وممَن أصابوا لهم سمعةً في ذلك الوقت من الأزهريين الشيخ محمَّد الخالدي المعروف بابن الجوهري فكان أقرأ الدروس في الأزهر وطار صيتهُ ووفدت عليهِ الوفود من الحجاز والمغرب والهند والشام توّفي في ١١ ذي القعدة ١٢١٥ (١٨٠١) وتركتُهُ العلمية كثيَّرة وإنَّما مدارها على الفقه ومتعلقاتهِ خاصَّةً.
ومن أدباء الأزهريين في ذلك العهد الشيخ مصطفى بن أحمد المعروف بالصاويْ لزم شيوخ الأزهر وبرع في العلوم الدينيَّة واللسانيَّة وكان لطيف الذات مليح الصفات محبًا للآداب لهُ النثر الطيّب والشعر الحسن روى منهُ الجبرتي شيئًا في عجائب الآثار (٣: ٣١٣ - ٣١٥) من ذلك قولهُ في وصف دارٍ أبتانها الجبرتي المذكور:
بناءٌ يروقُ العينَ حسنُ جمالهِ ... ورونقهُ يشفي الصدورَ صدورُهُ
سما في سماء الكون فأنتهج العلا ... برفعتهِ وأزداد سرا سرورُهُ
ومن مجد بانيهِ تزايد بهجةَ ... وقُلِد من درَ المعالي نحورُهُ
فلا زال فيهِ الفضلُ تسمو شموسهُ ... وتنمو على كل البدور بدورهُ
ودام بهِ سعدُ السعود مؤرخًا ... حِمى العزَ بالمولى الجبرتيَ نورهُ (١١٩٢)
ومنهم الشيخ حسين بن عبد اللطيف العُمري الشهير بابن عبد الهادي القادري الدمشقي الخاوتي لهُ تأليف في تراجم أسلافهِ العلويين سماهمَّ المواهب الإحسانيَّة في ترجمة الفاروق وذريتّهِ بني عبد الهادي. توّفي سنة ١٢١٦ (١٨٠١) وممن ساعدوا على النهوض الأدبيّ في أوائل القرن التاسع عشر رؤساء الطوائف الكاثوليكيَّة الإجلاء فكان يسوس الطائفة المارونية البطريرك يوسف التيّان الذي كان تخرَّج في مدرسة الموارنة في رومية وبرَّز بين أقرنهِ في العلوم فلما صار إليهِ تدبير أمور الطائفة سعا بتنشيط المعارف بين رعيتهِ لا سيما الأكليريكيين. وممَّا عني بهِ توجيه نظره إلى مدرسة عين ورقة التي كان أنشأها خلفهُ البطيريك يوسف اسطفان لَّما كان أسقفًا فصارت هذه المدرسة بهمَّتهِ منارًا استضاءت بهِ الأمَّة المارونيَّة في القرن التاسع عشر ومنها خرج العدد العديد من بطاركة وأساقفة وكهنة وأدباء كانوا فخرًا لوطنهم بعلومهم فضلًا عن برهم وسوف يأتي عنهم الكلام. ولهذا البطريرك آثار لا تزال تدلُ على طول باعهِ في الآداب الكنسية. توّفي في ٢٠ شباط سنة
1 / 9