Birinci Balkan Savaşı Tarihi: Yüksek Devlet ve Bulgarlar, Sırplar, Yunanlar ve Karadağlılardan Oluşan Balkan Birliği Arasında
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
Türler
فكيف تستطيع حكومة روسيا أن تغفل رأي الجمهور الروسي وتلك عواطفه؟! (4) السبب الرابع
هو غفلة كبار الدولة العلية وتنازعهم المتواصل على السلطة وإشراب الجيش سم السياسة، مما أفضى إلى الضعف والاضطراب في جميع فروع الإدارة ومنها إدارة الجيش.
وإن ضعف الخصم كثيرا ما يولد المطامع عند خصمه، أو يزيدها تفاقما إن كانت موجودة كامنة كمطامع البلقانيين العريقة في القدم، كما أن قوة الخصم تؤدي إلى إخفاء المطامع فلا تجيش في الصدور ولا تدفع أصحابها إن كانوا عقلاء إلى حد العدوان، ألا ترى أن فرنسا تطمع في استرجاع الإلزاس واللورين اللتين أخذتهما ألمانيا بعد حرب السبعين، ولكنها لا تحيد عن جادة الحكمة والفطنة؛ لأن ألمانيا ضخمة قوية لا يسهل نزع اللقمة من يدها الفولاذية.
فلو كان أقطاب السياسة العثمانية لم ينقسموا على أنفسهم ولم يدعوا السياسة ترسخ في قلوب الضباط فتصرفهم عن الواجب الوطني المقدس، لما رأت منهم دول البلقان ذاك الضعف الذي هاج طمعها، ولما كانت حمى التنازع تحدث في رءوسهم مثل دوار، فيذهب عنهم أن جواسيس البلغاريين والصربيين واليونانيين يملأون الأستانة وكل موقع حربي ويبحثون عن كل موضع من مواضع الوهن.
أثبت أولئك الجواسيس لدولهم أن الجيش العثماني يحتاج إلى الضباط، وأن الضباط الموجودين حزبان متنافسان، وأن الخلل ضارب في إدارة الميرة والذخيرة، ثم رأوا من جهة أخرى أن الحرب الطرابلسية زادت الدولة العلية ضعفا على ضعف - فقالوا: إن الفرصة الحاضرة هي خير الفرص لتحقيق الأمل وشفاء النفس من الحقد والطمع القديمين.
على أن حكوماتهم قامت تراعي دواعي السياسة فادعت أن السبب الذي دعاها إلى تعبئة الجيوش هو رغبتها في كشف الظلامة عن إخوانها المقدونيين المسيحيين، ثم شكت من إهمال المادة الثالثة والعشرين من معاهدة برلين، وهي التي توجب على الباب العالي أن ينفذ النظام الأساسي الذي وضع لجزيرة كريت، ونظامات شبيهة به ومنطبقة على الحاجات المحلية في بلاد تركيا أوروبا، وأن يكلف لجانا مشتملة على عدد كاف من أبناء البلاد لوضع تلك النظامات في كل ولاية عثمانية في أوروبا، ثم يستطلع فيها رأي اللجنة الأوروبية التي ألفت للنظر في شأن الرومللي الشرقية.
تلك هي الحجة التي تذرعت بها حكومات البلقان المتحالفة قبل أن تعلن الحرب بأيام، والحقيقة أنه لو كان المراد من حركة الممالك البلقانية طلب الإصلاح بالمعنى الصحيح، لما دفعت الجفاء إلى حد الحرب بينها وبين تركيا، ولكنها رأت نفسها قوية بتحالفها وبالخلل الضارب في الأستانة، فأرادت أن تنفذ اتفاقها السري، وليس تذرعها بمعاهدة برلين إلا ذرا للرماد في العيون، قال الموسيو كيدرلن وختر وزير خارجية ألمانيا السابق في حديث شهير تناقلته الجرائد الأوروبية في أوائل أكتوبر الماضي أي الشهر الذي أعلنت فيه الحرب: «إن جميع الحكومات البلقانية تدعي أنها تريد الإصلاح لمقدونيا، والحقيقة أنها تطمع في تقسيم أملاك الدولة العثمانية، ولكن يجب عليها أن تعلم بأن الدول العظمى لا يمكنها أن تسمح بتغيير خريطة الأراضي العثمانية في شبه جزيرة البلقان ...»
ويجدر بنا أن نعترف هنا بأن حوادث أليمة هاجت عواطف الأمم البلقانية قبل الحرب ولا سيما الأمة البلغارية، غير أنه يجدر بنا أيضا ألا ننسى أن الحزب الحربي من أولياء الأمور البلقانيين كان يعنى بتهييج تلك العواطف إرادة أن يعد أفكار الجماهير للحرب المنوية، وأن يبلغ بها إلى حيث يمكنه القول: «إن تيار الرأي العام دفعنا معه، فلا قبل لنا بالتقهقر»، وعند ذلك يتسني للحكومات البلقانية ما أرادت من اغتنام الفرصة الفريدة.
معاهدة برلين وعلاقتها بالحرب البلقانية
أشرنا فيما تقدم إلى شكوى الحكومات البلقانية من نبذ الدولة العلية للمادة الثالثة والعشرين من معاهدة برلين، ولما كان المؤتمر الدولي الذي عقد تلك المعاهدة سنة 1878 خطير الشأن كبير العلاقة بالمسألة الشرقية التي تحاول الدول البلقانية أن تحلها حلا نهائيا - رأينا أن ننشئ لها مقالا خاصا لنزيد حقيقة الحرب وضوحا وجلاء.
Bilinmeyen sayfa