İslam Filozoflarının Tarihi
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Türler
قال ابن رشد في عرض الكلام على الهيولى ورده على الغزالي فيما نسبه إلى الفلاسفة في حدوث النفس: «فتعرض أبي حامد إلى مثل هذه الأشياء على هذا النحو من التعرض لا يليق بمثله، فإنه لا يخلو من أحد أمرين: إما أنه فهم هذه الأشياء على حقائقها فساقها ها هنا على غير حقائقها، وذلك من فعل الأشرار، وإما أنه لم يفهمها على حقيقتها فتعرض إلى القول فيما لم يحط به علما وذلك من فعل الجهال، والرجل يجل عندنا عن هذين الوضعين، ولكن لا بد للجواد من كبوة، فكبوة أبي حامد هي وضعه هذا الكتاب، ولعله طرأ إلى ذلك من أجل زمانه ومكانه.» (40-3) بذور مناهج الأدلة
كتب ابن رشد كتاب «الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة وتعريف ما وقع فيها بحسب التأويل من الشبه المزيفة والعقائد المضلة» حوالي السنة الرابعة من العقد السادس من عمره.
وكانت فكرة هذا الكتاب تجول في خاطره عند وضع «تهافت التهافت»، ولعل الذي أوحى بها إليه وقوفه على كتب الغزالي. وقصد ابن رشد من هذا الكتاب كما بينا ليس التوفيق بين الشريعة والحكمة بل قصده جعل الحكمة مقصورة على فريق من الناس يمتازون بالاستعداد الفطري والاقتدار على الدرس بالمثابرة وهم الخواص.
أما كتابه «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال» فليس المقصود منه المعنى الظاهر من عنوانه، إنما المقصود به الاتصال بين ظاهر الشرع والحكمة الإلهية. ولم يفقد ابن رشد يوما قدرة التمييز والإدراك حتى يحاول الجمع بين الدين والفلسفة، وهذا القصد ظاهر ظهورا تاما من كتاب مناهج الأدلة. وكان ابن رشد يرمي إليه في التهافت، وهذه نبذة تدل على فكرته الأولى التي صدر عنها كتاب المناهج (ص88 تهافت).
إن الكلام في علم الباري تعالي بذاته وبغيره مما يحرم على طريق الجدل في حال المناظرة، فضلا عن أن يثبت في كتاب؛ فإنه لا تنتهي أفهام الجمهور إلى مثل هذه الدقائق. وإذا خيض معهم في هذا بطل معنى الإلهية عندهم، فلذلك كان الخوض في هذا العلم محرما عليهم؛ إذ كان المكافئ في سعادتهم أن يفهموا من ذلك ما طاقته إفهامهم، ولذلك لم يقتصر الشرع الذي قصده الأول تعليم الجمهور في تفهيم هذه الأشياء في الباري تعالى لوجودها في الإنسان كما قال الله:
لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا .
بل واضطر إلى تفهيم معان في الباري تعالى بتمثيلها بالجوارح الإنسانية مثل قوله «خلقت بيدي» فهذه المسألة هي خاصة بالعلماء الراسخين الذين أطلعهم الله على الحقائق، ولذلك لا يجب أن يثبت في كتاب إلا في الموضوعة على الطريق البرهاني، وهي التي شأنها أن تقرأ على ترتيب وبعد تحصيل آخر يضيق على أكثر الناس النظر فيها على النحو البرهاني، إذا كان ذا فطرة فائقة مع قلة وجود هذه الفطرة في الناس، فالكلام في هذه الأشياء مع الجمهور هو بمنزلة من يسقي السموم أبدان كثير من الحيوانات التي تلك الأشياء سموم لها، فإن السموم إنما هي أمور مضافة، فإنه قد يكون سما في حق حيوان شيء هو غذاء في حق حيوان آخر. وهكذا الأمر في الآراء مع الإنسان، أعني قد يكون رأي هو سم في حق نوع من الناس وغذاء في حق نوع آخر، فمن جعل الآراء كلها ملائمة لكل نوع من أنواع الناس بمنزلة من جعل الأشياء كلها أغذية لجميع الناس ... فإذا تعدى الشرير الجاهل (هل يقصد حجة الإسلام؟) فسقي السم من هو في حقه سم على أنه غذاء، فقد ينبغي على الطبيب أن يجتهد بصناعته في شفائه، ولذلك استخرنا نحن التكلم في مثل هذا الكتاب، وإلا فما كنا نرى أن ذلك يجوز لنا، بل هو من أكبر المعاصي أو من أكبر الفساد في الأرض، وعقاب المفسدين معلوم بالشريعة!
هذه الحملة في التهافت كانت مقدمة للحملة في مناهج الأدلة. (40-4) الشريعة والفلسفة
لو تخيلت آمرا له مأمورون كثيرون، وأولئك المأمورون لهم مأمورون آخرون، ولا وجود للمأمورين إلا في قبول الأمر وطاعة الآمر، ولا وجود لمن دون المأمورين إلا بالمأمورين؛ لوجب أن يكون الآمر الأول هو الذي أعطى جميع الموجودات المعنى الذي به صارت موجودة، فإنه أعطى كل شيء وجوده في أنه مأمور، ولا وجود له إلا من قبل الآمر الأول، وهذا المعني هو الذي يرى الفلاسفة أنه عبرت عنه الشرائع بالخلق والاختراع والتكليف، فهذا هو أقرب تعليم يمكن أن يفهم به مذهب هؤلاء القوم من غير أن يلحق ذلك الشنعة التي تلحق من سمع مذاهب القوم على التفضيل الذي ذكره الغزالي.
وليس يفهم من مذهب أرسطو غير هذا ولا من مذهب أفلاطون، وهو منتهى ما وقفت عليه العقول الإنسانية. والفلسفة تفحص عن كل ما جاء في الشرع، فإن أدركته استوي الإدراكان وكان ذلك أتم في المعرفة، وإن لم تدركه أعلمت بقصور العقل الإنساني عنه.
Bilinmeyen sayfa