Edebiyat Bilimi Tarihi: Batılılar, Araplar ve Victor Hugo
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Türler
4
والفال، وأنواع الحكم والطب مثل شق، وسطيح، وحنظلة بن صفوان كاهن حمير، وخالد بن سنان العبسي الذي قالت ابنته حينما سمعت قراءة
قل هو الله أحد : كان أبي يقرأ مثل هذا، وأمية بن أبي الصلت الثقفي، وكان افتتاح كلامه «باسمك اللهم» وقس بن ساعدة ورباح بن عجلة عراف اليمامة والأبلق الأسدي عراف نجد وغيرهم.
غير أن تاريخ أدب العرب قبل الإسلام لم يزل في حيز الخفاء؛ لعدم تمكن العلماء من درس اللغات، أو اللهجات العربية السابقة على لغة مضر كلغة حمير مثلا، فإنه لم يشتهر عندنا من قواعدها أكثر من حديث «ليس من امبر امصيام في امسفر» حيث استعمل فيه (ام) عوضا عن (ال) التعريف، ولا يكشف الغطاء عن هذا القسم من تاريخ الأدب إلا بعد استخراج ما في أرض اليمن من الألواح التي تدعى بالمسند الحميري، وما في خرائب مدائن صالح، وأرض الحيرة وسائر جزيرة العرب من الآثار القديمة العادية التي كان لأصحابها نصيب من الحضارة، وكان لأدبهم تأثير على أدب مضر.
وقد تفرغ نخبة من مستشرقي الإفرنج للبحث عن تلك المستندات والآثار القديمة العربية؛ ولعل التشبث بإتمام السكة الحديدية الحجازية يسهل لهم هذا البحث، فممن عرفت من أولئك المستشرقين إيدوارد غلازر من الألمانيين، وكان أطلعني ونحن في الأستانة على ما اكتشفه من المسند الحميري وجاء به من أرض اليمن، والمسند لوح من الحجر عليه كتابة بأحرف مقطعة قائمة الزوايا وبعضها مدور كالدائرة، وحدثني هذا المستشرق الفاضل عن رحلته في جزيرة العرب، وهو يتكلم العربية بلهجة يمانية بدوية.
وفي سنة 1895 نشر في ميونيخ كتابا بالألمانية عن مأرب، وحمير، والحبشة، ثم نشر كتابا آخر في برلين وقدمه لمؤتمر المستشرقين الحادي عشر المنعقد في باريس سنة 1897، ولما أتيت هذه المدينة حضرت الأستاذ هارتويغ ديرنبورغ في الصوربون، وهو يلقي دروسه في اللغة الحميرية، ويفسر المسندات ويترجمها للفرنساوية، وله رسالة ترجم فيها ما في متحف اللوفر من آثار حمير وسبأ، ومن المشتغلين باللسان الحميري هاليفي الفرنساوي مدرس اللغة الحبشية في الصوربون، وله مقالات في المجلة السامية بحث فيها عن اتفاق الحبشة مع أهل سبأ على أهل حمير النازلين في شرقي حضرموت.
وللعلماء اشتغال بهذه اللغة في إنكلترة وإيطاليا أيضا؛ لاهتمام الأولى بجمع ما يتعلق بالعالم الإسلامي والعربي، ولمناسبة بين الثانية وبين الحبشة واختلاط تاريخ الحبشة بتاريخ حمير، إلا أن هذا العلم لم يزل في النشأة الأولى محتاجا للتدقيق، والتمحيص حتى يتيسر للعلماء أن يوضحوا لنا كيف كان اللسان الحميري مع اللسان المضري، فإن ابن خلدون يقول في مقدمته: «ولقد كان اللسان المضري مع اللسان الحميري بمثابة ما هو اليوم اللسان المضري مع لغة العرب لهذا العهد - وهي التي بدون إعراب، فقد منها دلالة الحركات على تعيين الفاعل من المفعول وعوض عنها بالتقديم والتأخير، وبقرائن تدل على خصوصيات المقاصد - وتغيرت عند مضر كثير من موضوعات اللسان الحميري، وتصاريف كلماته. تشهد بذلك الأنقال الموجودة لدينا خلافا لمن يحمله القصور على أنها لغة واحدة، ويلتمس إجراء اللغة الحميرية على مقايس اللغة المضرية وقوانينها، كما يزعم بعضهم في اشتقاق القيل في اللسان الحميري أنه من القول، وكثير من أشباه هذا وليس ذلك بصحيح، ولغة حمير لغة أخرى مغايرة للغة مضر في الكثير من أوضاعها، وتصاريفها وحركات إعرابها كما هي لغة العرب لعهدنا مع لغة مضر، إلا أن العناية بلسان مضر من أجل الشريعة؛ أي القرآن والسنة حمل ذلك على الاستنباط والاستقراء، ولعلنا لو اعتنينا بهذا اللسان العربي لهذا العهد واستقرينا أحكامه نعتاض عن الحركات الإعرابية في دلالتها بأمور أخرى موجودة فيه، فتكون لها قوانين تخصها، ولعلها تكون في أواخره على غير المنهاج الأول في لغة مضر.» ا.ه.
فأخذ ذلك المستشرقون من الإفرنج واعتنى بعضهم بتدوين اللسان العامي واستقراء أحكامه، كما فعل موسيو هوداس الفرنساوي في لغة الجزائر العربية ونشر فيها كتابا، ولم يزل يدرسها في مدرسة الألسن الشرقية في باريس، كما تدرس أيضا في مدرسة المستعمرات وفي المدارس العسكرية بباريس وغيرها، ولهم في ذلك مآرب سياسية لا نخوض فيها، إلا أن تدوين اللغات العامية - بالنظر إلى انتشار العلم وتوسع الحضارة - له محاذير كثيرة وموجب للتفرقة، ونصب الحواجز بين أمم هذا العالم العظيم الممتد من المحيط الغربي إلى بلاد العجم والهند، والعلماء في عصرنا يجتهدون في إزالة الموانع التي استلزمها تباين اللغات بين الأمم ويسعون في إيجاد لغة عامة لعموم بني البشر، وفي جميع أفراد الإنسان على لسان واحد، فكيف يجوز حينئذ تفريق لسان أمة كبيرة إلى ألسنة همجية عامية ووضع لسان مخصوص لكل من الجزائر، وتونس، ومصر، وسوريا، وبغداد، والموصل، والزنجبار، والهنزوان، ثم لمراكش وغيرها من المتكلمين بلسان جزيرة العرب، وتدوين كل واحد من هذه الألسن التي يراد وضعها كما تدون الألسن الجديدة الهمجية مثل لسان حوصه وغيره من لغات أفريقيا.
وإنا نجد اللغة الفرنساوية على ما فيها من التباين بين ما يتكلمه سكان المدن، وما يتكلمه أهل القرى وعدم فهم الباريزي ألسن الباتوا التي يتكلمها القاطنون في جبال البيرينة، وأوفيرنيه، وفي الأيالات الغربية والجنوبية من أراضي فرنسا لم يجوزوا فيها تدوين لغة الأيالة بروفانس، أو بريطانيا مثلا، ولا سمحوا بإنشاء جريدة فيهما، وانتهى بهم التعصب إلى محو ما كتب بلسان الباسك، وهم سكان جبال البيرينة من جهة المحيط مع أن المتكلمين بها يفتخرون بقدمهم على سائر الأمم الأوروبية، فكيف يصوغ إذن تدوين لغة الجزائر وأهلها لا يتعذر عليهم فهم «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل» لاستعمالهم مواد هذه الكلمات الأصلية من وقوف، وبكاء، وذكر، وحب، ونزول؟ وإذا لم يفهموا ما بعد ذلك فالقصور ناشئ من الجهل بالجغرافية لا بأصل اللغة التي لم يزل لهم بأصولها وموادها ملكة راسخة، فإن سقط اللوى، والدخول، وحومل، وتوضح، والمقراة المذكورة في قول امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
Bilinmeyen sayfa