فصل: لم يورد محمد بن جعفر النرشخى هذا الفصل فى كتابه، وذكر الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد النيسابورى فى كتاب خزائن العلوم أن هذا الموضع المعروف اليوم ببخارى كان يتكون من بركة ومقصبة وغيضة ومرج وفى بعض أجزائه كان لا يجد أى حيوان مخاضة، لأن الثلوج كانت تذوب على الجبال بالولايات التى بناحية سمرقند «1» فيجتمع الماء هنالك. وبناحية سمرقند نهر عظيم يقال له نهر «ماصف» يتجمع فيه ماء كثير، وهذا الماء الكثير يخد الأرض ويلفظ وحلا كثيرا يطم الحفر، وكان الماء يأتى بكثرة ويحمل الطمى إلى ناحيتى «بتك» و«فرب» ثم توقف ذلك الماء وقد طمر هذا الموضع الذى يقال له «بخارى» وتمهدت الأرض وأصبح ذلك النهر العظيم السغد «1» وهذا الموضع المطمور بخارى. واجتمع الناس من كل صوب، وازدهر ذلك المكان وأقبل الناس من ناحية التركستان «2»، وكان بهذه الولاية كثير من الماء والشجر والصيد، فأعجب هؤلاء الناس بها وأقاموا فيها، وكانوا أول الأمر يعيشون ويقيمون فى الخيام والسرادقات، فتجمعوا وتكاثروا على مر العصور وبنوا العمائر واختاروا من بينهم واحدا اسمه «أبروى» نصبوه أميرا عليهم. ولم تكن قامت بعد هذه المدينة، بل كانت هنالك بعض الرساتيق من جملتها «نور» و«خرقان رود» و«وردانة» و«تراوجه» و«سفنه» و«إيسوانه».
وكانت القرية الكبيرة التى يقيم فيها الأمير هى «بيكند» والمدينة «قلعة دبوسى» «1» وكانت تسمى المدينة. وبعد مدة كبر «أبروى» وسلك طريق الظلم فى هذه الولاية، فلم يستطع الناس الصبر طويلا وفر الدهاقين والأغنياء منها إلى التركستان، حيث بنوا شبه مدينة سموها «حموكت» «2»، لأن فلاحا (دهقانا) عظيما اسمه «حموك» كان رئيس تلك الطائفة التى ذهبت إلى هنالك.
Sayfa 20