209

وبرز بعد ذلك الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين بن الإمام أحمد بن يحيى المرتضى وكانت دعوته عليه السلام في ظفير حجة سنة 912ه جدد في قيامه الآثار الدينية، ونعش الحقوق الربانية، بعلم علا على الرؤوس، وهمة أعلى من الدهر، قام عليه السلام بأمر الدعوة ووقعت بينه وبين آخر ملوك بني طاهر عامر بن عبدالوهاب الكثير من الوقعات، وذلك أن عامرا لما علا سلطانه شدد من وطأته وقسوته على من تحته من بلاد الزيدية وأنزل بهم المصائب، ثم كان دخول الجراكسة اليمن وأزالوا الدولة الطاهرية، ولم يبق غير عامر بن داود في عدن، والجراكسة من المماليك جاءوا من مصر في حكم قانصوة الغوري، وعاثوا في صنعاء فسادا، وقتلوا أهلها، فنهض الإمام لمحاربتهم.. ودخل صنعاء سنة 923ه، ثم جاءت هزيمة قانصوة الغوري على أيدي العثمانيين في مصر، فحرر الإمام شرف الدين في حكمهم ثم غزا العثمانيون اليمن. سنة 945ه فقاومهم الإمام شرف الدين أكبر مقاومة، وكان يساعده القائد المحنك، وأشهر قائد عرفته اليمن (ولده المطهر) الذي دوخ وأربك الأتراك، وجعل من حصن ثلاء قاعدة عسكرية طحن فيها الأتراك، وذوبهم كما يذوب الملح في الطعام، وأخضع الملوك والأمراء لمبدأ الحق والعدالة.

وقد كان لجهادهما ذلك الأثر الكبير في حفظ اليمن من أطماع الغزاة الطامعين في خيراتها، وفي عهده عم الخير والبركة على أرض اليمن، وتحققت العدالة الإجتماعية التي افتقدوها، وانتشرت مدارس العلم، ورغب الإمام في طلبة، وأكرم طلبته وبنى المساجد والمدارس وغيرها من المصالح العامة، ومنها مسجد المدرسة بصنعاء، ومدرسة ذمار، وكوكبان، وثلاء وأثر المذهب بالمؤلفات العديدة ومنها الأنوار الثاقبة، والأنظار الصائبة، والأثمار تهذيب الأزهار وقربهم. وقد تحدث الكثير عن فضله وجهاده عليه السلام وما تحقق لليمن في عهده.

Sayfa 210