شرح الأمر في ذلك
لما استقر الصلح والموادعة بين أهل دمشق والقائد أبي محمود مقدم العسكر المصري المعزي على ما تقدم شرحه وخمدت نار الفتنة بعض الخمود وركدت ريحها بعض الركود وسكنت نفوس أهل البلد واطمأنت القلوب بين الفريقين اعتمد القائد أبو محمود على ابن أخته جيش بن الصمصامة في ولاية دمشق وحمايتها ولم ما تشعث منها بالفتنة المتصلة لما رجاه عنده من الكفاية والصرامة وقدره فيه من النهضة والشهامة فدخلها واليًا ونزل بقصر الثقفيين في الدار المعروفة بالروذباري وأقام بها أيامًا. فلما كان يوم من الأيام عبرت طائفة من عسكر المغاربة بالفراديس فعاثت فيه فثار الناس عليها وقتلوا من لحقوه منهم وصاروا إلى قصر الثقفيين فهرب منهم جيش بن الصمصامة الوالي في أصحابه فانتهبوا ما كان لهم فيه وأصبح القائد جيش منحدرًا من العسكر في جمع كثير وقصد جهة من البلد وكبس موضعًا كان قد سلم ووجد فيه أربعةً من أهله فأخذ رؤوسهم وطرح النار فيه فاحترق وقال القائد أبو محمود: إن أهل الشرة في موضع يقال له سقيفة جناح قريب من باب كيسان قبلي البلد. فقصدهم من ناحية الخامس الصغير والمقابر فوقع النفير فقاتلتهم الأحداث والرعية أشد قتال وقد غلظ الأمر عليهم في أخذ رؤوس من يظفرون به ونشبت الفتنة والشر بينهم منذ أول جمادى الأولى ونشبت الحرب بينهم بياض ذلك اليوم إلى أن أقبل الليل
1 / 19