تداخل بها كتابه مع كتاب ثابت هناك تطابق بالمواد، مع اختلاف بالتفاصيل، وهذا ما نلاحظه حينما نقارن مواد السنوات المتداخلة بين تاريخ ثابت بن سنان وتاريخ الطبري، لهذا ليس من المستبعد أبدًا أن يكون ابن القلانسي اعتمد على تاريخ هلال بن المحسن دون سواه.
وتبقى الأمور في حدود الفرضية، فتاريخ هلال بن المحسن هو بحكم المفقود، ومصنف ابن القلانسي وصلتنا منه نسخة خطية واحدة محفوظة في مكتبة البودليان في أكسفورد برقم [١٢٥ Hunt] وهذه النسخة قد بتر من أولها مقدار أربع عشرة ورقة، ولا شك أن هذه الأوراق قد حوت خطبة الكتاب مع بعض المواد الإخبارية، ولئن تمكنت من تدارك المواد الإخبارية المفقودة من مختصر كتاب ثابت بن سنان، تبقى المسألة الأساسية معلقة.
من هذا نخلص إلى القول أن مخطوطة البودليان تحوي قسمين من المعلومات الإخبارية، القسم الأول منها حتى سنة ٤٤٨ من تصنيف هلال بن الحسن لوحده أو مع ثابت بن سنان، والقسم الثاني حتى نهاية الكتاب من تصنيف ابن القلانسي، والقضية التي تواجهنا الآن هي: هل نقل ابن القلانسي مواد آل الصابئ نقلًا حرفيًا، أم عدل فيها اختصارًا وزيادة ونقصانًا؟.
إن من يقرأ مخطوطة البودليان يلحظ بعض الفوارق باللغة والعرض بين شطري الكتاب، إنما رغم ذلك يخيل أن ابن القلانسي تدخل بمواد الشطر الأول وأعاد صياغتها، وهنا لربما حذف بعض المواد. وأضاف موادًا من عنده، مما تجمع لديه من مصادر ووثائق محلية.
لقد دعا ابن القلانسي ما صنفه باسم "المذيل" ولما كانت محتويات مخطوطة البودليان تحوي الأصل والمذيل، فقد بات من المفترض أن نطلق على الكتاب اسم "تاريخ دمشق" ثم لذهابنا إلى الافتراض بأن جميع محتويات الكتاب من صياغة ابن القلانسي وروايته [بالوجادة أو غير ذلك من الطرق] فقد بات من المسوغ نسبة الكتاب بأجمعه إلى ابن القلانسي.
المقدمة / 17