قومه من الخلع بالأندلس ما تم، وورد عليه من الخبر ما انزعج له واهتم، أوى إليه طرداء منهم آواهم، ورق لبلواهم، فأشاروا عليه بالاحتراس، وحملوه على إساءة الظن بالناس، وانضم كل ذي حي إلى حيه، ونقل صاحبه إلى مثل رأيه، وهم قوم لهم الأفئدة غلاظ (3)، وكل منهم على غير صنفه حنق مغتاظ، وقد وتروا (4) فهم يعضون الأنامل حسرة، ويرون/ 13/ التأثير في أهل الجزيرة ثؤرة. فدبروا حصول هذه الغاية، ودبوا بين الوالي وبينهم بالسعاية، وقرروا عنده أنهم يبغضون القبائل، وينصبون لهم الحبائل (5)، وأنهم إن أهملوا أوقعوا بهم في الأموال والأنفس، وفعلوا بهم ما فعله أهل الأندلس.
يا عجبا لقد رأيت عجبا
حمار قبان يسوق أرنبا
عاقلها خاطمها أن تذهبا
فقلت أردفني فقال مرحبا
Sayfa 81