127

Mekke Tarihi

تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

Soruşturmacı

علاء إبراهيم، أيمن نصر

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Yayın Yeri

بيروت / لبنان

وَقد اخْتصَّ بِأَن غسل مِنْهُ بطن سيدنَا رَسُول الله ﷺ على مَا ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث الْمِعْرَاج بعد الْبعْثَة، وَفِي ذَلِك دَلِيل على فَضِيلَة مَاء زَمْزَم على غَيره من الْمِيَاه إِذْ غسل مِنْهُ هَذَا الْمحل الْجَلِيل فِي هَذَا الموطن الرفيع. قَالَ ابْن أبي جَمْرَة لقَائِل أَن يَقُول: لم لم يغسل بِمَاء الْجنَّة الَّذِي هُوَ أطيب وأبرك؟ وَالْجَوَاب: أَنه لَو غسل بِمَاء الْجنَّة دون استقراره بِالْأَرْضِ لم يبْق لأمته أثر بركته، فَلَمَّا غسل بِمَاء زَمْزَم وَهُوَ مِمَّا اسْتَقر من مَاء السَّمَاء بِالْأَرْضِ على مَا قَالَه ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: " وأنزلنا من السَّمَاء مَاء بِقدر فأسكناه فِي الأَرْض وَإِنَّا على ذهَاب بِهِ لقادرون ". فَقَالَ: كل مَا فِي الأَرْض إِنَّمَا هُوَ مِمَّا ينزل من السَّمَاء. وَقد جَاءَ فِي الْأَثر: أَن مَا من مطر ينزل إِلَّا وَفِيه مزاج من الْجنَّة أَو بعضه مَعَ زَوَائِد. فَوَائِد جمة؛ مِنْهَا: مَا ذَكرْنَاهُ من إبْقَاء الْبركَة للْأمة. وَمِنْهَا: أَنه خص مقره بِهَذِهِ الأَرْض الْمُبَارَكَة. وَمِنْهَا: أَنه خص بِهِ الأَصْل الْمُبَارك وَهُوَ إِسْمَاعِيل ﵇ وَمِنْهَا: أَنه خص بِمَا لم يخص بِهِ غَيره من الْمِيَاه بِأَن جعل فِيهِ لهاجر أم إِسْمَاعِيل ﵊ غذَاء، فَكَانَ يغنيها عَن الطَّعَام وَالشرَاب. وَمِنْهَا: أَن ظُهُوره كَانَ بِوَاسِطَة الْأمين جِبْرِيل ﵇ فَكَانَ أصلا مُبَارَكًا فِي مقرّ مبارك بِوَاسِطَة فعل أَمِين مبارك، فاختص بِهِ هَذَا السَّيِّد الْمُبَارك فَكَانَ ذَلِك زِيَادَة لَهُ فِي التشريف والتعظيم، وَالله تَعَالَى يفضل من يَشَاء من مخلوقاته حَيَوَانا كَانَ أَو جمادًا، فجَاء بالحكمة العجيبة فِي الْملَّة الجليلة مِلَّة إِبْرَاهِيم بالمقال، وَفِي المَاء ملك إِسْمَاعِيل بِلِسَان الْحَال. انْتهى كَلَامه. وَهل المُرَاد بالبطن الَّذِي غسل بزمزم الْبَطن نَفسه أَو مَا فِي الْبَطن وَهُوَ الْقلب؟ قَالَ ابْن أبي حَمْزَة: الظَّاهِر أَن المُرَاد الْقلب؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى ذكر الْقلب وَلم يذكر الْبَطن. وَقَالَ: وَيُمكن الْجمع بَينهمَا بِأَن يُقَال: أخبر ﷺ مرّة بِغسْل الْبَطن وَلم يتَعَرَّض لذكر الْقلب، وَأخْبر مرّة بِغسْل الْقلب وَلم يتَعَرَّض لذكر الْبَطن، فَيكون الْغسْل قد حصل فيهمَا جَمِيعًا مَعًا مُبَالغَة فِي تنظيف الْمحل. انْتهى. وَكَانَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِيمَا يحْكى عَنهُ يُفْتِي بِأَن مَاء زَمْزَم أفضل من مَاء الْكَوْثَر. وَيذكر أَن السُّلْطَان صَلَاح الدّين أَبَا المظفر يُوسُف بن أَيُّوب كَانَ إِذا عَاد من

1 / 146