Mekke Tarihi
تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف
Araştırmacı
علاء إبراهيم، أيمن نصر
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م
Yayın Yeri
بيروت / لبنان
من الصَّفَا وَقَالَت: لَو مشيت بَين هذَيْن الجبلين تعللت حَتَّى يَمُوت الصَّبِي وَلَا أرَاهُ. فمشت بَينهمَا أم إِسْمَاعِيل حَتَّى إِذا بلغت الْوَادي رفعت طرف درعها، ثمَّ سعت سعي الْإِنْسَان المجهود حَتَّى جَاوَزت الْوَادي، ثمَّ أَتَت الْمَرْوَة فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنظرت فَلم تَرَ أحدا فَفعلت ذَلِك سبع مَرَّات، فَلذَلِك شرع السَّعْي بَينهمَا سبعا، فَلَمَّا أشرقت على الْمَرْوَة سَمِعت صَوتا فَقَالَت: صه تُرِيدُ نَفسهَا ثمَّ تسمعت فَسمِعت أَيْضا فَقَالَت: قد أسمعت إِن كَانَ عنْدك غواث، فَخرج لَهَا جِبْرِيل فاتبعته حَتَّى وصل عِنْد زَمْزَم فبحث بعقبه أَو بجناحه حَتَّى ظهر المَاء، وَتقول بِيَدِهَا هَكَذَا وتغرف من المَاء فِي سقائها وَهُوَ يفور بعد مَا تغرف فَشَرِبت وأرضعت وَلَدهَا، وَقَالَ لَهَا جِبْرِيل ﵇: لَا تخافي الضَّيْعَة فَإِن هَا هُنَا بَيت الله ﷿ يبنيه هَذَا الْغُلَام وَأَبوهُ، وَإِن الله تَعَالَى لَا يضيع أَهله. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي ﷺ قَالَ: " يرحم الله أم إِسْمَاعِيل لَو تركت زَمْزَم أَو قَالَ: لَو لم تغرف من المَاء لكَانَتْ عينا معينا ". قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره: لَا يجوز لأحد أَن يتَعَلَّق بِهَذَا فِي طرح وَلَده وَعِيَاله بِأَرْض مضيعة، اتكالًا على الْعَزِيز الرَّحِيم، واقتداء بِفعل إِبْرَاهِيم الْخَلِيل، كَمَا فعله غلاة الصُّوفِيَّة فِي حَقِيقَة التَّوَكُّل، قَالَ: إِبْرَاهِيم فعل ذَلِك بِأَمْر الله تَعَالَى؛ لقَوْله فِي الحَدِيث: آللَّهُ أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ: نعم. وَقد رُوِيَ أَن سارة لما غارت من هَاجر بعد أَن ولدت إِسْمَاعِيل خرج بهَا إِبْرَاهِيم ﵇ إِلَى مَكَّة فَروِيَ أَنه ركب الْبراق هُوَ وَهَاجَر والطفل فجَاء فِي يَوْم وَاحِد من الشَّام إِلَى مَكَّة، وَأنزل ابْنه وَأمه هُنَاكَ وَركب منصرفًا من يَوْمه، وَكَانَ ذَلِك كُله بِوَحْي من الله ﷿ فَلَمَّا ولّى دَعَا. انْتهى كَلَامه. فَبَيْنَمَا هَاجر وَابْنهَا كَذَلِك إِذْ مر ركب من جرهم قافلين من الشَّام فِي الطَّرِيق السفلي، فَرَأى الركب الطير على المَاء فَقَالَ بَعضهم: مَا كَانَ بِهَذَا الْوَادي من مَاء وَلَا أنيس فأرسلوا جريين لَهُم حَتَّى أَتَيَا أم إِسْمَاعِيل فكلماها، ثمَّ رجعا إِلَى ركبهما فأخبراهم بمكانها، فَرجع الركب كلهم حَتَّى حيوها فَردَّتْ عَلَيْهِم، وَقَالُوا: لمن هَذَا لماء؟ قَالَت أم إِسْمَاعِيل: هُوَ لي. قَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لنا أَن نسكن مَعَك؟ قَالَت: نعم. قَالَ النَّبِي
1 / 133