İslam Tarihi: Çok Kısa Bir Giriş
التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا
Türler
من المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من الروابط اللغوية والعرقية التي جمعت ما بين الأتراك، فإنهم يتألفون من مجموعات عديدة غير وثيقة الترابط؛ حتى الشعوب التركية المترابطة اليوم - وإن كانت مستقلة بعضها عن بعض في الأساس - تنتشر انتشارا واسعا عبر آسيا؛ من تركيا عبر جنوب روسيا وإيران وآسيا الوسطى إلى غرب الصين أو «تركستان الشرقية». وبينما دخل الأتراك العالم الإسلامي أول مرة كصغار جنود عبيد، فإن الأتراك اللاحقين دخلوه طواعية بعد أن اعتنقوا الإسلام في نهاية القرن التاسع على يد التجار والزعماء الصوفيين (الذين لا بد أنهم شابهوا الشامانات في أديانهم). وفي حالة القراخانيون في بلاد ما وراء النهر (992-1212)، فالعالم الإسلامي هو الذي جاء إلى الأتراك، لكن في معظم الحالات الأخرى كان الأتراك هم من ذهبوا إلى العالم الإسلامي.
المفاجأة الثانية هي أن الجنود العبيد (الغلمان) الأتراك الذين أبدوا ولاء شديدا لخليفتهم وافتقروا إلى الطموح السياسي سرعان ما هيمنوا على البلاط العباسي في القرن التاسع وأسسوا في النهاية دولا خاصة بهم، بدءا من المماليك في الغرب (الذين كانوا غلمانا أيوبيين) حتى الغزنويين (الغلمان السامانيين) وسلاطين دلهي (الغلمان الغوريين) في الشرق. وقد نسبت أهمية سياسية كبيرة لأولئك الأتراك الذين جاءوا إلى العالم الإسلامي من موضع قوة - كغزاة حازوا النفوذ والشهرة على الطريقة التقليدية - بالجمع بين الدبلوماسية، والاستراتيجية، وأيديولوجية موحدة، والقوة العسكرية. وإلى هذه الفئة ينتمي السلاجقة والعثمانيون والمغول والصفويون. حينما بدأ الخليفتان المؤمن والمعتصم في جلب الأتراك إلى الأراضي الإسلامية في القرن التاسع لم يتوقعا قط أن الأتراك (الذين ولدوا أحرارا) سيكونون آخر الشعوب التي تتولى منصب الخليفة حينما ألغاه العثمانيون عام 1924.
وهكذا عاش معظم المسلمين على مدار ما يزيد عن ألف سنة تحت حكم الأتراك أو في حمايتهم. ولا غرو إذن في أن علم المصطلحات التركية والممارسات الإدارية التركية قد تركتا بصمتهما على التاريخ الإسلامي، وخصوصا في العصور الكلاسيكية والحديثة المبكرة. والواقع أن كلمة «دمغة» - مرادف «طابع» في اللغة العربية الحديثة - هي كلمة تركية قديمة (كانت تنطق في الأصل «تمغة») وتعني «وسما قبليا» في عصور ما قبل الإسلام و«رسما تجاريا» في العصر المغولي. وهذه الرحلة وليدة الصدفة لهذه الكلمة بدءا من منغوليا القديمة إلى العالم العربي الحديث توضح على نحو منظم نطاق نشاط الأتراك ومداه في التاريخ.
والمفاجأة الثالثة (للتاريخ وليس لنا حتى الآن) هي أن الأتراك كثيرا ما كانوا يفضلون نشر اللغة الفارسية وتطويرها بدلا من الأدب التركي. أنتج الأتراك أعمالا أدبية خاصة بهم؛ فالوثائق التركية الأولى يرجع تاريخها إلى القرن الثامن، وبحلول القرن الحادي عشر، كانت تكتب الأعمال التركية الإسلامية التي حظي اثنان منها - عمل ينتمي لأدب «مرايا الأمراء» أو «الآداب السلطانية» من عام 1068 ومعجم عربي تركي من عام 1077 - بشهرة واسعة. وعلى الرغم من ذلك، اعتمد الأتراك على الفرس في كل الأعمال الأدبية، وتلك حقيقة مسجلة في قول مأثور يعود تاريخه للقرن الحادي عشر، ووفقا لهذا القول فإنه «لا يوجد تركي من دون إيراني مثلما لا توجد قبعة من دون رأس». بدأ تأليف الأدب باللغتين التركية الغربية (العثمانية) والشرقية (الشاغاتية) في البلاط التركي، وزاد في القرن الخامس عشر. لذا كتبت السيرة الذاتية للقائد المغولي بابر باللغة الشاغاتية مع أن الثقافة الرفيعة في البلاط المغولي كانت فارسية اللغة. مع ذلك، فإنها مفارقة أن يكتب أحد مؤسسي الثقافة الأدبية التركية - علي شير نوائي (الذي توفي عام 1501) - عملا جدليا عن تفوق اللغة التركية على الفارسية، وأن يكون نحو ثلثي اللغة المستخدمة في العمل فارسية.
ثمة مفاجأتان أخريان تتعلقان بالثقافة، وهما حقيقة أن رمز «الهلال والنجمة» الذي كثيرا ما يقرن بالإسلام تعود أصوله إلى التركية القديمة (وليس العربية أو الفارسية)، وأن الأتراك غذوا حرفيا الحضارات الإسلامية (وحضارات أخرى) بتأثيرهم فيما يتعلق بفنون الطهي؛ فالزبادي ومحشو ورق العنب (دولمة) والكباب والشاورما والبقلاوة وغيرها الكثير من الأطعمة المعروفة تنسب للأتراك (مع أن القهوة التركية ليست كذلك). وإن ثبتت صحة الرواية القائلة إن خبازي فيينا قد ابتكروا الكعكة الهلالية احتفالا بفشل الحصار العثماني لمدينتهم عام 1683، فإننا ندين لهم - على الأقل بصورة غير مباشرة - بالفضل في معرفة الكعك الهلالي أيضا.
المفاجأة الأخيرة أن شعبا مثل الأتراك المعروفين على مدار زمن طويل بالبسالة العسكرية طالما اتصف بالتسامح الملحوظ تجاه الثقافات والأديان الأخرى والانفتاح عليها. ربما كان ترحال الأتراك عبر طريق السهل الأوراسي سببا في احتكاكهم بثقافات عديدة لا يرتبط بعضها ببعض، على نحو لم يحدث مع بدو آخرين. (على النقيض، احتك العرب أثناء ترحالهم الموسمي بشعوب جاورتهم من الشمال والجنوب والشرق - بينما كان البحر الأحمر يحدهم من الغرب - وكانت في الأساس شبيهة بهم غير أنها كانت قليلة الترحال.) لهذا السبب فإن للأتراك تاريخ طويل من التضمين الطوعي لعناصر من ثقافات أخرى داخل ثقافتهم، مثلما يتضح من اقتباسهم أدب الآخرين حسبما كان الحال مع الثقافة الرفيعة الفارسية، وأيضا من مرورهم بأبجديات عدة إلى أن استقروا على الأبجدية العربية مثل غيرهم من الشعوب الإسلامية الأخرى. وعلى نحو معبر، فإن قدرتهم على التكيف مع الظروف المتغيرة قد دفعتهم - على النقيض من العرب أو الفرس - إلى استخدام الأبجدية اللاتينية في القرن العشرين؛ وهو تغير لم يمر به الأتراك في تركيا فحسب، ولكن مر به أيضا الأتراك في أوزبكستان وتركمانستان وأذربيجان. نوعا ما، أثبت الأتراك حنكتهم في تحديد الاتجاهات الفائزة ومهارتهم الكبيرة في تكييف مجتمعاتهم معها. يمكن ملاحظة هذا الأمر في اعتناقهم الإسلام، وتبنيهم الحداثة ، واستخدامهم اللغة الفارسية كلغة أدبية والبارود (على عكس ما قد يرتبط بعاداتهم الأصلية). ربما يحتج العرب والفرس بكونهم شديدي الفخر بعاداتهم بما لا يسمح لهم بالتخلي عنها تحت ضغط الغرباء، لكن قد يرد الأتراك بأنهم إلى جانب تبني الثقافة السائدة - وهي الحداثة في هذه الحالة - والتكيف معها، فإنهم أيضا يحافظون على عاداتهم.
ملخص
أشار الفقهاء المسلمون منذ القرن التاسع إلى العالم الإسلامي على أنه دار الإسلام، ومع أن المصادر لا تستطرد في الحديث عن هذا المجاز، فإنني أميل إلى فعل ذلك. وفقا لهذه الصورة المجازية، فالأرض التي بنيت عليها الدار حصل عليها أول الأمر العرب الذين وضعوا أيضا أسس الدار وخططها المعمارية. كان معظم الطوب الذي بنيت منه الدار فارسيا وكذا معظم البنائين؛ وعلى مدار جزء كبير من التاريخ الإسلامي - من القرن التاسع حتى القرن التاسع عشر - كان الأتراك (الذين كانت لهم إسهاماتهم أيضا فيما يتعلق بالطعام المقدم في تلك الدار وبما احتوت عليه من بسط) ملاكها. أما عن الشيعة، فقد اعتقدوا منذ زمن طويل أن الدار بنيت على أسس متزعزعة، واليوم انقسم البناء إلى شقق فردية ذات أحجام متباينة. ومنذ القرن الثامن عشر، هيمنت على التصميم الداخلي للبناية الطرز الغربية التي تعارضت مع الديكور التقليدي في بعض الشقق؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور بقع قبيحة المنظر. قد يقول الإسلاميون إن الشقق ليست سوى غرف في فندق رديء بحاجة إلى اهتمام عاجل؛ الأمر الذي يجعلهم يتمنون إزالة البناية بأكملها وإعادة بنائها من جديد. تحاول هذه الصورة المجازية الممتدة توضيح كيف أن شعوب التاريخ الإسلامي المختلفة تفاعلت بعضها مع البعض، واتحدت من أجل بناء شيء لكل منهم نصيبه الجوهري وقدره من المساهمة فيه مع اختلاف السبل.
هوامش
الفصل الثالث
Bilinmeyen sayfa