Mısır'da Ulusal Hareketin Tarihi: Tarih Boyunca Arap Fetihine Kadar
تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من فجر التاريخ إلى الفتح العربي
Türler
وهناك احتلالان قرأت في بعض كتب المؤرخين أن مصر القديمة استهدفت لهما، فقالوا عنها: إنها خضعت يوما للحكم الليبي، ويوما آخر للحكم الإثيوبي، ولم يكن قولهم هذا قرين الحق والصواب، فقد زعموا أن الأسرة الثانية والعشرين التي أسسها «شيشنق» في القرن العاشر قبل الميلاد هي أسرة ليبية أجنبية حكمت البلاد زمنا طويلا، والصحيح أن «شيشنق» هذا وإن كان من أصل ليبي، ولكنه تمصر ومن قبله تمصر أسلافه منذ عدة قرون، ومضت عليهم بعد أن تمصروا أجيال وأجيال فصاروا من صميم المصريين، وقد كان حكم «شيشنق» مصريا خالصا لمصر أعاد إليها بعض ما كان لها من عز وسؤدد، واحتل فلسطين واستولى على أورشليم (بيت المقدس) واستخلصها من اليهود، واستردت البلاد بفضل حملاته الموفقة نفوذها في آسيا، وورد اسمه في التوراة لمناسبة حروبه مع الإسرائيليين.
وقال بعض المؤرخين أن «يبعنخى» أسس في القرن الثامن قبل الميلاد الأسرة الخامسة والعشرين، ووصفوه ووصفوا أسرته بالإثيوبيين وزعموا أن إثيوبيا حكمت مصر في عهدهم.
والحق أن «بيعنخى» هو من النوبة لا من إثيوبيا، وأصل أسرته من كهنة طيبة الذين هاجروا إلى الجنوب، والنوبة جزء لا يتجزأ من مصر وفيها الآثار الخالدة للفراعنة التي يتحدث عنها العالم المتحضر كل حين، فهم إذن من صميم المصريين، فلا هم إثيوبيون، ولا النوبة من إثيوبيا، وأسرتهم مصرية لا شك في مصريتها، والقول بأن إثيوبيا حكمت مصر يوما يتعارض مع الحقائق التاريخية والجغرافية، وإطلاق اسم إثيوبيا على النوبة هو خطأ انساق إليه بعض الرحالة الإغريق. •••
ولئن كان الحديث عن مصر القديمة أو مصر الفرعونية ينتهي على أرجح الآراء بالغزو الفارسي؛ فتاريخ مصر الخالدة يقتضي أن أستطرد إلى ذكر الثورات المصرية التي شبت في وجه الفرس، ثم استمرار هذه الثورات في عهد البطالمة، ثم في عهد الرومان، إلى أن حررها الفتح العربي من الاحتلال الروماني سنة 641م/18ه وبه ينتهي هذا الكتاب.
وأرى من واجبي أن أنوه بفضل العلماء المصريين والأجانب الذين سبقوني إلى الكتابة في تاريخ مصر القديمة، وقد ذكرت بعض مؤلفاتهم في مراجع البحث اعترافا بفضلهم وتقديرا للجهود التي بذلوها لإنارة السبيل لمن يجيئون بعدهم، وإذا كان الموضوع الذي عالجته مقصورا على تاريخ الحركة القومية، فإن ما كتبوه واستقصوه كان شاملا لكل نواحي التاريخ، فلهم الفضل أولا وآخرا.
هذه نظرة عامة على الكتاب، قصدت منها التعريف به إجمالا، وسيجد القارئ في فصوله توضيحا لما أجملت وتفصيلا لما أوجزت.
والله ولي الهداية والتوفيق.
مايو سنة 1963م
عبد الرحمن الرافعي
الفصل الأول
Bilinmeyen sayfa