220

يدعون بأن النبي كان يجتهد في الأحكام اذا عرضت عليه واقعة لم يوح اليه بحكمها قال الدكتور محمد يوسف : ان الرسول كان يجتهد في الحكم ثم يصدر رأيه ، وهنا لا يقره الله على هذا الرأي إلا إذا كان صوابا (1).

أما بعد وفاته فقد وقعت حوادث لم تكن في حياته ، واتسعت حياة المسلمين بسبب الغزوات واتصال المسلمين بالبلاد التي غزاها الاسلام ، فكان ولا بد من تضاعف الحاجة الى الفقه. وما تجددت الحاجة الى معرفة حكمه ، لم يكن باستطاعتهم ان يستخرجوا حكمه من نصوص الكتاب والسنة ، فكان الاجماع والقياس مرجعهما في مثل ذلك. ويرى ابن خلدون في مقدمته وغيره كما ذكرنا سابقا حدوث هذين الأصلين : الاجماع والقياس ، في عهد الصحابة.

وكانت الطريقة المتبعة في تحصيل الاجماع ، هي أن الخليفة إذا استشار جماعة من المسلمين في حكم وأشاروا فيه برأي أفتى به. وسمي هذا النوع من الاتفاق اجماعا (2)، وان لم يذكر المجمعون نصا عليه من كتاب او سنة. وفي كتاب عمر بن الخطاب الى شريح القاضي ، ما يدل على أن الاجماع كان اصلا من اصول الأحكام ، بعد كتاب الله وسنة نبيه ، كما يرويه عامر الشعبي عن شريح نفسه ، ان عمر كتب اليه : اذا أتاك أمر فاقض فيه بما في كتاب الله ، فإن أتاك ما ليس في كتاب الله ولم يسنه رسول الله (ص) ولم يتكلم فيه احد ، فان شئت أن تجتهد رأيك فتقدم.

Sayfa 220