PARATEXT|
عدة الورق مايتين سبعة وسبعين
- الثاني من الجزء الثاني -
[ذكر إيقاع الحوطة على القاضي شمس الدين الحنبلي واعتقاله]
وكان السبب في ذلك انه وقع بينه وبين شخص كحال ، يعرف بالتقي شبيب الحراني ، شنان . كان آصله آن المذكور كان له آخ ينوب عن القاضي شمس الدين في المحلة ، فعزله ، فحمله تعصبه لأخيه أن كتب رقعة لمولانا السلطان ا ذكر فيها أن عند شمس الدين القاضي ودايع للتجار من أهل بغداد وحران ، والشام ، وذكر جملة كبيرة ، قد مات بعض اهلها واستولى عليها . فاستدعي القاضي وسئل عما ادعاه شبيب ، فانكر وجحد ، فطلب منه اليمين على ذلك فحتلف ، فامر بهجم بته ، فوجد فيه كثير مما ادعاه شبيب ، بعضه قد مات اهله وبعضه لم يكت ، فأخذت منهم زكاة ما وجد مدة سنين وسلم لصاحبه . وكانت يمين القاضي مؤولة آنه لا يجوز له سليم ما عنده إلا لمن أودعه إياه إن كان حيا ، أو لورثته إن كان ميتا ، وانه متى أقر به أحذ منه وتعلق بهمته . فأراد أن يدفع بيمينه ضررين أحدهما تعلق الذمة والأخر ضياع المال على أربابه . فلما ظهر لمولانا السلطان مبينة / في اليمين ، حنق عليه وحبسه ا تسلط عليه شبيب حينئذ ، وادعى آنه حشوي ، وآنه يقدح في الدولة وكتب بذلك محضرا ، فعقد له مجلس يوم الاثنين حادي عشر شعبان ، وكان مولانا السلطان غايبا في الشام ، واحضر له جماعة من الفقهاء ، واستدعي بالشهود الذين شهدوا في المحضر ، فكل بعض عن الشهادة فأطلقوا ، وشهد بعض فأخرق بهم وجرسوا ، ثم تبين للامير بدر الدين [بيليك نائب السلطنة؟ تحامل شبيب على القاضي بما ظهر منه من المبالغة في القدح والاشلاء، فأمر بحبسه والحوطة على موجوده ، واعيد القاضي إلى الحبس ، فأقام به إلى أن أفرج عنه في النصف من شعبان سنة اثنتين وسبعين ، [ولم يول السلطان بعده قضاء الحنابلة أحدا] .
Sayfa 31
ذكر توجه مولانا السلطان إلى الشام
فيها في الثالث من شعبان توجه مولانا السلطان إلى الشام في جماعة من الأمراء والخواص ، وسار إلى أن خيم بين قيسارية وأرسوف ، وكان مركزا بها الأمير شمس الدين آق سنقر الفارقاني . فلما حل بها ركاب السلطان ، رحل عنها إلى مصر فدخلها يوم الإثنين تاسع عشر شعبان . ثم إن مولانا السلطان شن الغارات على بلد عكا ، فخرجت إليه الرسل يطلبون منه الموادعة والصلح ، وترددوا في ذلك حتى تقررت شروط عليهم ، واتفق الصلح والهدنة ثاني عشري رمضان وعينت مدة الهدنة عشر سنين وعشرة شهور وعشرة آيام وعشر ساعات . ثم رحل بالعساكر التي بالساحل ونزل بهم على خربة اللصوص ، ثم سار إلى دمشق فدخلها في الثامن من شوال .
ذكر تعفية التتر ما بقي من آثار حران
في الخامس والعشرين من شهر رمضان ، وصل جماعة من التتركثيرة إلى حران لا فأخربوا مشيد سورها وكثيرا من أسواقها ودورها ، ونقضوا جامعها وأخذوا أخشاب ستوفه ، واستصحبوامعهم من فيها فخربت ودنرت .
وكذاك الزمان يذهب بالنا
س وتبقى الرسوم والآثار
Sayfa 33
ذكر وصول رسل من التتر إلى مولانا السلطان الملك الظاهر بدمشق
كان قد وصل رسل من صمغر نوين ، المقيم بأرض الروم من جهة آبغا ابن هولاكو ، في السابع من شوال ، قبل دخول مولانا السلطان إليها بيوم ، وهم : جد الدين دولات خان وسعد الدين سعيد الترجمان ، من جهة صمغر المذكور ، ومن جهة البرواناة معين الدين سليمان بن مهذب الدين علي بن محمد نايب السلطة بلاد الروم . فلما استقر ركابه السعيد بها احضرهم وساهم عما جاءوا فيه ، فقالوا:ا إن صمغر نوين يسلم على السلطان ، ويقول له مذ جاورته في بلاد الروم لم يصل إلي من جهته في آمر يختاره ، ولو فعل كنت مطاوعا له ، وقد رأيت من المصلحة أن يبعث إلى أبغا رسولا بما يحب ، حتى أساعده في بلوغ قصده ، وأتوسط له عنده" . فلما و سمع الرسالة أكرم الرسل وأركبهم معه في الميدان ا/ مرارا . ثم عين الأمير فخر الدين اياز المقري ، آحد الحجاب ، والأمير مبارز الدين الطوري ، رسولين إلى أبغا وبعث معهما إليه جوشنا وإلى صمغرا قوسا ، وتقدم لهما بالمسير مع رسل صمغر نوين ، ر فسارا في خامس عشره - شهر شوال - . فلما وصلا إلى قونية وحضرا جامعها يوم الجمعة ، سمعا الرعية يبتهلون إلى الله بالدعاء لمولانا السلطان فاديا له الرسالة ، وكان مضمونها شكره ، ثم أخذهما معين الدين البرواناة ، وسار بهما إلى ابغا . فلمااجتمعا به قال لهما : "ما جئتما فيه؟" فقالا : " إن صمغرا بعث إلى السلطان واخبره انك أحببت أن يأتي إليك من جهته رسول ، فارسلنا يقول لك إن اردت ان اكون ا مطاوعا لك ، كافأ عنك ، فرد عليه ما في يدك من بلاد المسلمين" . فقال لهما : "هذا ما لا يمكن ، وأقرب ما في هذا أن يبقى في يد كل واحد منا ما هو في ملكه" . فحصلت بينهما وبينه مفاوضات أغلظ لهما فيها ، وانفصلا عنه من غير اتفاق ، فوصلادمشق في الخامس عشر من صفر سنة إحدى وسبعين وستمئة.
Sayfa 34
ذكر وصول رسل بيت بركة إلى هولانا ظالسلطان الملك الظاهر
في ذي القعدة وصل إلى دمشق ، من بيت بركة من عند منكوتمر ابن طغان ابن سرطق بن باتوا ، رسل في البحر ، وكانوا لما خرجوا من بلاد الأشكري قاصدين خدمة مولانا السلطان صادفهم مركب من البيشانيين ، فأخذهم ودخلوا هم إلى عكا ، فقبح عليهم من بها من المتصرفين ما فعلوه ، وقالوا : " نحن حلفنا للسلطان ان لا نمنع أحدا من الرسل من الوصول إلى أبوابه" ، ثم جهزوهم وسيروهم إلى دمشق ، ولم يرد البيشانيون ما أخذوا هم وكانت معهم هدية . فلما اجتمعا بمولانا السلطان عرفوه ما كان معهم ، فبعث إلى الإسكندرية ومنع من فيها من البيشانيين من التجار[ عن الصرف والسفر] حتى يعوضوا ما أخذ أصحابهم ، فكان مضمون رسالتهم انهم أحضروا كتابا لمولانا السلطان بجميع ما كان في المسلمين من البلاد التي استولى عليها هولاكو ، وطلبوا أن ينجدهم على استيصال شأفة ابن هولاكو.
Sayfa 35
ذكر توجه مولانا السلطان إلى حصن الأكراد
وردت الكتب من دمشبق إلى القاهرة ، مؤرخة بالسادس عشر من ذي الحجة ، م ضمونها أن مولانا السلطان توجه من دمشق إلى حصن الأكراد ، وكانت حركته بسبب قل حجارة المجانيق إلى القلعة ورؤية ما عمر فيها . فلما قضى وطره من ذلك سار إلى حصن ابن عكار فأشرف عليه ، ثم عاد إلى دمشق فدخلها في خامس المحرم . وسنذكر ما يتعجدد له في سنة احدى وسبعين .
Sayfa 36
ذكر تسلم نواب مولانا السلطان قلعة الخوابي والقليعة
في هذه السنة تسلم نواب مولانا السلطان قلعة الخوابي والقليعة من بلد الاسماعيلية ، ولم يبق خارج عن مملكة مولانا السلطان من جميع حصونهم سوى الكهف والقدموس ا/ والمينقة لا غير ، لأن آهلها لما قبض مولانا السلطان على نجم الدين الشعراني وولده [شمس الدين] بالقلاع المذكورة وقدموا عليهم مقدما .../
Sayfa 37
ذكر من توفي في هذه السنة من الأعيان وهي سنه سبعين وستمائة
ازدمر الأمير الكبير بدر الدين العزيزي الدوادار .
توفي في شهر المحرم بدمشق . كان أولا لعلم الدين سليمان بن الأمير حسام الدين محمود بن الخطلو والي ا حلب . فلما توفي في سنة إحدى وثلاثين ، ابتاعه الملك العزيز من ورثته ورتبه دوادارا ، وما زال في خدمته إلى أن توفي الملك العزيز ، واستمر في الدوادارية في االأيام الناصرية ورسل إلى الصالح نجم الدين أيوب ، صاحب الديار المصرية، ولم يزل في خدمة السلطان الملك الناصر إلى آن وقع المصاف بينه وبين المصريين في ذي القعدة سنة ثمان واربعين ، فخدم الملك الناصر في هذه الوقعة ، وعاد معه فأمره باربعين فارسأ ، ثم زاده ثلاثين فارسأ تكملة سبعين فارسأ . فلما أن انقضت الدولة الناصرية ، نجع إلى الديار المصرية / فأعطي خبزا بالشام . ولما خرج الأمير شمس الدين اقوش البرولي توجه معه وحضر المصاف مع التتر وعاد إلى خدمة السلطان فأحسن إليه الملك الظاهر. وأعطاه خبزا بإمرة دمشق . فلم يزل بها إلى أن توفي - رحمه الله -.
Sayfa 38
زامل بن علي بن حذيفة الأمير نور الدين .
توفي يوم الأربعاء رابع عشري جمادى الآخرة بقلعة الجبل من القاهرة ، فإنه كان معوقا بها ، وكان قد نيف على الأربعين سنة . كان قد ولي إمرة فضل بعد والده الأمير سيف الدين علي بن حذيفة . ولمااستولت التتر على البلاد الشامية قصد هولاكو . ولما ملك مولانا السلطان الملك الظاهر االديار المصرية كاتبه ، فخرج من التتر وقصد باب مولانا السلطان الملك الظاهر أحسن إليه وأجراه على خبزه ، وكان قد عين لإمرة آل فضل الأمير شرف الدين ظ عيسى بن مهنا بن حذيفة ، فطلب ا/ مكان آبيه ، فما أمكن مولانا السلطان أن ينقض ما رتبه محافظة لخدمة الأمير عيسى . فلما عاد إلى الشام قصد هولاكو فكاتبه السلطان الملك الظاهر وقبح عليه فعله ، فعاد إلى الديار المصرية ، فأحسن إليه وطلب الإمرة أيضا، فاعتذر مولانا السلطان عنها ، فلم يقبل عذره فقبض عليه واعتقله فلم يزل محبوسا إلى أن توفي - رحمه الله- .
Sayfa 39
سنقفر [ بن عبد الله] الأمير شمس الدين المعروف بالأقرع .
توفي يوم الأربعاء ان عشري ربيع الأول بالسجن بقلعة الجبل ، [ وقد نيف على الستين سنة من االعمر ] . كان من عتقاء الملك المظفر شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين فجرت له واقعة بميافارقين، فخرج منها هار بأ وقصد الملك الناصر صلاح الدين ، صاحب حلب ، وخدمه ، فوقف له على كتاب وبدا منه أمر أوجب أنه عوفه بقلعة بهسنا فشفع فيه الأمير شمس الدين لولو فأخرجه ، وأقام بحلب مدة ، ثم هرب وقصد الملك الصالح نجم الدين ايوب ، صاحب الديار المصرية ، فخدمه ./ ولما فتح السلطان الملك الناصر دمشق ، كان المذكور مقيما بها ، فهرب عند دخول السلطان الملكالناصر ، وقصد مصر ، فأمره الملك المعز صاحبها ، ولم يزل قريبا منه إلى أن رسله إلى بغداد في سنة خمس وخمسين . فلما عاد من الرسالة ، بلغه أن الملك المعز قد قتل ، فقصد دمشق بأمان من الملك الناصر ، وحلف له في الباطن بأن يكون له ، ويساعده على فتح الديار المصرية . فتوجه إلى ديار مصر ، وما زال في خدمة ولد الملك المعز إلى ان عزل . وولي الملك المظفر ، فلم يزل في خدمته إلى أن قتل . وولي مولانا السلطان االملك الظاهر فحضي عنده ، وتمكن منه إلى أن حصل منه ما حصل فأوجب اعتقاله ، فعوق إلى أن توفي ، وقد تقدم .
Sayfa 40
سلار بن الحسن بن عمرو بن سعيد الإربلي الشافعي ، الكردي نزيل حلب لاظ الشيخ الإمام العلامة كمال الدين أبو الفضائل .
توفي ليلة الأحد السادس من جمادى الأخرة بدمشق ، ودفن من يومه بباب الصغير ، ومولده في سنة تسع و مانين وخمس ماية . كان إماما مفتيا ، اشتغل بالعجم والعراق والموصل ، ووصل الى حلب وانقطع إلى المدرسة التي آنشاها الشيخ شرف الدين أبوطالب بن العجمي فكان معيدا بالمدرسة ، ثم لما جرت الكاينة بحلب ، رحل إلى دمشق ، واقام بها إلى أن توفي بها بالمدرسة الباذرائية .
Sayfa 41
عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحيم [ بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد بن محمد بن الحسين بن علي ابو الحسين] ، عماد الدين بن العجمي .
Sayfa 42
توفي ليلة االاثنين الرابع من شهر رمضان المعظم بحلب ، ودفن بمقابر الجبيل بتربة بي العجمي ، مولده في سنة خمس وستمئة . اشتغل بالفقه على قاضي القضاة باها بهباء الدين أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم المعروف بابن شداد ، وعلى قاضي القضاة زين الدين أبي محمد عبد الله ابن الشيخ الحافظ عبد الرحمن بن الأستاذ وعلى الشيخ الإمام شمس الدين أبي المظفر حامد [ بن أبي العميد عمر بن اميري ابن ورشي القزويني] ، وعلى صلاح الدين الجيلي المعيد بالمدرسة الصالحية بحلب، وعلى الشيخ شهاب الدين ابي المعالي محمد بن العجمي ، وسمع عليه وعلى الشيخ الإمام كمال الدين ابي سالم محمد بن طلحة النصيبيني ، وعلى الشيخ كمال الدين سلار الإربلي ، وعلى عمه شرف الدين أبي طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي . وسمع الحديث على السيد الشريف ابي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي الحلبي الحنفي ، وعلى الشيخ الحافظ عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي ، وعلى أبي العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي ، وعلى الشيخ شمس الدين يوسف بن خليل الادمي الدمشقي ، وعلى عميه كمال الدين عمر ، وشرف الدين البي طالب ، وسمع من كمال الدين بن طلحة ، وتولى نيابة عن عمه تدريس المدرسة الظاهرية خارج باب المقام ، ثم انتقل إلى نظر الجامع بحلب ، في سنة تسع واربعين وكذلك البيمارستان . وما زال إلى سنة أربع وخمسين و فوض إليه نظر الخزانة للصحبة بدمشق ، وما زال بها ناظرا إلى أن خرج من دمشق ناجعا إلى الديار المصرية في سنة مان وخمسين . وولي تدريس المدرسة الحسامية بالفيوم من قبل قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن خلف - رحمه الله - فأقام بها سنتين ، ثم نجع إلى مكه - حرسها الله تعالى - واقام بها ثم دخل اليمن وأقام به وسمع الحديث واشتغل ، وعاد إلى الديار المصرية في سنة اربع وستين ، وولي قضاء الحسينية في القاهرة ، ثم ولي تدريس المدرسة القطبية بالقاهرة . ثم خرج صحبه المولى الصاحب الوزير بهاء الدين أي الحسن علي بن محمد [ ابن حنا ] ي جمادى الآخرة ، وفوض إليه نظر الجامع والوقوفات بحلب ، ووكالة بيت المال توجه إلى حلب ، وأقام بها إلى أن توفي . كان رئيسا عاقلا فاضلا دينا ، حسن العشرة اكثير المروءة والعصبية ، يحب الخير وأهله ، كثير المعروف ، كثير المشي إلى الناس رحمه الله- .
علي الأمير نور الدين الصوابي المشد بمصر والقاهرة .
توفي رابع هذا الشهر ، وهو المحرم ، بمصر ، وكان قد نيف على الثمانين سنة . كان إليه شد الدواوين بالديار المصرية في الأيام الظاهرية . لم يزل مستمرا فيها إلى حين توفي .
علي الملك الأمجد مجد الدين أبو الحسن بن الملك الناصر صلاح الدين داودابن الملك المعظم شرف الدين عيسى بن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن آيوب .
انتقل إلى الله تعالى ليلة الإثنين سادس عشر جمادى الأولى بدمشق، ودفن من يومه بتربة جده الملك المعظم شرف الدين عيسى بجبل قاسيون وكان مولده في ثامن شهر رجب بالكرك سنة تسع وعشرين وستمائة ، وكان قدااشتغل بطرف من الأدب ، وهو الذي أباع الكرك للسلطان الملك الصالح في أوايل سنة سبع واربعين بعد خروج والده منها وقصده حلب . واستمر في خدمة الملكالصالح إلى أن توفي ، وخدم ولده الملك المعظم توران شاه ، فلما قتل عوق في االأيام المعزية ثم أطلق . ولما وقع الصلح بين الملك الناصر ، صاحب الشام ، والملك المعز ، صاحب الديار المصرية ، قصد الملك الناصر صلاح الدين صاحب الشام ، ولم يزل في خدمته إلى أن انقضت دولته في سنة ثمان وخمسين . وخدم الملك المظفر بعده ثم مولانا السلطان الملك الظاهر ، ولم يزل مقيما بدمشق إلى أن توفي في التاريخ المذكور .
Sayfa 44
علي بن عثمان بن علي بن سليمان بن علي السليماني الإربلي أمين الدين .
توفي في العشر الأوسط من جمادى الأولى بالفيوم ودفن به ، ومولده سنة اتنتين وستماية في أحد الربيعين . كان فاضلا أديبا له الشعر الجيد ، وكان يخدم في أوايل عمره الأمير ركن الدين بن ترطاي ، وترسل منه إلى الشام . فمن شعره :
بعد عصر الصبى ورسم التصابي
أترجى وصلا من الأحباب
يا لقومي كيف السبيل وقد حل
ل براسي البازي بعد الغراب
انكرت إذ رأت بياض عذاري
ي وصدت من بعد طول اقتراب
وأبي الغانيات لولا التجني
ما تدانى شيبي وولى شبابي
ضحك الشيب فاستهل له الدم
ع إلا ربة ضاحك لارتياب
علي بن الشريف جمال الدين أبي طالب محمد بن محمد بن الفضل بن جعفر بن الفضل بن جعفر بن مكي بن عبد الواحد بن القاسم بن الحسين بن الفضل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس - رضي الله عنه - عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السيدالشريف زين الدين أبو الحسن .
توفي يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر رجب الفرد ودفن بالقرافة ، ومولده تاسع عشر ربيع الأول من سنة احدى وتسعين وخمس ماية . شتغل بالفقه على الفقيه جمال الدين ابن رشيق ، وابن شاس ، والفقيه عبد الوهاب البغدادي ، واشتغل بالنحو على ابن الحاجب ، وابن بري ، وله تصانيف منها كتاب في اللغة جيد مفيد، وسمع الحديث على جماعة من المشايخ
Sayfa 45
محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد [أبو عبد الله] وجيه الدين التكريتي .
وفي يوم الجمعة السابع والعشرين من شوال بدمشق ، ودفن بسفح جبل قاسيون ي تربة ابتاعها . وكان مولده بتكريت في سنة إحدى عشر وستماية . كان من أعيان التجار المشهورين ، حصل له المكانة عند الملوك ؛ وكان مبدا ذلك آنه كان يتجر أولا مال والده ومال غيره إلى بغداد من تكريت ثم إلى الديار المصرية ، وما زال يتردد إلي سنة خمس واربعين . توفي له بحلب مضارب فاستولت نواب الخشر عليه ، فتوجههو إلى بغداد واستنجز كتابا من شهاب الدين ريحان نايب شرف الدين إقبال الشرابي الى الصاحب تاج الدين محمد بن نصر الحسيني زعيم إربل ، مضمونه الشفاعة إليه ، ليكتب كتابأ إلى بدر الدين صاحب الموصل ، ليكتب إلى الملك الناصر صاحب حلب . فكتب له السيد إلى بدر الدين فكتب بدر الدين إلى الأمير شمس االدين لولو مدبر دولة حلب ، فحمل الكتاب ووصل به إلى حلب وأوصله إلى الأمير شمس الدين ، فتحدث شمس الدين في أمر البضاعة ، وكان مبلغها ماية ألف وعشرة الف درهما فسلمت إليه ، فحصل له بالأمير شمس الدين لولومعرفة ، فالتمس منه كتابا جواب كتاب صاحب الموصل ، والتمس منه أن يكتب صاحب الموصل في حقه كتاباالى الديوان يشكره ، فكتب له الأمير شمس الدين كتابأ وعاد إلى تكريت ، فحصل له بذلك الكتاب النفع التام . ولما ملك الملك الناصر دمشق في سنة ثمان واربعين كان مقيما بدمشق في تجارة فاجتمع بالأمير شمس الدين فأحسن إليه ، وجمع بينه ويين الملك الناصر وشكره عنده فحصل له به يد ، وعاد إلى بغداد فكتب له الملك الناصر كتابا في حقه للوزير إلى بغداد ، وحمله مشافهة فانتفع بها ، وعاد إلى دمشق . وكان الديوان قداطلب من الملك الناصر جواري على لسان مقدم النجابة ابن البلاج ، فاتفق أنه توفي وتمكن من دولة الملك الناصر بحيث أنه أغراه بالتجارة ورغبه فيها ، وهو الذي حسن لملك الناصر مهاداة التتر والدخول في طاعتهم بكل ممكن . ولما توجه الملك العزيز محمد ولد السلطان الملك الناصر إلى التتر ومعه الزين سليمان الحافظي ، في رمضان من سنة ست وخمسين ، سأل الوجيه بن سويد للملك الناصر أن يطلب له فرسانا من هولاكو بحماية ماله وأملاكه واللايذ به ، فأجابه هولاكو وأشرط على الزين الحافظي انه يصل إلي حتى يبصر وجهي . ولما عاد الزين الحافظي أوصل الفرمان إليه ولما و خرج الملك الناصر من دمشق في صفر لم يصحبه ، فسير إليه وقال : "تصل إلي حتى اسيرك إلى هولاكو" . فخرج من دمشق ولحقه بنابلس ، وانقطع طريق دمشق ، فعجز عن الرجوع ودخل مصر اضطرارا لا اختيارا . فلما دخل الديار المصرية وقصد الملك الناصر الشوبك ، عوقه الملك المظفر [ قطز ] وقطع عليه مايتي وخمسين ألف درهما فأداها ، ولما ملك السلطان الملك الظاهر [ بيبرس] البلاد المصرية والشامية قدم له تقاديم وإلى خواصه ، وتوصل بكل طريق إلى أن وكله السلطان على الأملاك المبتاعة برسم ديوان الملك السعيد آعز الله نصره - واستنابه في استغلالها فنفق على أرباب الدولة باسرهم إلى أن توفي ، وظهر ما كان خافيا عن الناس من سوء باطنه وفساد مقاصده وقلة ديانته ، مع أنه كان كثير المهاداة والمداراة والصدقة الظاهرة حريصا على تحصيل الدنيا ، وكان إليه وصايا كثيرة وتحت يده وقوف وأموال كثيرة ذهبت على أصحابها بعدم تنزيلها في 1 دفاتره ، ولا ظهر لأحد من مقارضيه ومعامليه كتاب يستضيء به ، فذهب بطريقه على الناس أموال عظيمة .
Sayfa 46
محمد بن أمين الدين أبي الغنايم سالم بن الشيخ الحافظ أبي المواهب الحسن بن الشيخ أبي الغنايم هبة الله بن الشيخ أبي البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن وبن احمد بن الحسين] بن صصرى التغلبي الدمشقي ، عماد الدين .
توفي يوم السبتا الخامس والعشرين من ذي القعدة بدمشق ، ومولده قبل الستماية . سمع من تاج الدين الكندي ومن والده أبي الغنايم سالم () ومن عم أبيه شمس الدين أبي القاسم الحسين .
محمد بن ملكراد النوقاني ، الشيخ الفقيه ، نجم الدين .
توفي يوم السبت ثامن عشري ذي الحجة ، وكان عمره قريبا من ستين سنة . كان معيدا بالمدرسة التي أنشاها جم الدين أبو الوفا عبد الله الباذاري بدمشق المعروفة بدار أسامة . اشتغل بالعراق وسمع من جماعة وحدث - رحمه الله -
يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن اللبودي ، نجم الدين ، الدمشقي الأصل الحلبي المولد والمنشا .
Sayfa 49
توفي في العشر الأوسط من ذي الحجة بدمشق ، ودفن بتربته التي أنشأها عند حمام الفلك المسيري بطريق كفرسوسية ، ومولده سنة سبع وستماية . كان اشتغل في الطب على والده ، وأتقن علم النجامة وعرف شيئا من الهندسة ، وأتقن علم الحساب . وكان فاضلا بارعا ، قرأ النحو على الشيخ موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش النحوي الحلبي [ المعروف بابن الصايغ] وعلى الشيخ الإمام تاج الدين احمد بن الجبراني الحلبي بحلب ، واشتغل بدمشق على جماعة من الاطباء والفضلاء .ا وكان والده في خدمة الأمير سيف الدين علي بن قليج النوري بحلب طبيبأ بعلوم ا وتوفي والده واستمر هو في خدمة الأمير سيف الدين إلى أن خرج الأمير سيف الدسين من حلب سنة اثنتين وثلاثين ، فخرج صحبته ، وما زال في خدمته إلى أن فارقه وخدم الملك المنصور ناصر الدين إبراهيم بن الملك المجاهد ، صاحب حمص ، وما زال في خدمته ورسله إلى حلب ، ثم رسله إلى الديار المصرية إلى الملك الصالح نجم الدين فوصل إليه وأقام في خدمته إلى أن توفي الملك المنصور ، فولاه الملك الصالح نظر الاسكندرية . ثم انتقل إلى خدمة الملك الناصر بعد موت الملك الصالح إلى دمشق افاستخدمه واجرى عليه راتبا ، ولم يزل في خدمته إلى أن انقضت الدولة الناصرية . ولي في آيام التتر - خذلهم الله - نظر الديوان بدمشق ، ولما ملك المسلمون دمشق أجروه على النظر ، واستمر في الدولة الظاهرية صاحب ديوان إلى أن توفي في التاريخ المذكور .
Sayfa 50
السنة الثالثة عشرة من دولة السلطان الملك الظاهر وهي سنة احدى وسبعين وستمائة
دخلت هذه السنة والخليفة وملوك الطوايف على القاعدة المقررة في السنة الخالية ومولانا السلطان بالشام.
متجددات الأحوال في هذه السنة
قد تقدم لنا في السنة الخالية عود مولانا السلطان إلى دمشق من حصن ابن عكار ولما حل ركابه السعيد بها ، امر أن يكتب كتاب إلى القاهرة بالافراج عن عز الدين أيبك انجيبي الصغير ، وعن الأمير عز الدين أيد مر الحلي العزيزي ، فورد الكتاب يوم الإثنين ثامن عشر المحرم فافرج عنهما .
ذكر عود مولانا السلطان إلى مصر
توجه مولانا السلطان على خيل البريد، وفي صحبته الأمير بدر الدين بيسري وجمال الدين آقوش الرومي ، وسيف الدين جرمك الناصري ، [ وجبرك ، السلاح دار ، وسنقر الألفي السلاح دار ، وعلم الدين شقير مقدم البريد] ، يوم الأحد سابع عشر المحرم ، فوصل إلى القلعة يوم السبت ثالث عشرين المحرم ، وكان قد وصل إلى بلبيس يوم الخميس فكسر فيها يوما في بعض البساتين ثم أسرى فوصل الجبل الأحمر في أثناء الليل ، فأقام يوم الجمعة وليلة السبت وقصد أن يوافي موكب ولده الملك السعيد يوم السبت بالميدان . فلما علا النهار سأل عن احركة السلطان الملك السعيد ، فقيل له ما ركب ، فدخل القلعة غفلة ، فقام إليه أحدالبوابين لينزله عن فرسه وقال له : " ما يدخل راكب إلا مولانا السلطان" ، فأماط اثنامه فعرفه ، فأقام إلى الليلة المسفرة عن صباح يوم الجمعة التاسع والعشرين منه ، فتوجه إلى دمشق في الجماعة الذين جاءوا معه ، فدخل قلعتها في الليلة المسفرة عن صباح يوم الثلاثاء رابع شهر صفر المبارك.
Sayfa 51
ذكر غارة النوبة على ثغر عيداب
فيها في الحادي والعشرين من المحرم وصلت جماعة من النوبة وصاحبها فهجموا ثغر عيذاب ، ونهبوا من كان وصل إليه من تجار جاءوا من عدن ، ومن تجار جاءوا من مصر ، وقتلوا منهم خلقا وقتلوا قاضيها وواليها ، واسروا ابن حلى وأولاده وكان مشارفا على ما ترد به التجار .
Sayfa 52
ذكر غارة لعلاء الدين متولي قوص على بلاد النوبة
ورد إلى القلعة كتاب من علاء الدين أيد غدي الحرب دار متولي قوص يخبر بانه رحل من قوص إلى أسوان فوصلها سادس عشر صفر ، وأقام ستة أيام ورحل طالبا بلاد النوبة ، فوصل إلى بلد يقال له الجون حادي عشر من صفر فقتل من به وأحرقه ثم رحل عنه إلى بلد يقال له إبريم فوصله في الثالث والعشرين ، وهو حصن احصين ، فما شعر من به إلا وقد هجم عليهم فقتلهم واحرق ما فيه وهدمه ، ثم رحل منه إلى بلد يسمى أرمنا فوصله في الخامس والعشرين فقتل من به وأحرقه ، ثم رحل امنه إلى أطميث فوصله في السابع والعشرين فقتل من فيه وأحرقه ودوخ بلادهم ، وفعلالأفاعيل التي شفى بها صدر الدولة ، وأخذ بها ثأر من قتل بسيوف تلك الصولة .
ذكر توجه العساكر من مصر إلى الشام
فيها في الليلة المسفرة عن صباح يوم الثلاثاء وصل بريدي يحض على خروجالعساكر ، فخرج العسكر المنصور يوم الثلاثاء المذكور مقدمه الأمير شمس ابن شدادالدين سنقرجاه ، وتوجه إلى الشام . ثم برز مولانا السلطان الملك السعيد يوم الجمعة احادي عشرين الشهر ، ثم طلب عسكر آخر ، فتوجه الأمير سيف الدين قليج البغدادي ي عسكر آخر .
Sayfa 53
ذكر وفاة الأمير سيف الدين صاحب صهيون
توفي الأمير سيف الدين محمد بن الأمير مظفر الدين عثمان بن ناصر الدين منكورس بن بدر الدين حمر دكين ، صاحب صهيون ، في شهر ربيع الأول ، وكان قد نيف على الستين سنة ، ودفن بتربة آبيه ، وتسلم صهيون و برزويه ولده الأمير سابق الدين . ولما توفي والد المذكور ، كان مولانا السلطان بدمشق ، فأخبر بكوته وطلب ولده دستورا بالحضور ، فأذن له ، فلما حضر انعم عليه بار بعين فارسا وعلى عميه جلال الدين مسعود ومجاهد الدين ابن تميم ، كل واحد بعشرة طواشية ، وتسلم منه صهيو وحصن برزويه واستناب فيهما .
Sayfa 54