Edebiyat Bilimi Tarihi: Batılılar, Araplar ve Victor Hugo
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Türler
تاريخا لدولة الإفرنج، وكان ذلك على عهد لويس التاسع الملقب بالقديس، وهو المتوفى سنة 1270م في تونس أثناء الحرب الصليبية الثامنة، فكان هذا التاريخ أول سجل لضبط وقائع ملوك الإفرنج، وتاريخ جلوسهم، ووفاتهم، وذكر شيء من أخبارهم وحروبهم، وداموا على هذا السجل إلى أن ملك لويس الحادي عشر المتوفى سنة 1483، وأنشئوا في مدينة مون بيليه مدرسة للطب، وذلك في القرن الثالث عشر ، وهي أقدم مدرسة طبية في أوروبا بعد مدرسة ساليرن التي بجوار نابولي، وكانت الأندلس في منتهى عزها وحضارتها، فجلبوا منها لمدرسة مون بيليه المعلمين والمدرسين من العرب واليهود المستعربين، وفي سنة 1323م أنشئوا في مدينة طولوز جمعية أدبية دعوها مدرسة العلم المفرح
Collége du gai sçavoir ، وجعلوا جوائز الشعر أزهارا مصوغة من الذهب والفضة تفرق على نوابغ الشعراء بعد تقدير الجمعية وحكمها.
وفي أواخر القرن الخامس عشر للميلاد أوقفت إحدى المحسنات من نساء طولوز أموالها على هذه الجمعية، فاتسعت ثروتها وزادت رغبة الشعراء فيها وأقبلوا على انتحال فنون الأدب، وحسنوا المنطق والكلام باللسان الفرنساوي، ولم تزل هذه الجمعية الأدبية زاهرة إلى يومنا هذا، وتسمى جمعية أو «أكاديمية لعب الأزهار»، وتتألف من أربعين محافظا ومن معلمين كثيرين. وسمي أعضاء هذه الجمعية بالمحافظين إشارة إلى ما يجب عليهم بحسب قانونهم من المحافظة على قواعد اللسان وفنون أدبه، ويحتفلون في اليوم الثالث من الشهر مايو في كل سنة، ويوزعون الجوائز والنقود على مستحقيها، ولهم تسع جوائز من الذهب والفضة كل جائزة على شكل زهرة مخصوصة مثل الأقحوان، والياسمين، والسوسن ومنها ما هو للشعر، ومنها ما هو للنثر والخطب - ورأينا فيما سبق كيف نال فيكتور هوكو جائزة هذه الجمعية.
وفي القرن الرابع عشر للميلاد ترجم الإفرنج الكتب اللاتينية للفرنساوية، ونقلوا علوم اليونان وفلسفتهم عن العرب، ولم يكن لهم معرفة باللغة اليونانية، ولا بما دون فيها فترجموا كتب أرسطو عن اللاتينية المترجمة عن العربية، والعربية مترجمة من اليونانية أو السريانية، ثم ظهر فن التشخيص وكان منشأه من الكنيسة، ومن تشخيص آلام المسيح - عليه السلام - وما شبه لهم فيه من القتل والصلب، فهذا أساس فن التشخيص ثم وسعوا دائرة هذا الفن ووضعوا فيه المؤلفات الكثيرة، واستحدثوا فيه أنواعا مختلفة وطرقا متنوعة، وأقبلوا على درس أدب اللغة اللاتينية وأدب اللغة اليونانية، وتبحروا فيهما فانتقشت أساليب هاتين اللغتين في نفوسهم، وحذوا حذو شعراء الرومان واليونان، واتخذوا أشعارهم ورواياتهم منوالا نسجوا عليه أمثالها من كلمات أخرى فرنساوية، ولم يزالوا كذلك حتى بلغوا شأوا كبيرا على عهد لويس الرابع عشر (1638-1715م) الملقب بالكبير، وأصلحوا فنون الأدب وهذبوها، وفتحت الماركيزة رامبويه دارها للأدباء من سنة 1635 إلى سنة 1665م، وكانت تستقبلهم هي وبناتها ويعقدون في حضرتها منتدى أدبيا يحضره الشعراء، والأدباء، والظرفاء ويتسامرون فيه وينشدون الأشعار، ويقصون القصص والنوادر الأدبية والعلمية، فكان هذا أول ناد في باريس خدم انتشار الأدب والمعارف، وساعد على ترقي اللغة وعلى اجتماع الرجال بالنساء في جلسة أدبية محترمة، وتقرب الأدباء من الأمراء وأرباب الوجاهة بعد أن كانوا مختصرين لا يحترفون بالأدب إلا لاستجداء المعروف وطلب الإحسان. وصارت السيدات الفرنساويات يقلدن الماركيزة في الإقبال على تحصيل الأدب والمعارف، وفتح أبوابهن للشعراء والكتبة، وأرادت بعض سيدات الأستانة في عصرنا تقليد الماركيزة في حماية الأدب والمعارف، فنجح عملهن مدة ثم أقفلت دورهن.
وفي سنة 1635 أسس الكاردينال ريشيليو الأكاديمية الفرنساوية من أربعين عضوا وفوض إليهم جمع قاموس اللغة الفرنساوية، ثم أسست أكاديمية الفنون والآداب واشتغلت بالتاريخ والآثار القديمة، ثم أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية واشتغلت في الفلسفة وعلوم الاقتصاد، ثم أكاديمية العلوم الرياضية والطبيعية، وأكاديمية الصنائع النفيسة وغير ذلك من المؤسسات العلمية النافعة، وظهر من الأدباء بالزاق وفولتير وديكارت (1596-1650م)، وهو الذي أحيا الفلسفة وأوجد التعبيرات الفلسفية في اللغة الفرنساوية، وكان إماما في الأدب فسلك فيه مسلكا جديدا، واتخذ لنفسه طريقة مخصوصة تنسب إليه وتسمى باسمه.
ثم أنشأ ألكساندر هاردي مرسحا في باريس شخص فيه روايات كثيرة أخذ موضوعها من إسبانيا لتقدم فنون الأدب فيها لسبب مجاورتهم للعرب. وظهر من فحول الأدباء بيرقورنيل (1606-1684م) صاحب رواية هوراس التي صور فيها فضائل الرومان ومحبتهم لأوطانهم وبذلهم دونها المال والبنين. وأبدع ما في هذه الرواية حديث المرأة التي أتت شيخا من قبيلة هوراس تخبره بموت ابنيه في حرب لهم مع قبيلة كورياس وبنجاة ولده الثالث بالفرار من ميدان الحرب، فتجلد الشيخ على موت ابنيه وغضب من فرار ولده الثالث، فقالت له المرأة: «ماذا تريد أن يفعل وهو وحده مع ثلاثة من أعدائه؟» فأجابها الشيخ: «أريد أن يموت.»
ومن أئمة الأدب المؤسسين لطريقة «كلاسيك» راسين (1649-1699) وكان معاصرا لقورنيل ورقيبا له، نظم رواية أندروماخه ونسجها على منوال رواية بهذا الاسم لأحد شعراء اليونان الأقدمين، ثم درس تاريخ العبرانيين ونظم رواية «أستير» ورواية «أتالي» التي قال فيها فولتير: بأنها أحسن ما ألفه العقل البشري، وسموا هذا النوع من الروايات الفاجعة التاريخية «تراجيدي»، ومن مشاهير أدبائهم المتقدمين بوالو الشاعر الهجاء مؤلف الهزليات وصاحب المذهب في فن الأدب، ومولير مؤلف المضحكات المسماة كوميدي، وفنلون مؤلف تيلماك المترجم للعربية والمطبوع في بيروت، وترجمه للتركية يوسف كامل باشا بألفاظ لغوية وعبارة عويصة، وترجمه أحمد وفيق باشا بألفاظ سهلة. ولافونتين مؤلف الحكايات المنظومة على ألسنة الحيوانات، وكانت المدارس الابتدائية تعول عليها في تدريس اللغة الفرنساوية وتحفظها للأطفال، وأما اليوم فقلت الرغبة فيها.
ثم ظهر مونتسكيو مؤلف «أسباب اعتلاء الرومانيين وسقوطهم» و«روح القوانين» و«الرسائل العجمية»، وبوفون مؤلف التاريخ الطبيعي، وفولتير الشهير الذي لم يدع بابا من أبواب الكتابة، وفنون الشعر والإنشاء إلا طرقه، وديدرو صاحب الإنسكلوبيديا، وجان جاك روسو الذي هيج الأفكار بمؤلفاته، وهيأ حدوث الانقلاب الكبير، وبرناردن دوسن بير مؤلف بول وفيرجيني وغيرها من القصص والسياحات. (6) الطريقة المدرسية والطريقة الرومانية في أدب الإفرنج، وما أخذوه من ذلك عن العرب
أدب كل لسان - كما لا يخفى - هو مجموع ما حصلت الإجادة في تأليفه بذلك اللسان من فني المنظوم والمنثور، فمن أمعن النظر في أدب اللسان العربي وجد فيه طرقا كثيرة ومذاهب شتى للكلام، ورأى فريقا من الذين أحرزوا قصب السبق في أدب العرب يتوخى حفظ الألفاظ وتصنيعها، وفريقا آخر يختار ضبط المعاني وترتيبها، وعلم أن لكل واحد من أئمة البلاغة وأمراء الفصاحة منهاجا معروفا وطريقة مألوفة، فلو راجعنا البصر في رسائلهم المنثورة وتأملنا طرز إنشائها لتبين لنا أن منهم من سلك طريقة الأصل، أو طريقة السجع، أو طريقة الجاحظ إمام الأدب، ومنهم من جمع بين طرق المتقدمين وطريقة المتأخرين حتى خلص لنفسه طريقة. ثم لو أعدنا النظر ثانية في نظم أشعارهم لظهر لنا أن منهم من نسج على منوال شعر الجاهلية، ولم يخرج عن الأساليب التي راعوها، ومنهم من لم يجر على أساليب العرب المتقدمين كالمتنبي والمعري، بل اتخذ كل منهما منوالا خاصا لنسج كلامه، وأوجد قالبا جديدا لبناء شعره فأصبح في الأدب إماما يقتدى به. ثم إذا بحثنا في مؤلفات أولئك الأئمة باعتبار آخر رأينا منهم من أطلق العنان للمخيلة الشعرية، فأتى بالمعجز من آيات البيان، ومنهم من استغرق في الحب استغراق ابن الفارض وتجليه، وإذا وصفوا الأمكنة والأشخاص أو المواد والمعاني، منهم من يصور لك الموصوف على حقيقته بلا خلف فيه، ومنهم من يجعل وصفه يربو على الموصوف ويتعداه أو يقصر عنه، ثم إذا استقصينا البحث نجد طائفة من أمراء البلاغة قد تركوا لغة مضر وما فيها من الإعراب، ونظموا أشعارهم بلسان الحضر، وهي اللغة الدارجة في أمصارهم؛ لأن البلاغة لا تختص بلسان مضر، بل توجد فيه وفي لسان الحضر وفي غيرهما من الألسن الأعجمية، ونجد منهم أيضا طائفة أخرى في الأندلس وغيرها خرجوا عن أوزان العروض المعروف عند العرب إلى أعاريض مختلفة ومقاطيع متفاوتة، إلى غير ذلك مما هو مفصل في مواضعه ومعلوم عند أربابه سيما بعد طبع كتب الباقلاني والجرجاني، وغيرهما من الأئمة الواضعين لفن الانتقاد الأدبي.
فالأمم الأوروبية على اختلاف قومياتهم، وتفرق لغاتهم ظلوا لأواخر القرن الحادي عشر للميلاد محرومين من الأدب وفنونه، ولم يكن فيهم إلا أفراد من القسوس، والأساقفة يحفظون في الأديرة شعر فرجيل اللاتيني ولا يفهمون مغزاه كما يحفظ مشايخ الأعاجم في زماننا شعر المتنبي والمعلقات، ففي أوائل القرن الثاني للهجرة والثامن للميلاد أخذت الأفكار تتبادل بين المسلمين وبين أمم أوروبا من الإسبانيين، والطليان، والإفرنج ودامت الصلات لا تنقطع بين الفريقين المتحاربين لا في الحرب - بواسطة الأسرى والسفراء - ولا في السلم بسبب الأخذ والعطاء، وكان الأرسخ قدما في الحضارة يكسب جاره أدبا وعرفانا. وفي القرن العاشر للميلاد تغلب البابا سيلفستر الثاني على التعصب الديني، وخرج من مدينة أورياق مسقط رأسه، وقطع عقاب البيرينة ومياه الوادي الكبير، وجاور في إشبيلية ثلاث سنوات، وفتح لقومه باب العلم والمعارف فدخلوه طوعا أو كرها، وارتحل الإفرنج في طلب العلم إلى مدارس الأندلس، وحضروا على مشايخها، وعادوا لأوطانهم متنورين يلقون الدروس في ساحات المدن الكبيرة، وتجتمع حولهم الطلبة والعوام على مألوف العادة الجارية ليومنا في المدارس والجوامع الإسلامية، فأدرك الناس فوائد العلم، وقرب الملوك والأمراء منهم علماء المسلمين، وأغدقوا عليهم، فكان الشريف الإدريسي صاحب الجغرافية عند رجار المعروف عندهم بروجر الثاني ملك صقلية ونابولي، وهو من سلالة الملوك النورمانديين، وكان أحفاد ابن رشد المتضلعون في علم الحيوان والنبات عند خلفاء رجار في مملكة صقلية، ونابولي المعبر عنهما بالصقليتين، فكان مثل هؤلاء كمثل الأوروبيين المستخدمين اليوم في الممالك الشرقية.
Bilinmeyen sayfa