إِذا أَسْفر غير مشرق دفع بِهِ وبمن مَعَه يرِيه ويعلمه كَيفَ يَرْمِي الْجمار حَتَّى فرغ من الْحَج كُله، ثمَّ انْصَرف إِبْرَاهِيم رَاجعا إِلَى الشَّام فَتوفي بهَا.
فصل ذكر ولَايَة بني إِسْمَاعِيل الْكَعْبَة من بعده وَأمر جرهم
قَالَ ابْن إِسْحَاق: ولد لإسماعيل بن إِبْرَاهِيم اثْنَا عشر رجلا، وأمهم السيدة بنت مضاض بن عَمْرو الجرهمي، ثَابت بن إِسْمَاعِيل وقيدار وواصل وميّاش وطيما وقطور وَقيس وقيدمان، وَكَانَ عمر إِسْمَاعِيل مائَة وَثَلَاثِينَ سنة، فَمن ثَابت وقيدار نشر الله الْعَرَب، وَكَانَ أكبرهم قيدار وثابت وَكَانَ من حَدِيث جرهم وَبني إِسْمَاعِيل: أَن إِسْمَاعِيل لما توفّي دفن فِي الْحجر مَعَ أمه فولى الْبَيْت ثَابت بن إِسْمَاعِيل مَا شَاءَ الله أَن يَلِيهِ، ثمَّ توفّي ثَابت بن إِسْمَاعِيل فولى بعده مضاض بن عَمْرو الجرهمي وَهُوَ جد ثَابت بن إِسْمَاعِيل أَبُو أمه وَضم بني ثَابت وَبني إِسْمَاعِيل إِلَيْهِ فصاروا مَعَ جدهم أبي أمّهم مضاض بن عَمْرو وَمَعَ أخوالهم من جرهم، وجرهم وقطورًا يَوْمئِذٍ أهل مَكَّة، وعَلى جرهم مضاض بن عَمْرو ملكا عَلَيْهِم، وعَلى قطورا رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ: السَّميدع ملكا عَلَيْهِم، وَكَانَ حِين ظعنا من الْيمن أَقبلَا سيارة، وَكَانُوا إِذا خَرجُوا من الْيمن لم يخرجهم إِلَّا وَلَهُم ملك يُقيم أَمرهم، فَلَمَّا نزلا مَكَّة رَأيا بَلَدا طيبا وآدامًا وشجرًا فأعجبهما وَنزلا بِهِ، فَنزل مضاض بن عَمْرو بِمن مَعَه من جرهم أَعلَى مَكَّة وقيقعان فَمَا حَاز ذَلِك، وَنزل السميدع أجيادين وأسفل مَكَّة فَمَا حَاز ذَلِك، وكل فِي قومه على حياله لَا يدْخل وَاحِد مِنْهُم على صَاحبه فِي ملكه، ثمَّ إِن جرهما وقطورًا بغى بَعضهم على بعض وتنافسوا الْملك فَاقْتَتلُوا بهَا حَتَّى نشبت الْحَرْب بَينهم على الْملك، وولاة الْأَمر بِمَكَّة مَعَ مضاض بن عَمْرو بَنو ثَابت بن إِسْمَاعِيل وَبَنُو إِسْمَاعِيل وَإِلَيْهِ ولَايَة الْبَيْت دون السميدع، فَلم يزل الْبَغي حَتَّى سَار بَعضهم إِلَى بعض
1 / 49