وتصرّفاته المتقلّبة، أكّد فيها على الخلل العقلي الذي يعتريه، والمزاجيّة المسيطرة على أحكامه. وهو موضوع خطير لا يزال مطروحا للمناقشة حتى الآن.
ومن أهمّ ما يلاحظ في تاريخ الأنطاكي هو توقّفه المفاجيء عند حوادث سنة ٤٢٥ هـ/١٠٣٤ م. مع أنّ المؤلّف وعد في أواخر كتابه أن يذكر بنود معاهدة الصلح بين الخليفة الفاطمي الظاهر والإمبراطور البيزنطي ميخائيل، التي تمّت سنة ٤٢٧ هـ. فهو يقول في هذا الصدد:
«. . ولم يذعن رومانوس الملك إلى الرجوع عمّا اشترطه في معنى حلب، وجزم أنه لا يعقد الهدنة إلاّ عليه، وتردّدت المكاتبة بين الجهتين في هذا المعنى في أيامه. وفي أيام ميخائيل الملك بعده مدّة ثلاث سنين ونصف إلى أن استقرّ الأمر فيها على ما يأتي فيما بعد ذكره».
ومن المؤسف أن الكتاب ينتهي بحوادث سنة ٤٢٥ هـ. /١٠٣٤ م. أي قبل أكثر من ربع قرن من وفاة الأنطاكي، مما يجعلنا نرجّح أنّ هناك جزءا ضائعا من آخر الكتاب، وهذا الجزء يمكن أن نقدّره بما يساوي ربع الكتاب، ومقياسنا في هذا، هو تقسيم المؤلّف نفسه لكتابه إلى جزءين، حيث ينتهي الجزء الأول بنهاية عهد الحاكم بأمر الله سنة ٤١١ هـ. /١٠٢١ م. أي أنّ الجزء الأول يتناول أحداث نحو خمس وثمانين سنة، بينما لم يصلنا من الجزء الثاني سوى أحداث أربع عشرة سنة فقط. وهذا تقسيم مخلّ في توازن الكتاب من حيث الشكل والمضمون، وهذا أيضا، يؤيّد وجهة نظرنا في أنّ جزءا كبيرا من الكتاب ضاع ولم يصلنا بسبب نجهله.
...
مخطوطات الكتاب والنصوص المنشورة
توجد عدّة نسخ مخطوطة من تاريخ الأنطاكي موزّعة بين دمشق ولندن وباريس وموسكو وتعتبر النسخة البريطانية النسخة الأمّ لكلّ المخطوطات الأخرى، وهي محفوظة بمكتبة الجامعة البريطانية تحت رقم (١٣٧)، وتتألّف من
1 / 11