İslam Filozoflarının Tarihi
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Türler
نشأ ابن خلدون في تونس وتلقى العلوم المعروفة في عصره، ثم ترك تونس فرارا من الوباء وسافر إلى هوارة، حيث نزل على صاحبها ابن عبدون فأكرم وفادته وأعانه على السفر إلى بلاد المغرب، وتنقل في بلاد كثيرة وهو لا يزال في مقتبل العمر، مثل ابن بطوطة، ثم استقدمه السلطان أبو عنان المريني صاحب تلمسان إلى فاس سنة 755ه وهو في مستهل العقد الثالث من عمره وقربه واستكتبه ورقاه، وقد كان في تقريبه وترقيته ما يدعو إلى حسده، فحسده أقرانه الذين لم يبلغوا شأوه، وسعوا فيه واتهموه بالتآمر على السلطان لاغتياله، فاعتقله وما زال معتقلا على طريقة الحلفاء في مستعمراتهم، حتى مات السلطان أبو عنان المريني صاحب تلمسان سنة 759ه، فأفرج عنه الوزير ابن عمر وخلع عليه وعوضه خيرا واحتفظ به.
واتفق أن السلطان أبا سالم المريني قدم من الأندلس يريد السفر إلى مكة، فاستعان بابن خلدون، لما بين ابن خلدون وبين شيوخ بني مرين من الإخلاص والمحبة، ففاز ودخل فاس وابن خلدون في ركابه سنة 760ه، فعينه كاتب السر، فأجاد ابن خلدون وبرع في أداء تلك الوظيفة التي أسندت إليه.
ولكن الخطيب ابن مرزوق تغلب بمكره ودسه على هوى السلطان، وسعى في ابن خلدون، فانقبض ابن خلدون وغيره من رجال الدولة وحنقوا وتغيروا على السلطان وانتقضوا عليه فمات، وعاد النفوذ إلى ابن خلدون بفضل الوزير عمر بن عبد الله، ثم أراد ابن خلدون السفر إلى الأندلس فمنعه الوزير ابن عمر، فوسط له من قبل الرجاء فأذن له فسافر إلى الأندلس سنة 764ه، وقصد «غرناطة» وسلطانها إذ ذاك أبو عبد الله من بني الأحمر، فاهتز السلطان لمقدمه وبالغ في إكرام وفادته، وأعد له دارا في أعلا قصوره.
وفي سنة 765ه رحل إلى «كاستيل» (قشتالة) وتقدم إلى حاكمها وتوسط في عقد الصلح بينه وبين ملوك «العدوة» بهدية فاخرة، فطلب منه صاحب «قشتالة» أن يقيم عنده فاعتذر، فأركبه بغلة فرهة بلجام من ذهب، فلما عاد ابن خلدون إلى «غرناطة» أهدى البغلة ولجامها إلى السلطان أبي عبد الله، فأنزله على الرحب والسعة وأقطعه بلدا وصيره بذلك من الأمراء الملتزمين، ولكن الإقطاع والترحيب لم يقعدا بهمة ابن خلدون عن الارتحال، فاشتاق إلى أهله وأصابه داء الحنين إلى الوطن (نوستالجيا)، وهو خلة كل أديب وشاعر ولبيب، فرحل إلى (بجاية) فلقيه سلطانها أبو عبد الله مرحبا، وتهافت عليه أهل البلد يقبلون يديه، فقلده السلطان أعمال دولته وأسند إليه رياسة حكومته، فخدمه بعلمه ونفوذه وقلمه مخلصا في ذلك الإخلاص كله، دأبه في سائر الأعمال التي أسندت إليه.
ولكن أبا العباس أمير (قسطينة) شهر الحرب على أبي عبد الله صاحب (بجاية) وملك بلده، واستبقى ابن خلدون وأكرمه، ثم كثرت السعايات والوشايات في حقه لدى أبي العباس ، فاستأذنه في الانصراف واستقال من منصبه، فأذن له وذهب ابن خلدون إلى قبائل العرب.
ثم كتب إليه أبو حمو صاحب (تلمسان) يستقدمه ليتولى الحجابة والعلامة (منصب كبير الأمناء)، فاعتذر إليه بأنه رغب في العلم عن السياسة، وأراد الخروج إلى الأندلس فاستأذن أبا حمو في ذلك فأذن له وحمله رسالة إلى ابن الأحمر، ولكنه عجز عن ركوب البحر، وعلم السلطان عبد العزيز المريني صاحب المغرب الأقصى خبره، وأن معه وديعة إلى سلطان الأندلس ، فاستقدمه وسأله ولم يجد الخبر صحيحا، فأكرمه واستبقاه عنده واستعانه على (بجاية).
ثم استقرت بابن خلدون النوى في (تلمسان)، فأقام بها مع أهله وولده ونزل بهم في قلعة بني سلامة من بلاد «بني توجين» فأقام بها أربع سنين.
وفي أثناء تلك المدة شرع في تأليف تاريخه فأكمل المقدمة، ودون بعض فصول من التاريخ، وكان ذلك في أواخر العقد الثامن من القرن الثامن للهجرة، وقبل وفاته بثلاثين عاما تقريبا، وقد شارف على الخمسين من عمره.
ثم حن إلى تونس مسقط رأسه فاستأذن، فأذن له فبلغها سنة 780ه، فأكرمه سلطانها واختصه بأسراره وأخذ بناصره واستحثه على إتمام تأليفه، فاطمأن وواصل العمل في التاريخ حتى أحس بالسعايات والوشايات، فصحت عزيمته على النزوح إلى مصر، فاستأذن في السفر إلى الإسكندرية فبلغها سنة 784ه. وانتقل منها إلى القاهرة وجلس للتدريس في الأزهر، فقرأ الفقه على مذهب مالك، واتصل خبره بسلطان مصر إذ ذاك وهو برقوق العظيم فقربه وأكرمه وولاه قضاء المالكية سنة 786ه، فقام بعمل القضاء خير قيام، واشتهر أمره عالما، وقاضيا، ومدرسا، ومؤرخا، وأديبا، وكثر المعجبون به وكثر أيضا عدد حساده، فوشوا به وأشاعوا عنه الأراجيف.
وكان ابن خلدون قد بعث يستقدم أهله وولده من تونس ليقيموا معه في القاهرة، فغرقوا جميعا في أثناء الطريق، فعظم الأمر على هذا الفيلسوف وأصابه حزن شديد فاستقال من منصب القضاء، وانقطع للتدريس والتأليف وأقام على تلك الحال ثلاث سنين، فلما كانت سنة 789ه خرج من القاهرة إلى الحجاز لأداء فريضة الحج وعاد في السنة التالية إلى مصر، وأكب على العمل في كتابه حتى أتمه سنة 797ه وهو في الخامسة والستين من عمره، وقد قضى في تأليفه نحو خمسة عشر عاما.
Bilinmeyen sayfa