Sanat Tarihi ve Ünlü Tablolar
تاريخ الفنون وأشهر الصور
Türler
المقدمة
1 - الفنون الجميلة
2 - الجمال ومعاييره وحدوده
3 - عصر الانحطاط
4 - الفنون الإسلامية
5 - أصل الرسم الحديث: مدرسة فلورنسا
6 - الرسم بالزيت: المدرسة الفلمنكية
7 - نجوم النهضة
8 - نحو البندقية
9 - مجد البندقية
Bilinmeyen sayfa
10 - نهضة الفن في ألمانيا
11 - المدرسة الفلمنكية
12 - نهضة الفن في إسبانيا
13 - فن الرسم في هولندا
14 - هولندا في القرن السابع عشر
15 - نهضة الفن في فرنسا
16 - الرسامون الإنجليز في القرن الثامن عشر
17 - رسم الأشخاص في إنجلترا
18 - الثورة الفرنسية والفنون
19 - رسم المناظر الطبيعية عند الإنجليز
Bilinmeyen sayfa
20 - الرسامون الإنجليز في عصر فكتوريا
21 - فرنسا في القرن التاسع عشر
22 - هويسلر وتأثير الشرق الأقصى
23 - النزعة التقريرية والتأثرية في فرنسا
24 - الوحوش والتكعيبيون والاستقباليون
المقدمة
1 - الفنون الجميلة
2 - الجمال ومعاييره وحدوده
3 - عصر الانحطاط
4 - الفنون الإسلامية
Bilinmeyen sayfa
5 - أصل الرسم الحديث: مدرسة فلورنسا
6 - الرسم بالزيت: المدرسة الفلمنكية
7 - نجوم النهضة
8 - نحو البندقية
9 - مجد البندقية
10 - نهضة الفن في ألمانيا
11 - المدرسة الفلمنكية
12 - نهضة الفن في إسبانيا
13 - فن الرسم في هولندا
14 - هولندا في القرن السابع عشر
Bilinmeyen sayfa
15 - نهضة الفن في فرنسا
16 - الرسامون الإنجليز في القرن الثامن عشر
17 - رسم الأشخاص في إنجلترا
18 - الثورة الفرنسية والفنون
19 - رسم المناظر الطبيعية عند الإنجليز
20 - الرسامون الإنجليز في عصر فكتوريا
21 - فرنسا في القرن التاسع عشر
22 - هويسلر وتأثير الشرق الأقصى
23 - النزعة التقريرية والتأثرية في فرنسا
24 - الوحوش والتكعيبيون والاستقباليون
Bilinmeyen sayfa
تاريخ الفنون وأشهر الصور
تاريخ الفنون وأشهر الصور
تأليف
سلامة موسى
المقدمة
إذا استثنينا الفصول الأربعة الأولى من هذا الكتاب، وبعض الفصول التي رأينا حذفها، أمكننا أن نقول إنه ملخص عن كتاب السير «وليم أوربن» «خلاصة الفن»، فقد تقيدنا بآرائه وإن لم نتقيد بصوره، بل أخذناها من مصادر كثيرة أخرى، ولم نذكر كل الذين ذكرهم من الرسامين بل اقتصرنا على المشهورين.
والغاية من إخراج هذا الكتاب هي أن نقدم للقراء مجموعة فاخرة من الصور والرسوم المشهورة في أوروبا، مع لمحة من تاريخها وتاريخ الرسامين الذين أدوها، ووصف الظروف التي بعثت الفنون وعملت على تطويرها في الأزمنة المختلفة، أما الفصول الأربعة الأولى فقد حاولت فيها أن أشرح النظرية العامة عن الفنون الجميلة، وأبين أوجه الانحطاط الذي يعتريها، ولذلك فأنا المسئول عما أبديت فيها من رأي .
وعندنا الآن نهضة فنية ابتعثها من الموت الأمير يوسف كمال وهو رجل لا يتكلم كثيرا ولكنه يعمل كثيرا، فقد أسس مدرسة الفنون الجميلة فكانت البذرة الصالحة لفن الرسم في مصر، وقد جلب لها معلمين أكفاء من أوروبا وأنفق عليها عشرات الألوف من الجنيهات، وهو إلى الآن ما زال دائبا في هذا العمل الشريف، ومن بين أساتذة هذه المدرسة الأستاذ «سانتس» الذي استحدث في الصحف المصرية الفن الكاريكاتوري.
وإلى جانب هذه المدرسة نشأ هواة آخرون تعلموا باجتهادهم، فكان الرسم مهواتهم التي أكبوا عليها وبرعوا فيها، وتألف من هؤلاء وهؤلاء «جمعية محبي الفنون الجميلة» التي أقامت أول معارضها سنة 1923 في مصنع الأستاذ فؤاد عبد الملك، والفضل في تأسيس هذه الجمعية للأمير يوسف كمال، ومحمد (بك) محمود خليل، وفؤاد (أفندي) عبد الملك.
وحدث أن اثنين من الرسامين المصريين أرادا أن يرحلا إلى إيطاليا لدرس القدماء، ولم يكن في استطاعتهما أن ينفقا على هذه الرحلة والبقاء طويلا في رومية، وكانا وهما في مصر يعملان في تعليم الرسم بالمدارس المصرية، فاتفق كلاهما على أن يعمل أحدهما عمل الآخر في مصر ويرسل له مرتبه، ثم يعود الآخر إلى مصر فيعمل عمل الأول، وهكذا يتعاونان على الارتحال إلى المدينة الخالدة، وكان هذان الاثنان هما: راغب عياد، ويوسف كامل، فلما علمت الحكومة بهذا المجهود الشريف تبرعت بنفقات بعثة تتعلم الرسم في إيطاليا.
Bilinmeyen sayfa
وكانت هذه البعثة الأولى تتألف من محمود مختار المثال المعروف ثم هؤلاء الرسامين: محمد حسن، ويوسف كامل، وراغب عياد.
ورأت وزارة المعارف أن تنهض بالفن المصري الحديث فأسست مكتبا للفنون، ثم ما زال هذا المكتب يكبر حتى صار له رئيس، هو وكيل الوزارة للفنون الجميلة الأستاذ أحمد نجيب الهلالي (بك).
الفصل الأول
الفنون الجميلة
الفنون الجميلة كما نسميها الآن، أو الآداب الرفيعة كما كان يسميها العرب، هي: الموسيقى، والشعر، والنثر، والبناء، والرسم، والنحت، والرقص، والغناء، والتمثيل.
وغاية هذه الفنون جميعها هو الجمال، ولكن الجمال ليس شيئا موضوعيا له حقيقة أصلية في الكائنات التي حولنا من حي وجماد، وإنما هو ذاتي في أذهاننا، فالعالم أو الكون نفسه ليس جميلا أو قبيحا، وإنما الجمال والقبح اعتباران ذهنيان أي: قائمان في أذهاننا فقط.
ويمكننا أن نوضح ذلك بالمقابلة بين صورة فوتوغرافية تؤخذ عن حقل أو حيوان أو إنسان وبين هذه الصور نفسها يرسمها رسام ماهر من رجال الفن العبقريين، فأما من حيث النقل واتباع الأصل فالصورة الفوتوغرافية أمينة تطابق الأصل أكثر من الصورة التي يرسمها الرسام، ولكننا مع ذلك نستحسن صورة الرسام ونقول إنها تفضل الصورة الفوتوغرافية.
والسبب في ذلك أن الجمال ذاتي وليس موضوعيا، نعني أنه في ذهن الرسام وليس في ذات الحقل أو الحيوان أو الإنسان، فإذا كان الرسام عبقريا يدرك ببصريته مرامي الفنون استطاع أن ينفذ إلى ما لا تنفذ إليه الآلة الفوتوغرافية وينقل لنا روح المنظر كما ينقل لنا جسمه، فمهمته ليست النقل الساذج كما هي مهمة الآلة الفوتوغرافية، لأن عليه أن يفسر ويكشف لنا عما خفي عن أنظارنا من آيات الجمال في المنظر الذي يرسمه.
فنحن لا نرى في صورة الرسام خياله هو كما نرى أيضا صورة المنظر الأصلي، نعني أنه لا يقنع بالمحاكاة وإنما هو مع نقله يفسر ويشرح ويكسب الطبيعة التي ينقل عنها شيئا من خياله ومن بصيرته في معنى الجمال.
ولهذا السبب كثيرا ما نعجب بالصورة يرسمها الرسام لحقل أو حيوان أكثر مما نعجب بهذا الحقل أو هذا الحيوان نفسه؛ لأننا ونحن بإزاء الصورة نرى تفسيرا، بينا نحن أمام الحقل أو الحيوان لا نرى سوى الطبيعة، فالرسام يكسب بخياله جمالا جديدا للطبيعة التي ينقل عنها.
Bilinmeyen sayfa
وخيال الرسام أبعد في إدراك الجمال من الطبيعة التي ينقل عنها، فقد حكي عن «موسلر» الرسام الإنجليزي أن سيدة وقفت تنظر إلى رسمه، فلما تأملته انتقدت عليه مخالفته للطبيعة فأجابها: «هو كما قلت مخالف للطبيعة، ولكن أما كنت تودين أن تكون الطبيعة كذلك؟» وهذا يجرنا إلى البحث عن الأصل أو الباعث الذي يبعثنا على ممارسة الفنون الجميلة، فإننا عند التأمل لا يسعنا إلا الاعتراف بأننا نمارس الفن الجميل لأننا نبتغي منه جمالا نرى فيه ما يرضينا أكثر من الحقائق الواقعة التي حولنا؛ أي: أننا نرى في الطبيعة نقصا نحاول بخيالنا أن نكمله بالفن الجميل.
مثال ذلك أن الفخاري قد يصنع قدرا من الطين يشويها على النار فتخرج سوداء كابية، فيعمد إلى تزيينها وزخرفتها بالألوان والرسوم، فهو إنما يجملها بهذه الزخارف لأنها في الأصل قبيحة، ولكن هب أن صائغا قد صنع كوبا من الذهب الخالص، فهل نحتاج ونحن ننظر إلى هذا الكوب إلى أن نطلب من هذا الصائغ أن يزينه ويزخرفه بالألوان والرسوم؟ كلا، فالصائغ وهو يصنع هذا الكوب من الذهب لا يحتاج إلى أن يمارس فيه فن الرسم، ولكن الفخاري وهو يصنع القدر من الطين يحتاج إلى ممارسة فن الرسم.
فالذي يبعثنا على ممارسة الفنون أننا لا نرضى برؤية الطبيعة ساذجة؛ لأنها في سذاجتها ليست جميلة، فلو كنا نأكل ونشرب في صحاف وأكواب من ذهب لما احتجنا إلى زخرفتها، ولكن المواد التي نصنع بها أدوات الطعام والشراب ليست جميلة فنحن نجملها بالفنون.
ولو كانت الأحجار التي نبني بها منازلنا حسنة تمتع العين برؤيتها لما احتجنا إلى أن نكسوها بالطلاء ونجملها بالرسوم، ولو كان سواد الناس حائزين صفات الجمال لما احتجنا إلى صنع التماثيل ورسم الرسوم للوجوه الجميلة، ولو كنا نتكلم فيلذ للناس سماع كلامنا كأنه الغناء لما تعلمنا الغناء، ولو كان في حفيف الشجر وهفيف الرياح وتغريد الطيور ما يقنعنا ويستهوي أفئدتنا لما احتجنا إلى فن الموسيقى، ولو كنا نمشي كأننا نرقص لما ظهر فن الرقص.
فالذي يبعثنا على ممارسة الفنون الجميلة أننا لا نجد في الطبيعة ما يرضينا ولا نجد في مواد الصناعة ما تشتهيه نفوسنا من الجمال، وهناك مواد جميلة، ولكنها قليلة لا تكفي الناس، وهي لجمالها لا نحب أن نزينها، فلو كان الدرج الذي نرتقي عليه إلى منازلنا من البلور الصافي لارتقيناه ساذجا لا نقش عليه، ولو كانت أدواتنا المنزلية من الذهب لقنعنا بها ساذجة أيضا.
والحرير من الأقمشة الفاخرة، ولذلك نعجب به إذا كان ساذجا، والمرأة الجميلة نعجب بها أكثر كلما أنقصت من ثيابها، وإنما التكحل فن يقوم مقام الكحل.
واعتبر ذلك في جميع الفنون حتى النثر والشعر، فإنه إذا كان المعنى عميقا يبلغ القلب ويعكس لنا حقيقة بارعة، لم نحتج إلى الزخارف اللفظية التي تسمى بالبلاغة، وإنما نحتاج إلى هذه الزخارف إذا سخف المعنى، كما يحتاج القماش السخيف إلى مختلف الصبغ والحواشي لإخفاء سخافته، وأكثر الكتاب في العربية انغماسا في الزخارف اللفظية هو الحريري؛ لأنه لا يعالج من المعاني سوى النزر التافه.
ونحن والطبيعة كلها من أصل واحد؛ ولأننا نشترك في وحدة الأصل نشترك أيضا في الغايات، فما هو راق جميل عند الطبيعة كذلك هو راق جميل عندنا.
فنحن نعرف من قصة التطور في العالم أن الجماد سبق النبات، وهذا سبق الحيوان، ثم نعرف من تطور الأحياء كيف أن الحياة ظهرت أولا في أشكال حقيرة في خلايا منفردة كالميكروبات، ثم متصلة بلا نظام كالإسفنج، ثم فيها بعض النظام الهندسي مثل نجمة البحر والقشريات، ثم السمك، ثم حيوان اليابسة من برمائيات وزواحف، وأخيرا نرى في رأس التطور الطيور واللبونات.
فإذا صح أننا والطبيعة نتفق في النظر، وجب علينا أن نرى الجمال في أرقى أحيائها ونراه في أدون درجاته في أدنى أحيائها أو حتى في جمادها، وهذا هو الواقع الذي نحس به، فأقل المناظر جمالا بل أكثرها قبحا هو منظر الطبيعة الجرداء الخالية من أمارات الحياة؛ أي: منظر الجماد.
Bilinmeyen sayfa
ولكننا نحس بشيء من الجمال إذا رأينا صورة للأعشاب والنبات، ويزداد هذا الإحساس إذا رأينا حيوانا.
ولكننا نتدرج في استجمال الحيوان، فليس منا من يقول: إن صورة الإسفنج جميلة تساوي الجمال الذي نحس به عندما نرى صورة سمكة، وصورة السمكة دون صورة الفرس أو الطاووس.
وخلاصة القول أن الحياة أجمل من الجماد، والحيوان أجمل من النبات، وأرقى الحيوان وهو الإنسان أجملها أيضا، فنحن نصنع التماثيل للإنسان حبا في جماله، وقلما نصنع تمثالا لحيوان إلا إذا كان من أرقى اللبونات التي ننتمي إليها مثل الفرس أو الكلب أو الأسد.
وقد يعترض علينا بأننا أحيانا نحب الجماد ونستجمله، كما يحدث لنا عندما نرى السحاب وقت الشفق أو عندما نصنع ثعبانا من البلور أو عندما نتزين بفصوص اللؤلؤ والماس والياقوت، وهذا صحيح، ولكن لو أن هذه الأشياء كانت حية لزاد استجمالنا لها، وهل يمكنك أن تتصور الشفق حيوانا به روح الحيوان وفيه سر الحياة، أو هل يمكنك أن تكسب هذا الثعبان من البلور أو فصوص الجواهر بالحياة دون أن تقول: إنه ليس في العالم أجمل منها؟ فهذه الأشياء جميلة وهي جامدة، ولكنها كانت أجمل جدا لو كانت حية.
ولكن ما الذي يجعلنا نقول: إن هذا الشيء جميل وذاك الآخر غير جميل؟
إن هذا الذي يجعلنا نقدر الجمال ونتوخاه ونحبه هو شيء آخر غير هذا العقل الذي يوازن ويقابل ويبرهن ويعرف الأسباب والنتائج، فنحن نفهم الجمال بشيء آخر نسميه «البصيرة»، وهذه البصيرة هي نفسها تلك التي نفهم بها الدين، وهي التي تحملنا أحيانا كثيرة على التصوف، وهي تلك التي تحملنا على الحب، والرغبة في الخير والشجاعة، والأريحية والتضحية، فالعقل وحده لا يعرف سوى الفائدة المادية المحسوسة، ولكن البصيرة تناقض العقل أحيانا وتطالبنا بأن نضحي بذواتنا، بينما العقل يدعونا إلى الفرار والنجاة.
ولنضرب مثلا بالموسيقى، فنحن لا نفهم الأنغام والألحان بعقولنا، وإنما ندركها ببصيرتنا، والأغلب أن هذه البصيرة أقدم في النفس البشرية من العقل، بدليل أننا نجد من الحيوان ما يلذ له سماع الموسيقى، وهذه الموسيقى تحدث في نفوسنا من الطرب ما لا نستطيع أن نقول إنه معقول، ولو أننا اجتمعنا عشرة أو عشرين نفسا نسمع أحد الألحان، فرأينا بعضا منا يستطيره الطرب أكثر من الآخرين، لما قلنا إن هذا البعض أذكى من الآخرين، وإنما نقول: إنه أبصر بالموسيقى، والذكاء من صفات العقل، ولكن الطرب من صفات البصيرة، فالشهيد يتقدم للنار وهو في طرب الاستشهاد، والمحب يعانق حبيبته وهو في طرب الحب، كما أن الوطني يتقدم للدفاع عن وطنه وهو في طرب الشجاعة الوطنية، ونحن نقف أمام الصورة الجميلة ونحن في طرب كأنه السحر والبصيرة ألصق بالحياة وأعرف بغاياتها من العقل، ولذلك فنحن نجزم بأن الشجاعة والحب وتوخي الجمال غايات ملهمة ترسمها لنا البصيرة، ولكن العقل يخدمها بالعلم، كرجل الفن يتوخى الجمال ولكنه يتوسل إليه بالصنعة، فالعقل يصنع الآلة الموسيقية، ولكن اللحن من شأن البصيرة، والعقل يدبر الألوان والأصباغ ويدرس كيمياءهما للصورة، ولكن البصيرة تكشف لنا سر الجمال فيها.
فالفن للبصيرة والإلهام، والصنعة للعقل والعلم، وكلاهما ضروري للاتقان.
والفنون الجميلة هي الصلة بين الإنسان والطبيعة، ففي الطبيعة إيقاع نرى مثله في الموسيقى والشعر والرقص، وصور الطبيعة وأشباحها من حيوان ونبات وجماد نرى مثلها في فني النحت والرسم.
ولكن رجل الفن لا يقتصر على محاكاة الطبيعة، بل هو يتجاوز حقيقتها إلى خياله ويتسامى بها إلى أرفع ما تلهمه إليه بصيرته، وليس شك في أن الفنون قامت في الأصل على المحاكاة، وكانت تقنع بذلك، كما أن الطفل إذا أراد أن يرسم أو يصنع تمثالا من الطين لا يتجاوز الحقيقة.
Bilinmeyen sayfa
ولكن من الرؤية تنشأ الرؤيا؛ أي من الحقيقة ينزع رجل الفن إلى الخيال، وإذا كنا قد قلنا إن الفنون هي الصلة؛ أي الجسر، بين الإنسان والطبيعة، فهي أيضا الجسر بين الحقيقة والخيال.
ولكننا ونحن نجنح إلى الخيال نرتكز على الحقيقة، لأننا نحن من الطبيعة وهي منا، وإنما نحس ونحن على رأس التطور بمغزى هذا التطور، فنستكنه روحه ونتجاوز حاضره إلى مستقبله، فإذا لم تخطئنا بصيرتنا حططنا على الحقائق الخافية التي لم تتكشف عنها الطبيعة بعد.
ففي الطبيعة مثلا إيقاع يتضح في الجماد كما في تيارات البحر وأمواجه، وفي تعاقب الليل والنهار، وفي النبات؛ في غذائه وراحته ونموه ونضوجه، وهو أوضح في الحيوان حين يرقص ويغرد، ولكن رجل الفن يستكنه الروح في هذه المظاهر، فيخرج منها برؤيا الموسيقى والشعر والرقص، فهو مع تجاوزه الحقيقة يجعل أساسه فيها، كذلك المثال يرى البشر والحيوان أجساما مختلفة وهيئات متفاوتة فينظر من وراء هذه الأجسام والهيئات إلى الغاية التي يرمي إليها التطور، وإلى الروح التي وراء هذه المناظر، فينحت لنا من الحجر رجلا يمثل الشجاعة أو امرأة تمثل الحب.
فالفنون الجميلة في أدنى مراتبها محاكاة، وفي أعلاها تفسير ورؤيا والفنون الجميلة جميعها متجانسة، كما يتضح لنا من الألفاظ التي نستعملها، فالروي في الشعر هو الإيقاع في الموسيقى والرقص، وأحيانا يمكن الكاتب الناثر أن يرسم «صورة» قلمية لما هو بشأنه من الوصف، و«البيت» من الشعر يوهمنا أن الشاعر «يبني» الكلمات كأنه معماري، وهناك «موسيقى» الألوان، والراقص الماهر يرقص على اللحن الموسيقي.
وهذا التجانس يجعل الأديب؛ أي رجل الفن، محيطا بالفنون جميعها أو أكثرها أو واقفا على غاياتها، وإن كان جهله بالصنعة اللازمة لكل منها يعوقه عن ممارستها في غير الفن الذي يختص به، وصلة الاشتراك بين جميع الفنون هي وحدة الأصل فيها؛ أي تلك البصيرة التي تنفذ إلى ما وراء المظاهر في الطبيعة فتفسر وتتخيل وتتسامى بهذه المظاهر.
ولكن يجب ألا يفوتنا هنا أن نقول إن الفنون الجميلة مع أنها تنبع من معين واحد هو البصيرة فهي تبتعد أو تقترب من الذهن بنسبة متفاوتة، وأبعد الفنون عن الذهن هي الموسيقى، حتى إننا لا نحب ونحن نسمع لحنا جميلا أن يفسده علينا أحد بغناء يرافقه؛ لأن في الغناء من المعاني الذهنية ما نراه غير متفق مع اللحن الذي يخاطب بصيرتنا ويطربنا دون أن يطالبنا بتعليل ذهني، فإننا نقنع بتلك الأنغام تسري إلى نفوسنا فتجعلنا ننبض لها كأننا الصدى.
وأقرب الفنون إلى الذهن هو الشعر الذي تنطوي معانيه أحيانا على الحكمة تغذو العقل ويمكن المناقشة فيها، يليه بعد ذلك العمارة التي تتصل كثيرا بعلم الهندسة، ثم الرسم والنحت، ولكن يجب ألا ننسى أن الأساس الأصيل للفنون هو البصيرة، وأن أحب الفنون إلينا لهذا السبب وأطربها لأفئدتنا هو أبعدها عن الذهن نعني الموسيقى، وأن الكاتب الذي يستطيع أن يجعل من قصته أو نثره أو شعره أيا كان شيئا يشبه الموسيقى في الطرب، دون أن نجنح إلى الذهن، هو أقرب الكتاب إلى أن يجعل ما يمارسه فنا جميلا.
وللفنون عيوبها، فنحن نعرف مثلا أن الشعر قد يسقط أحيانا إلى أن يكون نظما، وإذا أردنا أن نعرف الفرق بين النظم والشعر أمكننا أن نقول: إن الأول يعتمد على الذهن، فهو معقول ولكنه غير جميل، والثاني يعتمد على البصيرة، فهو جميل ولكن لا يمكن أن يوصف بالعقل، فلو أن أحدا نظم قواعد الحساب أو قواعد النحو أو النظام الدستوري في قصيدة أو قصائد، لما استطعنا أن نقول: إنه كاذب، لأنه يعالج حقائق نعترف بها، ولكنا مع ذلك نقول: إنه نظام، لأنه يجنح إلى الذهن دون البصيرة، ويطلب الواقع دون الخيال، وينقل دون أن يفسر، ويقنع بالرؤية ولا يستطيع الرؤيا.
وأكبر عيوب الفن الأنانية، فالرجل الذي لا تسخو نفسه بالحب للعالم وكائناته لا يستطيع أن يرى جماله، فأنت لا تستطيع أن تصف امرأة جميلة، وتجيد الوصف، ما لم تكن تحبها، فالحب أساس الإحساس بالجمال، فنحن نستجمل الزهر والحيوان والإنسان والطبيعة الجامدة لأننا نحبها، وما لا نحبه نستبشع منظره، فالكاتب أو الشاعر أو الرسام أو المثال الذي تغمر نفسه الكراهة، وهو دائم الحقد على الناس، لا يمكنه أن يجيد فنا من الفنون الجميلة.
ومن عيوب الفن المحاكاة، فنحن لا نقنع من الرسام بأن ينقل لنا صورة فوتوغرافية، ولا من الموسيقى بأن يحاكي تغريد الطيور، وإنما نطلب من كل منهما أن يتجاوز ذلك إلى روح الطبيعة وينقلها لنا.
Bilinmeyen sayfa
وربما كان أكبر العيوب التي تعاب بها الفنون هو العرف الاجتماعي الذي يقضي على رجل الفن بأن يحد من بصيرته، ويكف خشية العقاب عن ممارسة أشياء تدعوه نفسه إلى ممارستها في الفنون، فقد حرم مثلا رجل الفن العربي من ممارسة النحت والرسم من الطبيعة الحية بحكم العرف الديني.
وهذا العرف قد تصنعه الهيئة الاجتماعية حين تلزم رجل الفن بأن يراعي الأخلاق ولا يتمادى في الحرية، فتمنعه مثلا من أن ينحت أو يرسم رجلا أو امرأة عارية، مع أن دواعي فنه قد تدعوه إلى ذلك، أو حين يضع الدين حدودا للفنون، فيحد بذلك بصيرة الأمة، كأن يحرم النحت أو الرسم، أو حين ينشأ بين أهل الفن نفسه عرف يحد من نزعة التجديد، كأن يرسم الرسام أو ينحت المثال على غرار من سبقوه فلا يبتدع وإنما يقنع بالجري على خطة السلف، والبدعة شرط أساسي للرقي سواء أكان ذلك في البصيرة أم العقل، في الفنون أو العلوم، وذلك لأن الجمود يناقض الطبيعة التي تدأب في الرقي والتطور، فإذا لم ينزع رجل الفن نزعتها ويرقى ويتطور ويبتدع فإنه يخالف أهم شروط الفن الصحيح، وهو استكناه روح الطبيعة وسبقها إلى مراميها.
ويمكننا أن نلخص هذا الفصل في الكلمات التالية على سبيل التذكير:
إن الجمال ذاتي؛ أي: في رأس رجل الفن وليس في الطبيعة.
إن الباعث الذي يبعثنا على ممارسة الفن أننا لا نجد في الطبيعة أو المواد التي حولنا مشتهانا من الجمال.
إننا والطبيعة نتفق في الغاية، فأرقى الأحياء في التطور هي أيضا أجملها في نظرنا.
إننا ندرك الجمال ببصيرتنا وليس بذهننا، فالجمال يطرب النفس ولو كان غير معقول.
الفن هو الصلة بين الإنسان والطبيعة، ولكن رجل الفن لا يقنع بنقل الطبيعة بل يتجاوزها إلى كنهها ومرماها، فهو يبني فنه على أساس من الواقع، ولكنه يتسامى به إلى الخيال، وهو في ذلك لا يناقض الطبيعة بل يسبقها إلى غايتها.
الفنون كلها متجانسة؛ لأنها تنبع من معين واحد هو البصيرة، وعلى ذلك يمكن أن نقول: إن أقربها إلى البصيرة وأبعدها عن الذهن هو أفضلها.
للفنون الجميلة عيوب كثيرة منها الجنوح إلى العقل دون البصيرة، ومنها الأنانية، ومنها المحاكاة، وأكثر هذه العيوب شيوعا هو العرف الذي يحد من حرية رجل الفن.
Bilinmeyen sayfa
الفصل الثاني
الجمال ومعاييره وحدوده
الجمال في أشكاله المختلفة لا يختلف فيه الناس إلا بمقدار تربيتهم الفنية التي تزيد البصيرة الطبيعية نورا وتورثهم هذا الذوق الذي نراه على أكمله في رجل الفن، فجميع البشر على السواء يتذوقون الجمال الساحر في الزهرة الزاهية، والشجرة النضرة، والوجه المشرق، ويجمعون على أن في الفرس رشاقة هي نقيض السماجة التي ترتسم على وجه الخنزير أو الكركدن، ولكن للوسط أثرا في تربية الذوق، فالزنجي والياباني والأوروبي والمصري كلهم يتفقون إجمالا على ماهية الوجه الجميل ولكنهم يختلفون تفصيلا، ولكن يجب ألا نبالغ في هذا الاختلاف لأن الواقع أن الزنجي يستجمل المرأة الجميلة كما كان ينحتها المثال الإغريقي قديما أو كما يرسمها الرسام الإنجليزي الآن كما نستجملها نحن، وذلك لأن الوسط الذي أثر في ملامح المرأة الزنجية لم يؤثر بعد في بصيرة الزنوج، ونحن المصريين نعرف أننا نستجمل الوجه الأوروبي الجميل كما يستجمله الأوروبيون بلا أدنى فرق، مع أننا في هيئة الوجه نختلف بعض الاختلاف، وعندما نتأمل صور الوجوه التي يرسمها رجل الفن الياباني يريد بها أن يصور الجمال، نراها قريبة الشبه جدا من الشكل الأوروبي، مع أن الوجه الياباني في حقيقته يختلف جد الاختلاف من الوجه الأوروبي.
إن للتربية والعرف والوسط بعض الأثر الذي لا ينكر في تكوين الذوق الفني، فالفتاة التي نشأت لا ترى من الرجال سوى الرجل الحليق، لا يمكنها أن تستجمل الشاب الملتحي إلا بعد تربية جديدة، والزنجي الذي لم ير قط في حياته امرأة بيضاء يشك، لأول ما يرى امرأة بيضاء، في سلامة صحتها، والفلاح يتزين بالألوان الزاهية الزاعقة بينما الرجل المهذب يقنع بالألوان الخفيفة، ولكن كل هذه تفاصيل لا قيمة لها أمام البصيرة التي يشترك فيها جميع الناس ويتفقون فيها على معنى الجمال في الشخص أو الصورة أو التمثال أو البناء.
ولكن الأمم تتفاوت في النزعة التي تنزعها نحو الجمال، فقد كانت النزعة السائدة عند المصريين القدماء هي الدين، فكان المثال إذا نحت تمثالا قصد منه إلى معنى الخلود والهدوء الديني، وكان الإغريق القدماء ينزعون إلى الجمال الذي عبدوه في أشخاص آلهتهم وأبطالهم وفي رياضتهم وألعابهم حتى صاروا لسائر الأمم أسوة وإيحاء، فليس هناك الآن أديب يخدم فنا من الفنون إلا ويستلهم الإغريق القدماء، بل الفلسفة الحديثة نفسها قد نحت هذا النحو، وهذا على خلاف الرومان الذين كانوا ينزعون نزعة عملية تتجه نحو الاستعمار وتشييد البناء، حتى عرفوا أشياء كثيرة عن الهندسة، فكانوا أشبه بالعلماء منهم بالأدباء، أما نزعتنا نحن الآن فهي النزعة الاقتصادية التي تجعلنا كلنا منهمكين في جمع المال والاستكثار من العقار.
وربما كان سؤالنا عن السعادة، ومن هو أسعد الناس، خير ما يدلنا على نزعة كل أمة من حيث الفن، فقد سأل الإغريق أنفسهم هذا السؤال، وأجابوا عن لسان أرسطوطاليس بأن الرجل السعيد يجب أن يكون جميلا، وذلك لأنهم قد انغمسوا في الفنون ولابسوها في معيشتهم ورياضتهم حتى صاروا يعتقدون باستحالة السعادة إذا لم تقرن إلى الجمال، وكانوا مع تقديرهم للفنون يرون أن الإنسان الحي يجب أن يمثل الجمال في شخصه، ولو وضعت مثل هذا السؤال للمصري القديم لأجابك أن الرجل السعيد هو الذي ترضى عنه الآلهة، بينما الروماني يرى السعادة في كثرة العبيد ووفرة المساكن، أما نحن فلا نكاد نتخيل السعادة إلا مقرونة بالثروة.
والفنون الجميلة تتأثر بالنزعات الأدبية، فهنا الرسم أو النحت التقريري، مثلما هناك القصة التقريرية التي تصف الأشياء والحوادث كما تقع، وهناك الرسم الخيالي الذي يقصد إلى المثل الأعلى كما أن هناك القصة الخيالية، وكذلك هناك الرسم التأثيري الذي ينقل الأثر الذي ينطبع في الذهن من المنظر دون الإحاطة بتفاصيل هذا المنظر، وقد نجد في الشعر والقصة مثل هذه النزعة، وهناك النزعات الطبيعية التي تنقل عن الطبيعة أو تنسخها، ولكن كل هذه النزعات في الأدب والفنون تنتهي حتما إلى أن تكون خيالية، فالأديب والرسام لا يقنعان بتقرير الأشياء على حالها، وإنما هما يرسمان الواقع ولو كان قبيحا لكي يتوسلا به إلى الخيال والمثل الأعلى، وإلا لو كان الواقع غاية، لقنع الرسام التقريري بأن يرسم لنا جسم الإنسان كما يرسم في كتب التشريح.
وكلمة أخرى نقولها قبل ختام هذا الفصل عن الفنون الجميلة، فإنها لاعتمادها على البصيرة دون العقل أو لاعتمادها على الأولى أكثر من الثاني، أو لأن البصيرة هي التي ترسم الغايات والعقل هو الذي يهيئ الوسائل، تتسم الفنون هذه بشيء من مسحة الخلود، فالأدب والفنون الجميلة خالدان لاعتمادهما على البصيرة، وذلك لأن هذه البصيرة قديمة في الإنسان ، بل ربما كانت في القرون البعيدة الماضية أقوى منها الآن، ومن هنا إعجابنا بفنون القدماء دون علومهم.
ويجب ألا ننسى هنا أن النزعة العقلية تكاد تناقض نزعة البصيرة، ومن هنا احتقار رجل العلم الذي يبني علومه على العقل للفنون الجميلة القائمة على البصيرة، وقد يصح أن نتساءل هنا: ما هو مصير الفنون في المستقبل إذا انبسطت العلوم وصارت السيطرة للعقل؟
الفصل الثالث
Bilinmeyen sayfa
عصر الانحطاط
يعتري الانحطاط الفنون الجميلة من جملة نواح، أولها المنع من الناحية الدينية، فقد كانت الفنون الجميلة تجد عند المصريين والإغريق من القدماء أسعد الفرص لأن تتجلى وتتمثل ذلك لأن للوثنية معابد فخمة وأصناما تزينها ورسوما تنقش على جدرانها.
ولكن لما فشا التوحيد عن اليهودية أولا ثم المسيحية ثم الإسلام، أخذ الموحدون يحاربون الوثنية ويهدمون الأصنام ويحرمون على الناس اقتناءها أو رسم الأشخاص، والهيئات الاجتماعية القديمة كانت هيئات ارستقراطية، تنحصر الثروة في الطبقة العالية وسائر الأمة تعيش في فقر، فلم يكن للفنون قدرة على أن تعيش ما لم تجد هذا العون من المعابد؛ لأن أفراد الأمة كانوا من الفاقة بحيث لا يستطيعون شراء التماثيل والصور، فلما ماتت الوثنية ماتت فنون الرسم والنحت والبناء، وذلك لأن البناء أيضا كان يقوم على المعابد، وهو شديد الالتصاق بفني النقش (الرسم والنحت)، وبتحريم هذين الفنين اعتراه هو الآخر بعض الانحطاط، والطبقة العالية في كل أمة هي أولى الطبقات التي تسيطر على الدين أو الدين يسيطر عليها، فيجب أن تتخذ مظاهره، ولذلك نجد أنها بعد أن كانت تحمي الفنون الجميلة في عهود الوثنية صارت تقاومها في عهود التوحيد المختلفة.
ولكن الأديان لم تؤثر في الفنون من هذه الناحية فقط، بل لها تأثير آخر، فمن المتفق عليه أن الفنون الجميلة تعد من الترف، ولكن الأديان ترمي جميعها باختلاف في الدرجة إلى التقشف والزهد وإساءة الظن بالترف، ومن هنا كان بعض سخطها على الفنون الجميلة.
وعصر الانحطاط في الفنون الجميلة يبتدئ في أوروبا من أول انتشار المسيحية إلى زمن النهضة، ومصر تابعة لأوروبا في هذا الانحطاط أيضا، فقد حطم المسيحيون الأصنام وهدموا المعابد في إيطاليا واليونان ومصر وسورية، ونشأ على هذه الحطامة فن بيزنطي منحط نرى للآن صوره في كنائس مصر والأستانة، ويتسم هذا الفن بأن العرف يأخذ من الرسام الاعتبار الأول، وأكثر الرسوم تعنى بالقديسين والعذراء والسيد المسيح.
وقد بنى المسيحيون الأول فنونهم على الآثار الوثنية القديمة على الرغم من كراهتهم لها واجتهادهم في تحطيمها ومحوها، فصورة العذراء وابنها ترجع إلى الصور المصرية القديمة التي كانت تمثل الربة العذراء إيسيس وابنها أوزوريس، وصورة القديس جرجس الذي يرى للآن نقشه على الجنيه الإنجليزي تمثل أسطورة ترجع إلى عهد انتشار الثقافة القديمة.
والرسوم البيزنطية تجري كما قلنا على العرف، فالرسامون يعنون بالهالة المنيرة حول الرأس أكثر مما يعنون بملامح الوجه وأعضاء الجسم، وللتذهيب مقام عندهم أكثر من مقام الألوان الطبيعية التي تعكس لون البشرة الإنسانية، أما الفنون عند الأمم الإسلامية في القرون الوسطى، ونعني هنا الزمن الواقع بين ظهور الإسلام والنهضة العربية الحديثة، فقد اقتصرت على فني البناء والزخارف، وذلك لأن النحت والرسم قد حرما تحريما باتا إلا عند الشيعة من الفرس، فإن رسم الوجوه عندهم لم يحرم، ولذلك فإن الزخارف الإسلامية اتخذت أشكالا هندسية ليس فيها صورة إنسان أو حيوان.
الفصل الرابع
الفنون الإسلامية
لما كان العرب في جزيرتهم لم يرحلوا عنها بعد إلى مصر والعراق وسورية عقب النهضة الإسلامية كانوا يجهلون الفنون الجميلة شأن البدو في كل مكان، فلما اختلطوا بالأمم المتحضرة في هذه الأقطار نقلوا عنها فنونها الشائعة بعد أن حذفوا منها ما لا يتفق وروح الإسلام، وصبغوا سائرها بالصبغة الإسلامية، ولذلك فالفنون الإسلامية هي في الواقع فنون مصرية أو عراقية أو هندية أو فارسية، ونحن في مصر نعرف أن الكنائس القبطية القديمة كانت تزين بالمشربية والفسيفساء، وكلتاهما نراهما بعد ذلك في المباني الإسلامية.
Bilinmeyen sayfa
وقد نزع الإسلام نزعة توحيدية، وجعل للتوحيد المقام الأول في الإيمان، فتأثرت الفنون من هذه الناحية بحذف كل ما يختص برسم الإنسان أو الحيوان أو نحت تماثيلهما، وذلك لأن الصور والتماثيل تومئ إلى الأوثان التي يخشى على التوحيد منها، ولكننا نجد أمتين إسلاميتين هما: الفرس، ومصر (مدة الفاطميين) تسامحتا بعض التسامح في الرسم والنحت حتى كانت ترى قي قصور الفاطميين مناظر الرقص والصيد والغزلان، وكانت كتب الفرس وقصورهم تزين أيضا بصور الحيوان والنبات، ولكن هذا لا يطعن فيما نثبته من معارضة الإسلام لهذين الفنين، بل هو أجدر بأن يؤيد ما قلناه، وذلك لأن فارس ليست سنية، وكذلك مصر أيام الفاطميين كانت شيعية، والتشيع نوع من الانشقاق عن الإسلام وخروج على جمهور المسلمين، فاتفاق مصر في ذلك العهد مع الفرس وتسامحهما في الرسم والنحت للحيوان والنبات يدلان على صحة قولنا، ومما هو جدير بالذكر أننا لا نرى بين المسلمين في سورية أو شمال إفريقية ما يدل على أن رسم الحيوان أو الإنسان أو نحت التماثيل لهما كان يرخص فيهما لأحد.
ولما وجد رجال الفن المسلمون أن الدين يعارض النزعة الفنية في الرسم والنحت عمدوا إلى تصوير الجمال عن طريق الذهن لا عن طريق البصيرة، فجعلوا فنونهم ذهنية، ولذلك فإنهم بالغوا في إتقان الصنعة مع إهمال الفن، إلا حيث يميل الفن بطبيعته لأن يكون ذهنيا كما نرى مثلا في البناء، فإنهم أقاموا عددا كبيرا من المباني الفخمة، وكذلك في الشعر ألفوا القصائد الرائعة، ولكنهم أتقنوا الصنعة هنا دون الفن، فإن لهم القصائد ولكن ليست لهم الدراما أو الملحمة.
والفنون الإسلامية على وجه العموم هي فنون الذهن، تنقصها البصيرة والرؤيا والخيال، وهي تميل إلى إتقان الصنعة مع تناسي الغاية من الفن، ولذلك فإن مقامها لم يكن عظيما عند المسلمين، حتى إننا قلما نجد اسم الصانع مدونا بجانب أحد النقوش أو حتى العمارات، وإهمال اسمه يدل على الاحتقار الذي كان يضمره له مستخدموه.
وقد سار فن الرسم الإسلامي في ثلاثة اتجاهات: (1)
الزخارف الهندسية المتقابلة من أقواس وخطوط تتقابل فترتاح العين إلى شكلها الهندسي. (2)
الزخارف التي تعود في الأصل إلى «باعث» من رسم حيوان أو نبات يعمد الرسام إليه فيطيل في بعض أعضائه أو يفرطحها أو يشرشرها حتى يخفي أصله ثم يجعله يتقابل مع شكل آخر لا يختلف معه، فيحصل على شكل هندسي يمتاز من الزخارف الهندسية المحضة بما فيه من هذا «الباعث» الذي يزيد حلاوته في العين. (3)
لما رأى المسلمون ضيق الميدان الذي يمكنهم أن يستخدموا فيه مواهبهم الفنية اضطروا إلى أن يجعلوا من الخط العربي فنا، فزينوه وزخرفوه حتى صار له جمال خاص.
وأقدم الآثار العربية في مصر هو جامع عمرو، ولكن الإصلاحات المتكررة قد تعاورته حتى لا يمكن الآن أن يقال إن به شيئا من أيام عمرو، ولذلك لا يمكننا أن نستشهد به على تطور الفن المعماري الإسلامي، ولكن يمكن أن يقال بلا خوف كبير من الخطأ: إن العصر الذهبي الأول لهذا الفن هو عصر الفاطميين الذين ذكرنا جرأتهم في تزيين قصورهم برسوم الحيوان، ويلي الفاطميين الأيوبيون، ولكن هؤلاء لا يبلغون ما بلغه المماليك بعدهم، ففي أيام الصناعات فشت العمارات والمساجد العظيمة في القاهرة وراجت الصناعات وظهر المقرنص الذي يرى فوق أبواب المساجد، و«الباعث» لهذا المقرنص هو القناديل لأنها تمثل قناديل مدلاة قد مسح عليها العرف مسحة هندسية كما هو الشأن في الفنون الإسلامية.
الفصل الخامس
أصل الرسم الحديث: مدرسة فلورنسا
Bilinmeyen sayfa
جوتو. تشني. أوركينا. انجليكو. لبي. بوتيتشلي. تشيمابو
بقي الرسم مدة العصور المظلمة يجري على عرف الكنيسة وتتغلب عليه طريقة بيزنطية، هذه الطريقة التي ما زلنا نراها في الكنائس القبطية في مصر حيث تتشابه الوجوه وتجمد الأجسام ويحيط بها كلها هالة القداسة، وترسم الصورة الصورة على فرش مذهب فلا يمكنك أن تميز من النظر إلى الوجوه اختلافا في العاطفة أو الأخلاق.
وقد كان الدين أساس الحياة في القرون الوسطى ولذلك فإنه جمع من ناحية بين فلسفة الإغريق واللاهوت، كما جمع أيضا بين النظر الديني والفنون، وكما استعمل كتاب الكنيسة فلاسفة أفلاطون وأرسطوطاليس للدفاع عن الدين، كذلك استعملوا الرسم لخدمة الدين، فكانت موضوعات الرسام لا تخرج عن رسم الملائكة والعذراء والمسيح والقديسين، وكان العرف هو القاعدة التي يجب على الرسام ألا يتخطاها، وكان الرسام إذا أراد أن يرسم المسيح صوره في هيئة طفل ساذج جميل الوجه باسم المحيا، أو ربما صوره شيخا في هيئة قاض كبير، أما العذراء فكان هم الرسام أن يبعد عنها ما استطاع تلك اللوثة الإنسانية لكي يجعلها أشبه بالملائكة منها بالناس، ولذلك فإنك لا تحس منها بعاطفة الأمومة، وفي كلتا الحالتين يحاط المسيح والعذراء بهالة القداسة التي تخرجهما من صف الآدميين.
ولكن في القرن الثالث عشر نرى بذرة النهضة الأوروبية في آراء «روجر بيكون» الذي يدعو إلى ترك التقاليد ووضع العقل فوق النقل، وأيضا في طريقة الرسم الجديدة في إيطاليا حيث شرع الناس يفهمون من المسيحية أنها ديانة الحب، وأكسب هذا الاعتقاد الجديد صورة إنسانية للعذراء تمثل الحب بالأمومة.
ولعل أول من مسح هذه المسحة على الدين هو القديس فرانسيس، فإنه جمع بين حب الطبيعة والإيمان بالدين، فكان يخاطب الطبيعة ويتآخى مع الطير والسمك ويطرب في لذة الاجتماع بالخليقة والاشتراك معها في طرب الصوفية، فنقل الدين بذلك من جمود القاعدة وضيق العرف الكنسي إلى رحابة الطبيعة وما فيها من ألوان مختلفة.
وأول من نقح في الطريقة البيزنطية هو «جوني تشني» وهو رجل فلورنسي ولد سنة 1240 ومات سنة 1302، وهو ما يزال في رسومه يتبع على وجه الإجمال قواعد بيزنطية ولكنه يمسح على رسومه مسحة إنسانية جديدة فيها معاني العطف والحب، وقد كلف بأن يزين الكنيسة التي دفن فيها القديس فرانسيس برسومه، فكان هذا القديس بصوفيته إلهاما له يبعثه على اتخاذ البدعة بدلا من التقليد في الفنون، ومما يذكر أيضا أن تلميذه «جوتو» كان من عظماء رجال النهضة.
ويمكن مؤرخ النهضة الفنية أن يبدأ بجوتو فهو الفاصل الحقيقي بين النهضة وبين تقاليد بيزنطية، وكان جوتو في صباه راعيا يرعى الغنم، وحدث ذات مرة أن رآه تشني وهو قاعد يرسم فأعجبه رسمه وطلب من أبيه أن يأذن للصبي بمرافقته لكي يتتلمذ له فأذن الأب.
ولما كلف تشني بتزيين كنيسة القديس فرانسيس خص جوتو ببعض الرسوم التي تمثل حياة القديس ، وهنا ظهرت عبقرية التلميذ حتى تفوق على معلمه؛ إذ إنه أبدى كما يقول رسكين: «خروجا على التقاليد والعرف والمثل الأعلى» وعمد إلى الطبيعة ينقل عنها.
وقصد إلى روما وهناك كلف أيضا بتزيين بعض الكنائس، فرسم صورة «البكاء على القديس فرانسيس» وأيضا صورة «عيد ميلاد هيرودس»، ونعرف بعد ذلك أنه ذهب حوالي سنة 1306 إلى «بدوا» لأن المعروف أن دانتي الشاعر كان هناك في ذلك الوقت، وكان يوعز إلى الرسام برسم واختيار بعض الموضوعات، وهذا يدلنا على مكانة جوتو الذي كان يعرفه بترارك أيضا ويصادقه.
ومن المفيد أن نقابل بين رسم تشني «العذراء وابنها» ورسم جوتو «البكاء على القديس فرانسيس» لكي نعرف الفرق بين العهدين أو بين المعلم والتلميذ، فما زالت على صورة تشني المسحة البيزنطية: هالات من نور حول الرءوس وفرش مذهب للصورة، ولكن التنقيح في القواعد البيزنطية واضح من المسحة الإنسانية التي على الوجوه، أما صورة القديس فرانسيس والرجال الذين حوله يبكونه فليس فيها شيء من قواعد بيزنطة، وإنما كل ما يعاب عليها النقص في الصنعة أي في الأبعاد ودقة التصوير ونحو ذلك، وليس هذا غريبا إن اعتبرنا أن جوتو قد شرع في محاولة جريئة ففيه النقائص التي تلازم كل مبتدئ، فهو أول من ترك موضوع القداسة الجامدة إلى نشاط الطبيعة فصار يرسم الحقول والأشجار والحيوان والإنسان.
Bilinmeyen sayfa
وقد كان جوتو مع عبقريته في الرسم معماريا عظيما بنى البرج المعروف الآن باسمه في فلورنسا، ولما عاد إلى هذه المدينة التي هي مدينته الأصلية لقي الترحيب والإكرام من أهلها سنة 1334 وتعين هناك مديرا للأعمال في الكاتدرائية الكبرى، وبقي هناك يعمل في الرسم والعمارة إلى أن مات سنة 1337.
ومن الفلورنسيين الذين انتفعوا بالطريقة الجديدة التي وضعها جوتو نجد «أوركنيا» صاحب صورة «تتويج العذراء» وهو مع لزومه السذاجة الطبيعية لم يبلغ مبلغ جوتو في تصوير نشاط الطبيعة.
وهذه النزعة نحو الطبيعة التي أوجدها جوتو في المدرسة الفلورنسية تفرعت فرعين: أحدهما نفسي، والآخر جسمي، فرجال الفرع الأول اتجهوا نحو اتقان التصوير للعاطفة القوية العميقة مع الحركة والعمل، بينما رجال الفرع الثاني اتجهوا نحو تقرير الواقع مع التدقيق في رسم الأعضاء بحيث ينطبق الرسم على الحقيقة، واستطاع هؤلاء أن يتغلبوا على صعوبات الصنعة كتحقيق الأبعاد الخطية والهوائية ودرس التشريح للأجسام العارية في الكون والحركة وسائر التفاصيل الخاصة بالأحياء والجمادات لونا وشكلا، وبذلك أمكن الخروج من العرف والقواعد البيزنطية.
ويلي أوركنيا في النهضة الفلورنسية رجل راهب له شهرة لا تقل عن شهرة جوتو، وإن كانت عبقريته الفنية دونه وهذا الراهب هو «الأخ انجليكو» الذي ولد سنة 1387 ومات سنة 1455، وكان من رجال الفرع النفسي في التصوير، ولكنه كان مع ذلك يجيد رسم الجبال والأزهار والأشجار، حتى ليظن الإنسان أن هذا هو موضوعه الأصلي الذي خص فنه فيه، ولكن الحقيقة أن انجليكو لم يرسم هذه الأشياء إلا لأنها وسطه الذي عاش فيه معظم حياته إذ قضى في قرية كارتونا وقرية فيوسول خمسين سنة، فلم يختلط بالمدن الكبرى مثل فلورنسا أو روما إلا بعد ذلك، ولكن هواه وبراعته يتجهان نحو تصوير الحالات النفسية، فقد كتب عنه فارساي يقول: «إن ملائكته التي يرسمها تبدو كأنها كائنات من الفردوس»، وذلك للخيال الذهني الذي قاده إلى تصويرها، وهذا الخيال كان يخالف الطبيعة.
وقال عنه موتهور: «إن رسومه التي يصور فيها الاستشهاد توهمك بأنه يرسم صبيانا أو شبانا قد اتخذوا هيئة الشهداء والجلادين، أما رجاله الملتحون فيبكون بكاء النساء، ولذلك فهو لا يقنعك بأنه يصور لك الحقيقة، ولكنه عندما يلزم موضوعه الخاص به، وعندما ينقل إليك رقة الشعور أو الفرح العظيم الصامت للقلب أو الحزن الرقيق أو الطرب الديني، فإن لصوره تأثير الصلاة الصامتة للطفل».
وصورته «البشارة» التي تمثل الملك وهو يبشر العذراء بالمولود تدل على صدق ما قاله موتهور، فهم الرسام هنا أن ينقل إليك صورة التقوى والدين أكثر مما يريد أن يدقق في رسم الأشخاص.
ومن رجال ذلك العصر أيضا «الأخ لبي» ولا بد أن القارئ يقف هنا متأملا هؤلاء الرهبان الذين انسلخوا من الرهبانية إلى الفنون، ولكنه إذا عرف أننا نتكلم عن عصر النهضة التي ليست شيئا آخر سوى الخروج من التقاليد الدينية إلى الدرس البكر في مسائل الحياة والطبيعة، وإذا عرف أن الثقافة والفنون كانت مدة القرون الوسطى خاضعة للرهبان مصبوغة بالدين حين كانت الأديار مثوى الآداب، لم يتعجب بعد ذلك من أن تكون بداية النهضة في الفنون على أيدي بعض الرهبان، ولكن هؤلاء الرهبان كانوا خارجين على تقاليد الكنيسة وإن لم يشعروا بذلك، لأن روح الزمن كانت قد انضجت العقول، وهيأتها للثورة والخروج.
و«لبي» هذا يمتاز عن «انجليكو» بأن العذارى عنده أشبه ببنات فلورنسا منهن ببنات السماء، فهو يفهم الجمال النسائي كما هو في طبيعته، ويجيد رسم الأزهار كما تدل على ذلك صورته «البشارة».
ويمثل «لبي» الروح العلمية في الرسم، فقد درس الأبعاد درسا دقيقا ورسم معركة حربية لأول مرة في تاريخ النهضة، ولم يحاول أحد بعده رسم معركة حربية إلا بعد مضي قرن كامل على وفاته، ورسم هذه المعركة يدل على ميل رجال الفن في ذلك الوقت إلى الانفصال من الدين، وقد ولد «لبي» سنة 1406 ومات سنة 1469.
وفي سنة 1447 ولد «بوتيتشلي» الذي مات سنة 1535 وفي عصره تم الانفصال بين الدين والفن، فقد كانت الكنيسة راعية الفنون مدة القرون الوسطى وفي بداية النهضة، فكان الرسامون والمعماريون يعملون لها، ولكن القرن الخامس عشر كان يتسم بالتجديد، وظهر فيه رعاة آخرون للفنون غير الكنيسة.
Bilinmeyen sayfa
وكان هؤلاء الرعاة لا يبالون بالدين، ولا يكلفون الرسامين لزوم القصص التورائية أو الإنجيلية، ولذلك فإننا نجد بوتيتشلي يرسم صورا تمثل القصص الإغريقية القديمة مثل صورته «الربيع» حيث ترى في الوسط «الزهرة» ربة الحب تنتظر قدوم الربيع يحوم فوقها «قوبيد» الربيب الصغير الذي يقنص القلوب ويوقعها في شباك الغرام، وعلى يمينها الفتيات الثلاث وعطارد رسول الآلهة، وعلى يسارها يتقدم الربيع تدفعه إلى الأمام بلطف «فلورا» ربة الزهر ويحذوه «زفير» الذي يمثل النسيم، وأينما تطأ قدماها تظهر الأزهار، وهذه صورة تدل على الجراءة التي اتسم بها ذلك الزمن، لأنها لو ظهرت في القرون الوسطى لعوقب صاحبها واتلفت لإحتوائها على آلهة وقصص وثنية.
وقد تعلم «بوتيتشلي» على يدي «لبي» وكان متأثرا به يتبع طريقته إلى أن ترك «لبي» مدينة فلورنسا في مهمة، فلما انفرد «بوتيتشلي» ترك لعبقريته العنان في التأليف فصار يرسم الناس كما يراهم، ولا يمسح عليهم مسحة التواضع الديني.
ولما ذاعت شهرته في فلورنسا استدعاه البابا إلى رومية حيث رسم فصولا من تاريخ موسى، وبعد سنتين عاد إلى فلورنسا، وهناك وجد «سافونا رولا»، وهو رجل كان متحمسا للدين وعمد إلى الكتب فأحرقها، وتأثر بأقواله بعض الرسامين حتى أتلفوا ما رسموه من الأوثان والآلهة، وهذا يدل على أن الصراع بين الدين والنهضة كان ما يزال قائما، ولكن الجمهور الذي كان «سافونا رولا» يحمسه إلى الدين عاد فانقلب عليه وأحرقه هو نفسه.
ورأى «بوتيتشلي» هذه الحوادث في مدينته فحزن، وخصوصا عندما رأى أن الأسرة التي كانت ترعاه قد انهزمت ونفيت من المدينة، وهي أسرة مديتشي، بل حين رأى أخاه يتلف رسومه السابقة بيده للإشارات الوثنية التي فيها.
وممن يذكرون أيضا في عصر هذه النهضة تشيمابو الذي ولد سنة 1240 ومات سنة 1302 وأحسن رسومه صورة العذراء وابنها.
الفصل السادس
الرسم بالزيت: المدرسة الفلمنكية
فان ايك. مملنك. ماسيس. مابوز
لا نعرف كيف نشأ الفن في إقليم الفلمنك، وكيف كان في طفولته وحداثته، فإننا نجده لأول ما نجده راقيا مبتدعا يجري على أسلوب تقريري يراعي الدقة في تصوير الحقائق دون تزيين أو زخرفة.
وقد كان الرسم الشائع في أوروبا الغربية إلى نهاية القرن الثالث عشر، مثل العمارة الشائعة أيضا في ذلك الوقت وبعده، قوطيا، ما زلنا نراه في أوراق اللعب حيث ترى صور الملوك والملكات، وهذا الرسم القوطي لا علاقة له بتاتا برسم الإيطاليين من مدرسة فلورنسا، ولذلك فإن فضل المدرسة الفلمنكية وانتقالها من هذا الرسم القوطي إلى الرسوم المتقنة التي أدتها عظيم جدا.
Bilinmeyen sayfa
ويجب عند المقابلة بين المدرسة الفلمنكية والمدرسة الفلورنسية أن نميز بين الأساس الذي قامت عليه كل منهما، فأساس الأولى هو الفن القوطي، وأساس الثانية هو فن الكنيسة أي الفن البيزنطي، ولذلك فإن الفلورنسيين لزموا إلى حد ما الموضوعات الدينية، وكان معظم رسومهم على جدران الكنائس، أما الفلمنكيون فإنهم خرجوا بالفن من حظيرة التقاليد الدينية إلى رسم أشخاص الأغنياء وتصور الأثاث، وهناك سبب آخر ساعد على بلوغ هذه النتيجة، وهو أن الكنائس في إيطاليا لا يخيم الظلام على جدرانها لأن الجو في أغلب أوقاته في صحو ونور، ولذلك فإن الرسم على الجدران يمكن رؤيته وتقديره، ولكن الغيوم تتغلب في المناخ الشمالي، فلا يكون للرسوم التي ترسم على الجدران الداخلية في هولندا أو ألمانيا تلك القيمة أو ذلك الجمال الذي نجده لها في إيطاليا أو إسبانيا، ولهذا السبب اتجهت جهود الفنيين في الشمال إلى تزيين زجاج النوافذ بدلا من تزيين الجدران، لأن الزجاج يسطع عليه الضوء مهما ضعف فيبدي ما فيه من رسوم.
وقد اشتهر في المدرسة الفلمنكية رجلان شقيقان، هما: هوبرت فان ايك، وجان فان ايك، وفضلهما لا يقتصر على استحداث الرسوم التي لا علاقة لها بالموضوعات الدينية، بل يتناول أيضا طريقة الرسم بالزيت التي اخترعها أحدهما وزاولها كلاهما، فإن الرسم كان قبل ذلك يعتمد على الماء والأصباغ، وكان الرسم يستعين أحيانا وهو يجبل أصباغه بمح البيض، ولكن هذين الشقيقين استعملا الزيت الحار وزيت الجوز في جبل الأصباغ، وشاعت عنهما هذه الطريقة، وتقدم فن الرسم بهذه البدعة خطوات إلى الأمام.
ولا يعرف إلا القليل عن تاريخ هذين الشقيقين، وهذا بخلاف الرسامين في إيطاليا، ولكن فسارى كتب تاريخهم مع تفاصيل حياة كل منهم، وكان هو نفسه رساما في القرن السادس عشر.
والمعروف أن «هوبرت» ولد سنة 1365 في قرية قريبة من كولونيا، والظاهر أنه تعلم في هذه المدينة، فلما بلغ سن الشباب تركها إلى مدن الفلمنك حيث كانت «غنت» و«بروج» قد أحرزتا شأنا في الرخاء والتجارة، وفي غنت أدى هو وأخوه ذلك الرسم العظيم الذي يسمى «عبادة الحمل»، وهو من الرسوم الكبيرة، ولا تقل مساحته عن ألف قدم، أما شقيقه «جان» فأصغر منه بعشرين سنة، إذ ولد سنة 1385، وهو أدق في الصنعة وأعمق بصيرة في الفن وأبعد شهرة، وقد اشتغل بالسياسة ورحل إلى إسبانيا وبرتغال في خدمة فيليب، وهو أول من اتبع الأسلوب التقريري، وابتدع تصوير الأشخاص، وكان إذا رسم شخصا لم يترك في وجهه أو جسمه أي علامة أو قبح حتى ينقله، كما ترى رسمه «الرجل الحامل للقرنفل»، وهذه روح غريبة لا تدل على الرغبة في تصوير الحقيقة وكراهة المبالغة والتزيين فقط، بل تدل أيضا على أن الهيئة الاجتماعية التي عاشت في ذلك العصر كانت سليمة من الزهو والغرور قانعة بالواقع، والفن ظاهرة من ظواهر الاجتماع، فإذا كان هذا الاجتماع مختلا لم يسلم الفن من الخلل، وتجد في هذه الصورة دقة عجيبة في نقل الصغائر والتفاصيل حتى عروق اليد وأسارير الوجه واضحة، ومن ينظر إلى الصورة وقد افتر الثغر يكاد ينتظر منها أن تخاطبه.
ولجان فان ايك صورة أخرى عن زوجين من الطبقة المثرية تمثلان عنايته بنقل الأثاث وتفاصيل الملابس مما يجعل لها قيمة تاريخية زيادة عما لها من القيمة الفنية، وهذان الزوجان هما: «جان أرنولفيني وزوجته»، بل بلغت عنايته حدا عجيبا في نقل ظل الزوجة في المرآة المستديرة التي بالوسط.
ويلي هذين الشقيقين في الشهرة «هانز مملنك» الذي ولد حوالي سنة 1430 ومات سنة 1494، ولا نعرف تفاصيل حياته على وجه التحقيق، وإنما الأرجح أنه تعلم في كولونيا ثم قضى سائر حياته في بروج حيث كان يملك دارا وعقارات أتاحت له العيش في رخاء، وقد زين مستشفى سان جون في بروج بطائفة من رسومه.
وفي تزيين المستشفى في بروج في إقليم الفلمنك ما يجعلنا نلمح شيئا من هذه الروح الشمالية التي تختلف عن روح الجنوب في إيطاليا مثلا حيث نجد آثار الرسامين في الكنائس.
ولم يكن مملنك خلوا من الروح الدينية فإن أحسن آثاره في الفن ما رسمه من الصور عن حياة القديسة «اورسولا»، ولكن العناية بالمستشفيات وتزيينها في القرن الخامس عشر يعد بدعة تدل على روح الزمن وترينا أن الشماليين أدركوا في ذلك الوقت أن البر لا يقتصر على الأعمال الدينية بل يتجاوزها إلى الأعمال المدنية.
وأحسن ما تركه «مملنك» هو صورة الدوق كليف، فهي تمثل جمال الشباب قد امتزج إلى راحة الإيمان، وهذه الصورة من النفائس التي يزدان بها الآن المتحف الوطني في لندن.
وحوالي هذا الزمن نجد أن الرسم قد انطلق تماما من التقاليد الدينية؛ لأن الحياة المدنية كان شأنها قد ارتفع، فظهرت طبقة من التجار والصيارفة وأصحاب المصانع لها من الجاه والثروة ما يجلب إليها ذلك الاحترام الذي كان مقصورا على رجال الدين أو على الأمراء والملوك، فنرى مثلا رساما مثل «كانتان ماسيس» الذي ولد سنة 1466 ومات سنة 1530 يعيش في انفرز، وينقل لنا صورة صيرفي مع زوجته، وقد اشتغل هو بعد النقود والتفتت هي إليه بعد أن كانت تقرأ في كتاب ديني مذهب، وقد بالغ الرسام في الدقة حتى رسم على المرآة المستديرة صورة نافذة مفتوحة.
Bilinmeyen sayfa
وبوفاة ماسيس يختم العصر الأول للمدرسة الفلمنكية، وهو عصر الاستقلال والابتعاد عن إيطاليا وتقاليدها البيزنطية الضعيفة، أما الرسامون الفلمنكيون بعده فقد تأثروا بإيطاليا مثل «مابوز» الذي ولد سنة 1472 ومات سنة 1535، فإنه أدخل الطريقة الإيطالية بعد أن زار إيطاليا وعرف هناك دافنشي، وأحسن ما خلقه من الرسوم صورة «مرجريت تودور» التي ترى للآن في ادنبرج في إسكوتلاندة.
الفصل السابع
نجوم النهضة
دافنشي. أنجلو. رفائيل
من يقرأ حياة دافنشي بتفاصيلها الصغيرة يمكنه أن يمثل في ذهنه تلك الاضطرابات الذهنية التي أصابت الناس في عصر الانتقال من القرون الوسطى إلى القرون الحديثة، نعني بذلك الزمن الذي عاش فيه دافنشي بين ميلاده سنة 1452 ووفاته سنة 1519.
ففي حياة دافنشي رأت أوروبا دخول الأتراك إلى القسطنطينية، وهزيمة المسيحيين أمام المسلمين، كما رأت اكتشاف أميركا، وفي كلتا الحادثين ما يدفع إلى التفكير، ووضع العقل فوق النقل، والرأي فوق العقيدة، والشك مكان اليقين.
ويمثل دافنشي عصره، لأنه عبقري أحاط في دراسته وهمومه الذهنية بطائفة كبيرة من العلوم والفنون كأنه كان يجوع إلى التجارب والمعارف، فكان رساما كما كان مثالا يصنع التماثيل، وكان عالما أدرك بذهنه أن جبال الألب كانت تحت الماء، وكان يدرس الرياضة درس الهوى والتعلق والشغف، وكان لا يكف عن التجارب الجديدة حتى صنع مرة طيارة، ولم يمنعه من الاستمرار في تتميم اختراعها إلا حماسة تلاميذه الذين خشي عليهم من اقتحام الهواء، وكان يخترع آلات الحرب وأدوات السلم، وكان موسيقيا ماهرا، ومع ذلك وضع أحسن كتاب في زمنه عن التشريح، قال عنه فسارى:
يحدث أحيانا أن السماء تهب أحد الأشخاص من الجمال والنعمة والقدرة بحيث أن كل ما يعمله يبلغ من الروعة الإلهية أن يسبق جميع ما يعمله سائر الناس، ويثبت بوضوح أن عبقريته إنما هي هبة من الله وليست اكتسابا بالحذق الإنساني، وقد رأى الناس هذا في ليوناردو دافنشي الذي لا يمكننا مهما فعلنا أن نبالغ في جماله الشخصي، والذي كان له من القدرة الخارقة ما كان يستطيع به أن يحل أية معضلة تعترضه.
ولم يبالغ فسارى في هذا الوصف فقد كان دافنشي موهوبا، يجمع إلى قوة جسمه التي كان يمكنه بها أن يلوي نعل الفرس بيده، جمال طلعته ورقة نفسه، حتى ذكر عنه أنه كان يشتري العصافير من التجار ثم يطلقها في الهواء.
وقد أرسله أبوه إلى المدرسة، ولكنه «كان يدرس عدة أشياء ثم يتركها»، ومع ذلك كان مع نزقه هذا يلزم شيئا لا يتركه وهو الرسم، فأخذه أبوه إلى الرسام «فروشيو» لكي يتتلمذ عنده، ويحكى أن فروشيو هذا كان يعمل في إتمام صورة كبيرة تمثل «يوحنا المعمدان» وهو يعمد المسيح، وكان قد كلف بعمل صورة أخرى، فاضطر للسرعة أن يكلف دافنشي بأن يرسم على الصورة أحد الملائكة، وقام دافنشي بهذا العمل، وكان الملك الذي رسمه خيرا من الملائكة التي رسمها أستاذه، فلما عاد فرشيو تعجب لهذه العبقرية التي تفجرت من هذا التلميذ، ولكنه في الوقت نفسه تأسف لأن تلميذا لم يدرب يجيد الرسم أكثر منه، ويقال إنه من ذلك الوقت لم يتناول الريشة وقصر نفسه على نحت التماثيل.
Bilinmeyen sayfa
وذاعت شهرة دافنشي بعد ذلك فطلبه الدوق سفورتسا لكي يكون في خدمته في ميلان، وهناك رسم الصورة المشهورة: «العشاء الأخير» الذي مثل فيه المسيح بين تلاميذه عندما أخبرهم بأن واحدا منهم سيخونه، وكان دافنشي لتشعب خواطره بين العلم والفن والرياضة يتباطأ في عمله، وكان يصنع هذه الصورة لأحد الأديار القريبة من ميلان فلما أبطأ شكاه رئيس الدير إلى الدوق، وأرسل هذا إلى دافنشي يلومه على تباطئه، فأجابه دافنشي بخطاب جميل قال فيه:
بقي علي من الصورة رأسان لم أتمهما بعد، فإني أشعر بالعجز عن تصور الجمال السماوي الذي يتمثل في مولاي (المسيح)، والرأس الآخر الذي يجعلني أفكر هو رأس يهوذا الخائن، فإني أعتقد أني لن أتمكن من تصوير وجه هذا الرجل الذي استطاع أن ينطوي على نية الخيانة لمولاه بعد أن انتفع به كل هذا الانتفاع، ولكن رغبة في توفير الوقت، فإني لن أفكر كثيرا في هذا الرأس، بل أقنع بوضع رأس رئيس الدير، فهذا هو رأيي الذي لا أجد خيرا منه الآن.
وضحك الدوق من هذه الفكاهة الجميلة وطلب من رئيس الدير ألا يقلق دافنشي بعد ذلك بشكاويه وإلحاحه في السرعة.
ولدافنشي صورة أخرى أشهر من صورة «العشاء الأخير» هي صورة «موناليزة» المشهورة باسم «الجيوكندة» فقد قضى فيها ثلاث سنوات وهو لا يتمها، إما لأنه كان كل يوم يجد في هذه المرأة معنى جديدا يريد أن ينقله إلى اللوحة، وإما لأنه أحبها، فكان يتعلل بالتأخير لأنها كانت تأتيه كل يوم، وكان بالطبع يخشى إذا كملت الصورة أن يمنعها زوجها من الذهاب إلى مرسمه، ويبدو من تاريخه أن حبه لها كان عذريا.
وترك دافنشي الدوق وانضم إلى فرنسيس ملك فرنسا الذي أحبه واحترمه وحمله معه إلى فرنسا، وهناك مات، وكانت صورة «موناليزة» معه لم تفارقه، حتى إن الملك أراد أن يضعها في قصره، فرجاه دافنشي أن يتركها له حتى يموت، وهي الآن في متحف اللوفر في باريس، وقد ذكر فسارى أنه بلغ من عناية الملك فرنسيس بهذا الرسام أنه عندما سمع بمرضه زاره وحمل رأسه بين يديه، وكان دافنشي في غيبوبة، فلما أفاق ووجد الملك يعنى به ويحنو عليه تأثر ومات.
ويجدر بنا هنا قبل أن نتكلم عن النجمين الأخيرين أن نذكر واحدا عاصر الثلاثة وهو غرلندايو الذي ولد سنة 1449 ومات سنة 1494، وهو يمثل ديمقراطية الفن، فقد كان أولئك العظماء الثلاثة يرعاهم البابا أو الملك أو الأمير، أما هو فقد جعل مرسمه دكانه الصغير الذي كان يبيع منه إكليلا اخترعه وصار يصنعه لكي يضعه السيدات على رءوسهن، والروح المسيحية التي وضعت جمال النفس فوق جمال الجسم واضحة في رسومه، فهو يصور جمال النفس ولا يبالي بالجسم، وهذا يخالف المألوف عند الأمم القديمة أيام الوثنية، فإنها كانت تفهم الجمال في الجسم، وأحسن صور غرلندايو هي صورة «الجد وحفيده»، وأنف الجد قبيحة بل وجهه دميم، ولكن الناظر إليه يستشف جمالا في النفس في عاطفة الأبوة المرتسمة عليه وهو يحنو على حفيده الصغير، وله أيضا صورة جيوفانا ترنابيوني.
أما النجم الثاني فهو ميخائيل أنجلو الذي ولد سنة 1475 ومات سنة 1564، وهو يفوق دافنشي في الرسم والنحت، ولكن دافنشي يسمو عليه في الحكمة، وقد عاش دافنشي لذلك سعيدا أما أنجلو فقد كان يضيق بالناس وبنفسه.
وقد كان والده قاضيا وأراد أن يربي ابنه على أن ينشأ تاجرا، ولكن عبقرية الصبي أبت إلا الظهور والتفجر، واضطر أبوه أن يلحقه بمرسم غرلندايو وهو في الثالثة عشرة، ولكنه مال إلى النحت أكثر مما مال إلى الرسم.
وكانت أسرة مديتشي لها السيطرة والاسم في ذلك الوقت، وكان لورنتسو عميدها، فبسط عليه رعايته وعين له مرتبا وخصه بالتعليم في «مدرسة الحديقة» التي كانت قد أنشأها لتخريج المثالين.
وحوالي سنة 1490 اهتزت فلورنسا بذلك المدعو «سافونا رولا» فقد كان هذا الرجل راهبا رأى حواليه أمارات الانتقال من التقاليد الدينية إلى العصر الحديث عصر الشك، فكبر عليه ذلك وأخذ يدعو إلى كراهة العلوم والفنون، وكانت الكتب تجمع وتحرق علنا في ميادين فلورنسا، وكان كثيرون يهجرون أعمالهم لكي يدخلوا في الرهبانية، ورأى ميخائيل أنجلو ذلك فلم يتأثر به بالعكس عمد إلى الوثنية الإغريقية فصار ينقل عنها، وصار يصنع التماثيل الرائعة للآلهة «باخوس» و«ادونيس» و«قوبيد».
Bilinmeyen sayfa