============================================================
ذكر داود عليه السلام ظن من قتل داود طلب التوبة فأتى شموئيل وهو حي وسأل عن توبته، فقال: إني لا أعرف لك توبة إن قتلت داود ولا أظنك قدرت عليه فارجع إلى ابتتك فلعلك تجد عندها الفرج فجاءها وأقسم عليها فعاهدته آن لا يريد داود بشيء ولا يهيجه وأشهدت عليه شموئيل ففعل فجاءت بداود حتى صالحه ورضي عنه فقال له شموئيل: إن توبتك الآن أن تخرج من ملكك وتسلمه إلى داود ففعل وجمع الله تعالى لداود الملك والخلافة ويقال: لا بل كان طالوت على ملكه إلى أن مات قبله شموئيل واجتمع الملك والخلافة لداود والله أعلم.
باب في ذكر شآن داود عليه السلام بعد ما ذكرناه (11 قال الله تعالى: واذكر عبدنا ماود ذا الأد إنهة أواب [ص: الآية 17) وقال عز وجل: ولقد ءانينا داؤد منا فضلا يلجبال أوى معد [سبا: الآية 10]) وقال: ولفد مانلتا داود وسليكن علما} [اليمل: الآية 15] إلى سائر ما ذكر الله تعالى من قصته في كتابه، قد ذكرنا نسب داود وأنه كان من سبط يهوذا بن يعقوب وأنه لما استقام له الملك وأحبته بنو اسرائيل وأنزل الله تعالى عليه كتابه الزبور وكان كله دعاء وتمجيد وثناء على الله تعالى ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود وكان عليه السلام يقرأ الزبور وقد أعطاه الله تعالى أحسن الصوت قد خصه به لم يكن لأحد ذلك قبله ولا بعده، ولا يسمعه أحد إلا مال إليه قلبه، وفي بعض الروايات أنه كان في حلقه سبعون مزمارا قيل معناه أن اختلاف أصناف صوته على سبعين وجها، قال وهب: وكان إذا قرا اجتمعت على صوته الوحوش والسباع والطيور والبهائم، ولا يضر بعضها بعضا فتسمع قراءته وكذلك كانت الحيات تخرج إلى الساحل لاستماع صوته وكان لم يسمع السامعون مثل صوت داود فعكفت عليه الجن والإنس والدواب فخرج إبليس مذعورا لما رأى من اجتماع الخلق عليه فجمع شياطينه وقال: ما هذا الذي أراه؟ وما الحيلة في صرف الناس عنه؟ فقالوا: أنت أعلم منا، قال: إنه لا يصرفهم عنه شيء إلا ما يشبهه فأمر إبليس بصنعة البرابط (2) والمزامير وسائر الآلات اللهوئة على حسب أصوات داود ونفخت الشياطين فيها وضربوها وسمعها غواة الناس فاتبعوها، قال وهب وأقام داود بين بني إسرائيل يحكم فيهم بالحق فكان نبيا عابدا مجتهذا من أشد الناس اجتهادا وأكثرهم بكاه فأقام صدرا من زمانه على (1) انظر تفاصيل قصة داود في الطبري، تاريخ الأمم والملوك 476/1، ابن كثير، البداية والنهاية 1/ (2) البرابط: البربط عود ليس من ملاهي العرب، بل من ملاهي العجم شبه بصدر البط، ملهاة تشبه العود الضارب به يضعه على صدره. ابن منظور- لسان العرب 183/1 (باب بربط).
Sayfa 238