============================================================
ذكر يوسف عليه الشلام ثيابا جدثا حسانا وقصد إلى الملك. قال وهب: فلما وقف بباب الملك قال حسبي ريي من دنياي حسبي ربي من خلقه عز جاره جل ثناؤه ولا إلله غيره، فلما دخل على الملك قال: اللهم إني أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بك من شره وشر غيره، فلما نظر إليه الملك سلم عليه يوسف بالعربية فقال له الملك: ما هذا اللسان؟ قال: لسان عمي إسماعيل ثم إنه دعا له بالعبرانية ثانيا فقال له الملك: ما هذا اللسان؟ قال: لسان أبي يعقوب قال وهب: وكان الملك يتكلم بسبعين لسائا فكلما كلم يوسف بلسان أجابه بذلك اللسان فأعجب الملك ما رأى منه، وكان يوسف ابن ثلاثين سنة فلما رأى الملك حداثة سنه وغزارة علمه قال لمن عنده: إن هذا علم تأويل رؤياي ولم تعلمه الكهنة والسحرة ثم إنه أجلسه وقال له إني أحب أن أسمع رؤياي منك شفاها، فقال يوسف: نعم أيها الملك رايت سبع بقرات سمان شهب حسان غير عجاف كشف لك عنهن نهر النيل فطلعن عليك من شاطيه تشخب أخلافهن لبنا فبينما آنت كذلك تنظر إليهن وقد أعجبك حسنهن إذ ضب النيل فغار ماؤه وبدا قعره فخرج من حمثه ووحله سبع بقرات عجاف شعث غبر ملصقات البطون ليس لهن ضروع ولا أخلاف ولهن أنياب وأضراس وأكف كأكف الكلاب وخراطيم كخراطيم السباع فاختلطن بالسمان وافترستهن افتراس السباع وأكلن لحمهن ومزقن جلودهن وحطمن عظامهن ومششن مخهن فبينما آنت تنظر وتتعجب كيف غلبتهن وهن مهازيل ثم لم يظهر فيهن سمن ولا زيادة بعد اكلهن إذ سبع سنبلات خضر وسبع آخر سود يابسات في منبت واحد عروقهن في الثرى والماء فبينما آنت تقول في نفسك ما هذا هؤلاء خضر مثمرات وهؤلاء سود يابسات والمنبت واحد وأصولهن في الماء إذ هبت ريح فردت أوراق السود اليابسات على الخضر المثمرات فأشعلت فيهن النار فأحرقتهن وصرن سوذا متغيرات فهذا آخر ما رأيت من الرؤيا ثم إنك انتبهت مذعورا، فقال له الملك والله ما شأن هذه الرؤيا وإن كانت عجبا بأعجب مما سمعته منك فما ترى في رؤياي أيها الصديق، فقال يوسف الصديق إني أرى أيها الملك أن تجمع الطعام وتزرع زرغا كثيرا في هذه السنين المخضبة وتبني الأهرام والخزائن وتجعل الطعام فيها بقصبه وسبله ليكون أبقى له ويكون قصبه وسنبله علفا للدواب، وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمس فيكفيك الطعام الذي جمعته لأهل مصر ومن حولها ثم تأتيك الخلق من جميع النواحي فيمتارون منك بحكمك فيجتمع عندك من الكنوز ما لا يجتمع لأحد قبلك، فقال له الملك ومن لي بهذا ومن يجمعه ويبيعه لي ويكفيني الشغل فيه فقال له يوسف اجعلنى عى خزاين الأرض إنى حفيظ علي (يوسف: الآية 55) أي كاتب حاسب وقيل: حفيظ لما استودعتني عليم بستي المجاعة وبلغة من يأتيني، فقال له الملك ومن أحق به منك، وولاه ذلك كله، وقال له: إنك اليوم لدينا مكين أيين [يوسف: الآية 54] .
Sayfa 124